كلمة لاجئ الأكثر استخداماً في ألمانيا

تحضّر كريستينا أسئلتها مع زميلتها التي تحاول جاهدة إيجاد مترجم إلى اللغة العربية يجيد «نقل» الأسئلة التي كتبتها في استمارتها الخاصة عن ثقافة الترحيب، لمعرفة وضع اللاجئين الجدد وانطباعاتهم في مدينتها. فلقد حازت كلمة لاجئ خلال العام الماضي في ألمانيا، أكبر نسبة استخدام. فاللجوء وثقافة الترحيب أصبحا في ألمانيا كلمات تتكرر في كل جلسة وفي كل يوم بين الكبار والصغار والموظفين والعاطلين من العمل. حتى أصبحت المشاريع الخاصة بالاندماج موجودة على سطح كل مكتب وفي كل قطاع وفي كل مدرسة.

ويعتبر مشروع كريستينا وزميلتها من ضمن مئات المشاريع التي يقـوم بها مراهقون وفتيان لفهم موضوع الاندماج وثقافة الترحيب.

تتضمّن استمارة كريستينا أسئلة موجّهة إلى لاجئ من نوع كيف وجدت الوضع في ألمانيا؟ ماذا تفتقد هنا؟ هل ساعدك المواطنون الألمان في بداية الطريق، هل لا تزال تحتفل بالمناسبات الدينية الخاصة بك؟ وإلى ما هنالك من أسئلة بحثية.

أما مشروع الأطفال توماس وهـــنري وجـونز فهو إذاعي إعلامي، يتمحور حول تعدّد الثقافات في ألمانيا، وكيف يمكنها أن تتجاور أو تتآلف، أو تتعايش في سلام.

يركّز الأطفال أسئلتهم على ما يشعر به الغريب هنا وكيف ذلك؟ وما هي الصعاب التي يجدها، وما هي الأمور الجميلة التي يراها في ألمانيا؟

لكن هذا لا يعني أن الأطفال أنفسهم حسموا أمرهم تجاه اللاجئين الجدد. إذ تتنوّع آراؤهم بين الرفض أو الإيجابية أو الحياد، حتى بين من يعمل منهم على مشاريع من هذا النوع، فالخوض فيها يأخذ منحى الوظيفة المدرسية.
توضح المدرّسة المشرفة على مشروع دور المدرسة في محاربة العنصرية وكراهية الأجانب، أن تأثير»المدرسة في محاربة التعصّب جد ضئيل للأسف. ففي الدرجة الأولى، التربية المنزلية هي الأساس في أن يكون الطفل متعصّباً أو منفتحاً. ونحن في المدرسة مهما حاولنا التأثير، نسعى الى ألا نخلق شرخاً بين توجّه المدرسة لمحاربة النزعات العنصرية وبين التربية المنزلية».

وتقول زميلة لها، أن «المشكلة الأساسية هي في وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تلعب الدور الأساس في بناء توجهات الأطفال وآرائهم»، وتضيف: «يحاول بعض الأطفال إشراكي في ما يقرأون من تعليقات مسيئة للاجئين على صفحات فايسبوك، فأقول لهم لا أريد أن أرى هذه القاذورات. لقد أفقدتنا وسائل الاتصال السيطرة كلياً على العملية التربوية، ونحن الآن في أمسّ الحاجة إلى حسم أمرنا تجاه هذه الوسائل، وما تحمل من فكر نازي وما تحاول أن تنشره بين الأطفال».

ويركّز كثر على أن ما ينشر على صفحات «فايسبوك»، خصوصاً ما يتعلّق بقضية اللاجئين السوريين، لأنه الأكثر تأثيراً، لكن بعضهم يرى أن توجّهات الأهل الأساسية هي الأهم. فأولاد النازيين الجدد وعدد منهم في سن صغيرة، يرافقون أهلهم إلى مقرات الحزب، ويستمعون إلى آرائهم المغرضة في الكراهية. فتعزز لدى الأطفال توجهات سياسية تواكب توجهات الأهل. ويصبح الأمر أشد صعوبة في ما يخص موضوع التحريض على الأجانب والكراهية ورفض اللاجئين، لأنه يركّز على خطاب عنيف، وهو أمر مرفوض على الصعيد الرسمي. فتربية الطفل يجب أن تبتعد كلياً من العنف، سواء اللفظي أو الجسدي.

من جهة أخرى، يلاحظ أن الأطفال في مرحلة الحضانة أو المدرسة المبكرة لا يعانون من عملية الاندماج والاختلاط، كما يعاني الفتية والفتيات في سن متأخرة قليلاً.

ويعلّق هنري، أحد الفتية المشاركين في إعداد البرنامج الإذاعي، بالقول: «لدي موقف حاسم من قضية اللاجئين، فأنا معهم. أما زميلتي سابينا فهي غبية للغاية وتتحدّث بعنصرية، وقد عجزت عن إقناعها بوجهة نظري».

وتلفت المدرّسة، مديرة المشروع، إلى أن هناك أطفالاً «مهما حاولنا إقناعهم لا يقتنعون بشيء مما نقوله. علينا محاربة الأفكار العنصرية، لكننا نجد أحياناً أنفسنا أننا عاجزون».

وتبدو العنصرية لكثر كأنها مرض العصر الذي على ألمانيا أن تبتلي به. وفي هذا الصدد، تجري مراكز الأبحاث والدراسات أبحاثاً جديدة لقياس مدى التعصّب الموجود عند الألمان، وهل هو فعلاً واسع الانتشار أم محدود.
ويشكّل التعصّب والأفكار النازية رعباً حقيقياً لمن عاش الحرب العالمية الثانية. لكن هناك آراء تؤكد أن على المجتمع الألماني العمل جيلاً بعد جيلاً وفي شكل دائم، لانتزاع أي سلوك أو ميل نازي أو تعصّبي. لذا تركّز المدارس عملها في وقت الأزمات كما هي الحال الآن مع موجات اللاجئين. (صحيفة الحياة)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها