روسيا تعطي النظام ” الدواء المر ” .. و عقبات قبل ” جنيف – 3 “
تتصارع الحكومة السورية وحلفاؤها من جهة والمعارضة وأصدقاؤها من جهة ثانية على فرض تفسيرها للقرار ٢٢٥٤ مع الاستعداد لبدء المفاوضات بين الطرفين برعاية دولية في جنيف. ويتمسك النظام برفض إعطاء المعارضة في السياسة «ما عجزت عنه في المعارك»، في حين تعتصم الهيئة التفاوضية العليا في الرياض بمرجعية المؤتمر الموسع للمعارضة و»تشكيل هيئة انتقالية بصلاحيات تنفيذية كاملة». لكن الجديد، هو قلق دمشق من سعي موسكو لإعطاء النظام «الدواء المر» في شكل متدرج بعد نجاح روسيا في الضغط على الحكومة في أكثر من ملف عملياتي وسياسي.
وتبدأ الهيئة العليا للمفاوضات برئاسة منسقها العام رياض حجاب اجتماعاً في الرياض اليوم على أن يلتقي المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا الاثنين أو الثلثاء بأعضائها الـ ٣٤. ولم يعرف ما إذا كان ممثل «أحرار الشام الإسلامية» لبيب نحاس سيشارك في اللقاء الجماعي. وبعدما كان برنامج دي ميستورا تضمن الذهاب إلى دمشق الأربعاء، تجري اتصالات لتأجيله إلى الأحد المقبل، ضمن جولة تشمل دولاً إقليمية فاعلة في الملف السوري.
ويتطلع فريق دي ميتسورا إلى مؤازرة دولية – إقليمية لحل «عقد» إجرائية قبل الدخول في مضمون المفاوضات. وتتعلق «العقدة» الأولى بتشكيل الوفد المعارض. إذ أن الهيئة أعدت قائمة من ١٥ عضواً أصيلاً في الوفد المفاوض و١٥ «احتياطياً» إضافة إلى عشرة خبراء. لكن القرار ٢٢٥٤ أشار إلى ضرورة ضم ممثلي مؤتمر القاهرة وموسكو إلى الوفد المعارض، حيث تقترح موسكو ضم رئيس «الاتحاد الديموقراطي» صالح مسلم والرئيس المشترك لـ «المجلس السوري الديموقراطي» هيثم مناع ورئيس «الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير» قدري جميل. وتتمسك الهيئة التفاوضية العليا بمرجعية مؤتمر الرياض، خصوصاً أن عدداً كبيراً من أعضاء مؤتمري القاهرة وموسكو حضروا مؤتمر الرياض الذي ضم ١١٦ عضواً، إضافة إلى أن مناع دعي رسمياً ولم يأت وإلى وجود «فيتو» من «الائتلاف الوطني السوري» وأنقرة ضد مشاركة مسلم الذي تتلقي «وحدات حماية الشعب الكردي» التابعة لتكتله دعماً عسكرياً وأمنياً وجوياً من أميركا.
وتتعلق «العقدة» الثانية بوجود الفصائل المقاتلة. إذ أن موسكو ودمشق أبلغتا دي ميستورا أن الحكومة السورية لن تشارك في المفاوضات إذا حضر ممثلو «جيش الإسلام» و «أحرار الشام»، بل أن مسؤولين سوريين ذهبوا في الاجتماعات المغلقة إلى حدود أبعد عندما قال أحدهم أن «الحكومة لن تشارك إذا حضر المسلحون». وعندما سمع المسؤولون السوريون قولاً دولياً بأن النظام يقول أنه «لن يتفاوض مع المعارضة الخارجية لأنها لا تمثل شيئاً، بل أنه سيتحدث مع من يملك الكلمة على الأرض» يأتي الرد أن «الخيار الوحيد أمام هؤلاء هو المصالحات المحلية وتسوية أوضاعهم والعودة إلى حضن الوطن».
يعني هذا عملياً، أن دمشق لا تريد أن تتعاطي مع قادة الفصائل المقاتلة وممثليهم على أنهم قادة سياسيون لهم مطالب سياسية، بل أنهم «مسلحون تتم تسوية أوضاعهم بتسليمهم السلاح والعودة إلى كنف الدولة». استطراداً، يعتقد مسؤولون غربيون أن أحد الأسباب الرئيسية لاغتيال قائد «جيش الإسلام» زهران علوش هو تحوله إلى «قائد سياسي وعسكري خصوصاً بعد مشاركة ممثليه في مؤتمر الرياض، وهذا مرفوض من دمشق وموسكو».
في المقابل، تصر الهيئة التفاوضية المعارضة على حق «جيش الإسلام» و «أحرار الشام» في حضور المفاوضات بموجب تفويض مؤتمر الرياض. إذ أن الهيئة تضم ١١ ممثلاً للفصائل المقاتلة، إضافة إلى وجود أربعة في الفريق المفاوضات باعتبار أن المفاوضات التي تقترحها الأمم المتحدة تتناول أموراً تخص وقف النار وإدخال المساعدات الإنسانية. كما أن الهيئة تتخوف من «نسف» وفد المعارضة بإضافة شخصيات لها أولويات مختلفة عن مرجعية مؤتمر الرياض وأن «بعض الشخصيات أقرب إلى النظام» ما يعقد الانسجام في وفد المعارضة ويسهل «اختراق» موقفه من قبل وفد الحكومة. يضاف إلى كل ذلك، أن هيئة المعارضة لن تقدم رسمياً أسماء وفدها قبل معرفة الوفد الآخر خصوصاً بعد تسرب أنباء عن وجود «شخصيات مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية والأوروبية» مع التأكد من أن دي ميستورا لن يتدخل في تشكيل الوفد، فيما ترفض الحكومة تقديم وفدها قبل تسلم أسماء الوفد المعارض.
هنا، يحمل دي ميستورا في ذهنه إلى الرياض ودمشق وعواصم أخرى بعض المقترحات لحل «العقد» الإجرائية، مثل أن تجري «مفاوضات موازية» أو ضم ملحق للوفد المفاوض يضم قوى مجتمع مدني وفصائل عسكرية و «الخط الثالث» لإيصال صوتهم إلى المفاوضات التي قد يرجئ موعدها المقرر في ٢٥ الجاري إلى نهاية الشهر أو بداية شباط (فبراير) المقبل.
هذا إجرائياً أما في المضمون، فإن صراعاً خفياً يجري حول تفسير القرار ٢٢٥٤ الذي يشكل مع «بيان جنيف» و القرار 2118 مرجعية المفاوضات. بالنسبة إلى الهيئة المعارضة، فان بيان مؤتمر الرياض هو المرجعية من أن الحل «سياسي بالدرجة الأولى مع ضرورة توفير ضمانات دولية وأن عملية الانتقال السياسي في سورية هي مسؤولية السوريين ومساندة المجتمع الدولي بما لا يتعارض مع السيادة الوطنية وفي ظل شرعية منتخبة» وأنهم «اتفقوا على أن هدف التسوية السياسية هو تأسيس نظام (دولة) سياسي جديد من دون أن يكون (للرئيس) بشار الأسد وزمرته (وأركان النظام) مكان فيه»، إضافة إلى «الدخول في مفاوضات مع ممثلي النظام ذلك استناداً إلى بيان جنيف» وربط تنحي الأسد بتشكيل «مؤسسات الحكم الانتقالية».
لكن المشهد مختلف تماماً في دمشق. بحسب المعلومات الآتية من العاصمة، فإن النظام يرى «الأولوية في محاربة الإرهاب واستعادة السيطرة على الأراضي» قبل بدء العملية السياسية (وليس الانتقالية)، لذلك يقترح «تعميم» نموذج تسويات الزبداني وحي الوعر وأطراف دمشق في مناطق أخرى. وآخر التطبيقات العملية ما يجري «فرضه» في معضمية الشام جنوب غربي دمشق عبر «فرض حصار قاس وقصف عنيف لإخضاع مقاتلي المعارضة وتجويع الأهالي وتكرار نموذج الزبداني»، بحسب مسؤول غربي.
سياسياً، فان «المبدأ» الذي تعتصم به دمشق، هو «أننا لن تعطيكم بالسياسة ما عجزتم عن تحقيقه في المعارك». لذلك، فان «الحل السياسي» الذي يقترحه النظام هو مفاوضات مع «المعارضة الوطنية» برعاية دولية في جنيف من دون مشاركة «المسلحين» و «عملاء الخارج» للوصول إلى تشكيل «حكومة وحدة وطنية» من دون أي برنامج زمني ومن دون توقف العمليات العسكرية والهجومية، على أن تشكل هذه الحكومة «بموجب الدستور الحالي» للعام ٢٠١٢ «كي لا يحصل فراغ دستوري» بحيث تؤدي هذه الحكومة اليمين القانونية أمام الرئيس الأسد، ثم تعكف على صوغ دستور جديد يطرح للاستفتاء العام في البلاد.
أما الانتخابات، التي لم يحددها القرار ٢٢٥٤ برلمانية أم رئاسية، فان تفسير النظام لها، هي انتخابات برلمانية، بحيث تجرى هذه الانتخابات البرلمانية في نهاية العملية السياسية بعد ١٨ شهراً من مرونة زمنية. كما يستعد وفد الحكومة إلى خوض «جدل تفصيلي» إزاء من يحق له التصويت في هذه الانتخابات استناداً إلى أن «دولاً غربية لم تسمح للسوريين في المهجر المشاركة في انتخابات الرئاسة في ٢٠١٤»، ذلك بهدف تفريغ العبارة التي وردت في القرار الدولي إزاء مشاركة السوريين في الشتات في هذه الانتخابات التي ستجرى بإدارة ورقابة الأمم المتحدة.
