قراءة في ” الاتفاقية ” الروسية مع الأسد
ليس تفصيلاً، ولا هو أمر عادي في هذه الفترة بالذات، أن يعمد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى توقيع اتفاقية عسكرية مع رئيس النظام السوري بشار الأسد. ففي كلام بوتين نفسه، غداة إرسال قواته إلى سورية في 30 أيلول (سبتمبر) الماضي، أن مهمتها الأساسية هي محاولة إنقاذ هذا النظام من السقوط، بل حتى أن شعار محاربة الإرهاب لم يكن إلا ذريعة للتغطية على هذا الهدف.
إذاً، فلهذه الاتفاقية عنوان واحد لا غير: إنقاذ نظام الأسد، إن لم يكن إنقاذ الشخص تحديداً. أما في التفاصيل، حيث النص في الاتفاقية على أن مدة بقاء القوات الروسية مفتوحة «لأمد غير محدد»، وأنه «في حال رغب أحد الجانبين في إنهاء العمل بأحكامها، يتوجب عليه إبلاغ الجانب الآخر خطياً… لكي يسري إنهاء العمل بعد مرور عام كامل على تلقي الإشعار الخطي»، فلا حاجة إلى القول أن لذلك أهدافاً سياسية وحتى استراتيجية كبرى. وفي الحال السورية الراهنة، بخاصة إذا ما أضيفت سنوات أخرى في عمر النظام، يكون «انتداب» القوات الروسية على سورية، أرضاً وشعباً ودولة، مرتبطاً بشخصين فقط لا غير: فلاديمير بوتين وبشار الأسد.
لكن، هل هو «انتداب» فقط؟ الواقع أنه يبدو أبعد من ذلك، وقد يرقى إلى مستوى «احتلال»، وإن لجزء من الأرض فضلاً عن احتلال الأجواء والمياه الإقليمية، إذا ما نظر إليه من زاوية أن أحد الموقعين عليه (الأسد) يقمع ثورة شعبية مستمرة ضده منذ قرابة خمس سنوات وقد قتل من شعبه مئات الآلاف وشرد الملايين. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية، فلأن تعبير الانتداب (mandate) في حد ذاته له علاقة بالقانون الدولي، كما كانت حال الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان مطلع القرن الماضي، والذي تم بقرار من «عصبة الأمم»، بغض النظر عن أحقية هذا القرار أو موقف الشعب السوري منه.
أكثر من ذلك، فإذا كان «ممثلو هياكل السلطة السورية لا يحق لهم دخول أماكن انتشار المجموعات الجوية الروسية من دون موافقة قائدها»، كما نصت الاتفاقية التي نشرها موقع «العربية.نت»، وكانت هذه المجموعات تمتلك «جميع الحصانات التي تمنع محاكمة أفرادها أو اعتقالهم أو استجوابهم»… أو حتى تفتيشهم من جانب الأجهزة الأمنية أو الجمركية السورية، فإن ما أرادته موسكو منها يكون أبعد من الأحكام الواردة في الاتفاقية، وحتى من العنوان المعلن أيضاً (إنقاذ نظام الأسد من السقوط) إياه.
يؤكد ذلك، مباشرة أو في شكل ضمني، عدد من الوقائع التي كشفتها نصوص الاتفاقية كما يأتي:
أولاً، إن التوقيع على الاتفاقية تم في 26 آب (أغسطس) 2015، أي قبل أكثر من شهر من الكشف عن وصول الطائرات والمعدات الروسية إلى طرطوس، والقول أن هدفها حماية النظام ومكافحة الإرهاب… وأنها (لمن يمكن أن يعترض؟!) تمت تنفيذاً لـ «معاهدة الصداقة والتعاون» المعقودة بين الاتحاد السوفياتي السابق وسورية في 8 تشرين الأول (أكتوبر) 1980.
وفي ما يعنيه ذلك، من ضمن معانٍ أخرى، أن الاتفاقية الجديدة ستستمر لعقود كما هي حال معاهدة 1980.
ثانياً، إن مواقع العمل هي «المنشآت والعقارات الواقعة في أماكن انتشار المجموعات الجوية الروسية وبينها المباني وملحقاتها وكل المنشآت الأخرى القائمة على الأراضي… التي يتم تسليمها إلى الجانب الروسي، أو التي تقع أصلاً في ملكية روسيا الاتحادية».
واللافت هنا، ليس فقط الكلام عن منشآت وعقارات ومبانٍ وملحقاتها إلخ… إنما أيضاً عما «تقع أصلاً في ملكية روسيا الاتحادية»، بما قد يعني احتمال بيع أو تمليك أراض جديدة لروسيا، فضلاً عن عدم تعيينها أو تحديد مساحاتها.
