هل سمحت الأمم المتحدة للأسد بتغيير تقريرها عن الحرب في سوريا ؟
بعد الوثيقة التي سربت في وقت سابق هذا الشهر من مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في دمشق، وأظهرت أن المنظمة الدولية كانت على علم بمجاعة في مضايا منذ أشهر، وأنها لم تتحرك للضغط لإرسال مساعدات إلا عندما بدأت صور الأطفال الذين يعانون سوء التغذية بالظهور في وسائل الإعلام، نشرت مجلة “الفورين بوليسي” أمس أن مسؤولين في الامم المتحدة أتاحوا للنظام السوري تغيير خطتهم للاغاثة في سوريا وحذف اشارات الى حصار مدن وبرنامج تنظيف الغام، الامر الذي قلل حدة الانتهاكات التي يرتكبها النظام السوري في حق القانون الدولي.
ويتزامن تقرير المجلة الاميركية مع تصريح المندوبة الاميركية الدائمة في مجلس الامن سامنتا باور بأن النظام السوري مسؤول عن منع الوصول الى 15 من المناطق ال 18 المحاصرة.كما يأتي وقت تشير تقارير المنظمات الانسانية العاملة في سوريا أن الازمة في مضايا لم تنته بعد.
أرقام الامم المتحدة تكشف كابوساً انسانياً مخيفاً في سوريا، مع 13,6 مليون شخص بحاجة الى مساعدة انسانية ، ونزوح 50 عائلة تقريباً في الساعة، ووجود مليون شخص في المخيمات لا يحصلون على أية مساعدات دولية.
ومع ذلك، تنقل المجلة الاميركية عن اشخاص اطلعوا من كثب على “خطة الامم المتحدة للرد الانساني” التي نشرت في 29 كانون الاول الماضي، أن المنظمة الدولية، وبعد التشاور مع الحكومة السورية غيّرت عشرات المقاطع الواردة في الخطة وحذفت أخرى لاظهار الحكومة السورية بصورة أفضل.
فمقارنة مع الوثيقة الاولى، حذفت عشر اشارات الى مناطق “محاصرة” أو “مطوّقة”، على غرار ما يحصل في مضايا حيث قضى 23 شخصا جوعاً خلال أشهر قبل دخول قافلة مساعدات انسانية تابعة للأمم المتحدة منتصف كانون الثاني الجاري.
كذلك، حذفت من التقرير اية اشارة الى برنامج تنظيف الالغام والعبوات غير المنفجرة، على غرار “البراميل المتفجرة”، كما الى جماعات الاغاثة السورية التي تنقل المساعدات الى مدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.
الامم المتحدة
مكتب تنسيق الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة أوضح أن التغييرات حصلت بناء على توصية من الحكومة السورية.
وصرحت الناطقة باسمه ليندا طوم “انه اجراء عادي في أية دولة أن تتشاور الامم المتحدة مع الحكومة”.
وأكدت كبيرة الناطقين باسم المكتب أماندا بيت هذه النقطة، قائلة :”أعتقد أنه حصل بالتشاور مع عدد من الشركاء، بينهم الحكومة، في اجراء عادي”.
5 منظمات انسانية
وفي المقابل، أخذت خمس منظمات انسانية على الامم المتحدة تكريسها “سابقة غير مقبولة” بالتفاوض على كتابة التقرير مع الحكومة السورية.وقالت هذه المنظمات في رسالة مؤرخة في 30 كانون الاول أن حذف الاشارات الى مناطق مطوّقة “تقلل حدة الانتهاكات” للقانون الدولي من نظام بشار الاسد، وازالة الاشارات الى تنظيف الالغام هو اقرار ضمني لموقف الحكومة السورية بأن اجراء كهذا يشكل عملا عسكريا.
ويعتقد بعض عمال الاغاثة أن استعداد الامم المتحدة للسير في نهج الحكومة السورية سببه خوف المنظمة من طردها من دمشق.
وفي رسالة أخرى مؤرخة في 13 كانون الثاني الجاري، شكا 112 عامل اغاثة في مناطق تحاصرها الحكومة من أن الموظفين في مكتب الامم المتحدة في دمشق “هم اما مقربون جدا من النظام وإما خائفون جدا من سحب تأشيراتهم من السلطات نفسها التي تحاصرنا”.
ووجهت الرسالتان الى وكيل الامين العام للامم المتحدة لمنسق الشؤون الانسانية والاغاثة الطارئة ستيفن أوبراين الذي رد في 17 كانون الثاني في رسالة الى “أعضاء المجتمع المدني السوري”، مؤكدا أن “الامم المتحدة ليست مقربة من اي فريق”، وأنها لا تعمل بطريقة تشجع تكتيكات الحصار”.
وتكتسب هذه التقارير أهمية خصوصا أن أزمة مضايا لم تنته بعد.فعلى رغم سماح الحكومة السورية لوكالات الامم المتحدة بادخال مواد غذائية ومواد طبية بدءا من 11 كانون الثاني الجاري، يقول موظفو اغاثة إن النظام “وحزب الله” لا يزالان يمنعان اجلاء مئات الاشخاص الذين يعانون سوء تغذية وتتطلب أحوالهم نقلهم الى المستشفيات.كذلك، قيد الجانبان ادخال الوقود، ولم يسمحوا الا بمرور جزء مما خصصته الامم المتحدة للمدينة.
وكانت وثيقة نشرتها المجلة نفسها في 17 الشهر الجاري كشفت ان الأمم المتحدة علمت بمجاعة مضايا منذ اشهر، ولم تتحرك للضغط لإرسال مساعدات إلى هناك، إلا عندما بدأت صور الأطفال الذين يعانون سوء التغذية بالظهور في وسائل الإعلام. (النهار اللبنانية)[ads3]