والانتخابات الرئاسية، بحسب دمشق، فإنها ستجرى في موعدها في نهاية الولاية الرئاسية للأسد في العام ٢٠٢١. و»المرونة» التي يمكن أن تستجيب لها دمشق، هي في البحث في إمكانية تقريب موعد الانتخابات الرئاسية إلى العام ٢٠١٩. وكان وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أقنع نظيره الأميركي جون كيري بإزالة عبارة «رئاسية» من الانتخابات المأمولة في بيان «المجموعة الدولية لدعم سورية» في ١٤ تشرين الثاني (نوفمبر) على أساس قناعته أن «السوريين سيحددون طبيعة النظام السياسي في دستورهم الجديد، بحيث أنه يمكن أن ينتخب السوريون رئيسهم في البرلمان وليس في شكل مباشر».
الفجوة كبيرة بين التفسيرين للقرار ٢٢٥٤ عشية انعقاد المفاوضات في جنيف نهاية الشهر الجاري أو بداية الشهر المقبل، أي بعد مضي عامين على الجلستين الأخيرتين من المفاوضات في «جنيف-٢». لكن الذي تغير هو أن القرار الدولي هو خلاصة تفاهمات ١٧ دولة وثلاث منظمات في عملية فيينا، بمشاركة اللاعبين الفاعلين الدوليين والإقليميين بقرار دولي، على عكس ما كانت عليه الحال في «بيان جنيف». يأتي في مقدم ذلك هو الرعاية الأميركية – الروسية لهذه التفاهمات.
وبدا هذا واضحاً في مدى تأثير روسيا على سلوك النظام وانطباعاته في الأيام الأخيرة. إذ قال مسؤول سوري في جلسة أن الروس «يعطونا الدواء المر تدرجياً». و»الدواء المر» هنا هو «الحل السياسي» بحسب تفسير موسكو، في حين قال سفير أوروبي مقيم في دمشق: «كان النظام يأخذ كل شيء من روسيا عدا النصيحة. الآن، بات يأخذ النصيحة التي تخدمه». التحدي القادم، هو أن يقبل النظام «نصيحة» روسية تتعلق بمصالح موسكو والتفاهمات مع واشنطن… وإن كانت لا تخدم بعض شخصياته.
وكان مسؤول روسي قال في جلسة مغلقة قبل أيام: «النظام كان لا يرد علينا سابقاً، أما الآن (بعد التدخل العسكري) لم يعد بإمكانه أن لا يرد علينا». وقناعة السفير الأوروبي في تغيير التأثير الروسي تستند إلى أمور عملياتية وسياسية، كان بينها مثلاً إطلاق سراح عضوي الهيئة المعارضة أحمد عسراوي ومنير بيطار بعد تدخل من السفارة الروسية بعد ساعات من اعتقالهما وهما في طريقهما إلى الرياض. كما أن السفارة الروسية باتت تنظم العمليات العسكرية لحماية اتفاقات هدنة نفذتها الأمم المتحدة مثل إجلاء ٣٠٠ مقاتل من حي الوعر في حمص إلى ريف إدلب وإجلاء ٤٩ جريحاً و٧٧ من أسرهم من الزبداني وجوارها إلى حدود لبنان. كما أن الثابت أن غارة روسية قتلت قائد «جيش الإسلام»، فيما يروج مقربون من دمشق أنه قتل بغارة سورية لاحتواء الحرج من عمق التدخل الروسي.
ابراهيم حميدي – الحياة[ads3]
الروس معروفون بحلولهم نفس هذا سينارية تماما حصل في افغانستان و كأن من رسم السيناريو شخص واحد اذكر وقتها قوات روسية قتلت الرئيس الافغاني السابق
على الرغم من اجرام روسيا ضد الشعب السوري ولكن صدمة النظام السوري من تصرفات روسيا هي اكبر مخاوفه لان كل ما تفعله روسيا الان سوف يذكر التاريخ ان النظام السوري هو من اعطى الاوامر لروسيا بالقتل والتدمير لذلك نرى ان روسيا لا يهمها شيئ وحتى النظام اصبح لا يستطيع ان يتصرف من روسيا وترسانتها الكبيرة لانه يخشى من اي اتفاق مفاجئ من حليفه الروسي الذي اصبح المسيطر على كل شيئ وممكن بكثر من الاحوال ان تقوم روسيا بليلة وضحاها بعمل يقلب الموازين ضد النظام رأسا على عقب