ثالثاً، على عكس المتعارف عليه دولياً، كما هي الحال بالنسبة للقواعد العسكرية التي تقيمها دولة ما على أراضي دولة أخرى، تنص الاتفاقية على ألا تدفع أي أموال كبدل إيجار على سبيل المثل. وقد ورد ذلك حرفياً في شأن مطار حميميم (ريف اللاذقية) الذي يستخدم «بكل منشآته التحتية وملحقاته وكذلك الأراضي اللازمة لتنفيذ المهمات التي يتفق عليها فيه من دون أي مقابل».
رابعاً، إن واقع أن ما وصف بـ «إدارة وتنظيم نشاط وعمل المجموعات الجوية الروسية» تتم بتخطيط وإقرار من الجانب الروسي الذي يقوم بـ «إشعار الجانب السوري»، يكشف في الواقع طبيعة الاتفاقية وكونها تقيم «دولة روسية» ضمن الدولة السورية. في الوقت ذاته، تقدم إحدى المواد الدولة الأخيرة في صورة من يتحمل الغرم، كل الغرم، عندما يتعلق الأمر بأطراف ثالثة يمكن أن تتضرر نتيجة أعمال الدولة الأولى. تقول المادة المشار إليها في هذا المجال: «تأخذ الجمهورية العربية السورية على عاتقها تسوية أي مطالبات أو شكاوى يمكن أن ترفعها أطراف ثالثة إذا ما تعرضت لأضرار بسبب نشاطات المجموعات الجوية الروسية في سورية».
وفي الأمرين منتهى التسليم السوري بسلطة «الاحتلال»: أولاً، لجهة أخذ العلم فقط، وبعد التنفيذ، بما تقوم به القوات الروسية. ثانياً، تحمل تبعات هذه الأعمال أمام العالم الخارجي ودول الجوار.
ويجوز الظن أن لا مثيل لذلك في العلاقات بين دول العالم. وقد يكون مفيداً في هذا الصدد التذكير بأن تركيا رفضت استخدام قاعدة إنجرليك الأطلسية (وتركيا عضو في الحلف) القائمة على أراضيها للإغارة على العراق أثناء غزوه عام 2001، وأن الولايات المتحدة (وليس اليابان مثلاً أو كوريا) هي التي دفعت تعويضات لفييتنام عن الخسائر التي ألحقتها بها مقاتلاتها التي كانت تنطلق من البلدين للإغارة على فنوم بنه.
في أي حال، يبدو جلياً أن في الاتفاقية، كما في القصف الروسي المتعمد للثوار، ما يؤكد أن أهداف بوتين في سورية (أوكرانيا ثانية في الشرق الأسط) تتعدى كل ما قاله من قبل ومن بعد في هذا الشأن.
لكن، فيها ما هو أفدح من ذلك: استعداد بشار الأسد لبيع كل شيء من أجل البقاء في السلطة… من لواء الاسكندرون، إلى القاعدة البحرية في طرطوس، إلى القاعدة الجوية في ريف اللاذقية وغيرها من المواقع، حتى لا نتحدث عن تسليم سورية كلها إلى «الولي الفقيه» في إيران.
محمد مشموشي – الحياة[ads3]
وليكن.. الاحتلال الروسي أرحم من الاحتلال العلوي الأسدي..خاصة و أن العرب و الغرب تخلوا عنا و حتى الله يبدو أنه تخلى عنا أيضا..
الله جعلوا يا خدك بحق هالصباح يا ملحد نصيري
الله يمهل ولا يهمل
فعلاً الوريث القاصر، والله لن تنفعك لا روسيا ولا ايران ولا أحد، غير الشعب السوري لن ينفعك أحد وأنت بعت الشعب والبلد للمجهول، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، وشر الناس من يضيع من يعيل.
لعنة الله على الأسد من الجد للوالد للولد النجس المعتوه بشار
لن تنفعك روسيا كما لم ينفعوك حزب اللات و إيران
لماذا لا تناقشون الاوامر الغربية التركية للمعارضين و الاتفاقيات التي فرضت عليهم ..و هم لا يملكون حتى مجرد قول نعم ..فقط يقولون حاضر و يس !!!!
إنه قانون الوراثة الذي يقول بأن الخيانة في سلالة الأهبلوف تنتقل عن طريق النطاف وأراهن بأننا لو قرأنا بنود اتفاقية وقف إطلاق النار وفصل القوات مع إسرائيل سنة 74 سنجد بأن الاتفاقية المذلة الحالية مع الروس والتي باع فيها سوريا للروس تعتبر اتفاقية(مقاومة وممانعة) بكل المقاييس إذا تمت مقارنتها بالاتفاقية التي وقعها المقبور حافييييييييظ.