فلتخرج قوات التحالف من ” إنجيرليك ” و ليحل اللاجئون السوريون محلها !
بالأمس استضافت تركيا المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل للمرة الثانية خلال فترة قصيرة. وكان موضوع الزيارة هذه المرة أيضاً، هو اللاجئين السوريين المتجمعين بمئات الآلاف على الحدود الأوروبية.
وقع الاتحاد الأوروبي اتفاقية مع تركيا بهدف وقف موجات الهجرة غير المنظمة الى أراضيه. بموجب هذه الاتفاقية يدفع الاتحاد الأوروبي لتركيا ثلاثة مليارات يورو مساعدات مالية للاجئين. ثلاث مليارات لا تعد شيئاً يذكر الى جانب الأموال التي أنفقتها تركيا على 2.7 مليون لاجئ تستضيفهم بأرضها. إذ أنفقت تركيا على اللاجئين لديها 9 مليار دولار. وعلى الرغم من ذلك اعترضت بعض الدول الأوروبية على تقديم مساعدات مالية من أجل اللاجئين، الى أن تمت الموافقة على الاتفاقية الأسبوع الماضي بعد أن اقتنعت إيطاليا.
لا يزال أمام تركيا متسع من الوقت لتفكر أكثر قبل وضع النقاط النهائية لهذه الاتفاقية. فالاتحاد الأوروبي يسعى من وراء تلك الاتفاقية الى الحيلولة دون التعرض لأضرار أكثر جراء النار المشتعلة في سوريا. بتعبير آخر : هو لا يحاول إخماد النار المشتعلة في سوريا بل يحاول حماية بيته من النيران التي تلتهم بيت جاره. لذلك فإن هذه الاتفاقية مضرة لكل من تركيا وسوريا على المدى البعيد والمتوسط.
لو أن ألمانيا وفرنسا قاطرتا الاتحاد الأوروبي كانتا قد بادرتا لوقف الحرب الدائرة في سوريا بدلاً من محاولتهما منع اللاجئين السوريين من الوصول لأوروبا لكان الوضع الآن أفضل بكثير. وكان من الممكن أن يؤدي ضغطهما على روسيا وإيران الى تقصير عمر بشار الأسد في السلطة، وكان من الممكن إنهاء الحرب الدائرة منذ خمس سنوات. إلا أنهما لا تعملان من أجل إخماد النار في سوريا بل تحاولان حماية أنفسهما فقط من تلك النار.
تقوم تركيا باستضافة 2.7 مليون لاجئ سوري على الوجه الأمثل. وهي ليست في حاجة الى مساعدة مالية من الاتحاد الأروبي من أجل اللاجئين، لكنها في حاجة الى قوة الاتحاد الأوروبي الدبلوماسية من أجل إنهاء الحرب في سوريا. لذلك يجب إعادة النظر في الاتفاقية مرة أخرى، ويجب أن تظل الأزمة السورية حاضرة بشكل دائم في جدول أعمال الاتحاد الأوروبي. ولهذا فإن مواصلة اللاجئين السوريين لهجرتهم الى أوروبا ستفيد في هذا الأمر.
موضوعنا الأخر هو قاعدة انجيرليك، بولاية آضنه التركية، والتي تم فتحها أمام طائرات التحالف لاستخدامها في الحرب ضد داعش. قبل فتح القاعدة أمام قوات التحالف الدولي وقعت تركيا اتفاقية مع الولايات المتحدة الأمريكية، تقوم تركيا بموجبها بزيادة مساهمتها في التحالف الدولي ضد داعش، وفتح القاعدة لطائرات دول التحالف. إضافة الى ذلك كانت قوات المعارضة السورية ستقوم بعملية لاستعادة مدينة جرابلس من قبضة داعش، وتطهيرها من الإرهابيين. كما يتم تطهير الحدود التركية من داعش. وبذلك كانت تركيا ستتخلص من تهديد داعش على حدودها، كما كانت ستمنع حزب الاتحاد الديمقراطي، -الذي تعتبره أيضاً تنظيماً إرهابياً- من إقامة كانتون جديد بشمال سوريا. وكانت تركيا ستنشيء منطقة آمنة شمالي سوريا وبهذا تحول دون لجوء أعداد أكبر من السوريين الى تركيا.
أظهرت النتائج بعد ذلك أنه تم تطبيق مادة واحدة فقط من مواد الاتفاقية. إذ تم فتح قاعدة إنجيرليك أمام طائرات التحالف، بينما لم تُطبق أي مادة أخرى من مواد الاتفاق.
وقامت طائرات التحالف الدولي بتنفيذ غارات جوية على تنظيم داعش مستخدمة قاعدة إنجيرليك، إلا أنها قللت من عدد غاراتها على مواقع التنظيم شمالي سوريا الى الحد الأدنى، بعد إسقاط تركيا للطائرة الروسية التي انتهكت مجالها الجوي. إضافة الى ذلك لا يتم تقديم الدعم الكافي للمعارضة السورية في عمليتها العسكرية التي حاولت تنفيذها ضد داعش بمدينة جرابلس. بل على العكس يتم تقديم دعم جوي لحزب الاتحاد الديمقراطي. والتقى برت ماكغرك المبعوث الخاص لأوباما الى سوريا بالمتحدث باسم “الاتحاد الديمقراطي” -الذي تعتبره تركيا تنظيماً إرهابياً- في كوباني. وقام بنشر صور اللقاء على حسابه الرسمي.
في الوقت نفسه يتم السكوت على كل الدعم الذي تقدمه كل من روسيا وإيران للأسد مما يعد موافقة ضمنية على هذا الدعم. في الأسبوع الماضي قامت وحدات من جيش نظام الأسد بقطع الممر الواصل بين حلب وتركيا بمساعدة الطائرات الروسية التي استهدفت المدنيين. وباتت حلب مهددة بالسقوط تماماً في يد قوات الأسد. مما دفع نحو 80 ألف سوري لترك وطنهم والنزوح تجاه تركيا. ومن المتوقع أن يزداد هذا العدد الى 300 ألف، وبذلك سيصل عدد السوريين في تركيا الى 3 ملايين.
الخلاصة.. لا الاتحاد الأوروبي ولا الولايات المتحدة الأمريكية يقومان بما يتوجب عليهما من أجل إخماد النار المشتعلة في سوريا. وفي الأسبوع الماضي قال العاهل الأردني الملك عبد الله إن بلاده لن تستيطع الاستمرار أكثر من ذلك في استقبال اللاجئين، موضحاً لأي مدى وصلت أبعاد أزمة اللاجئين في الأردن.
تركيا يمكنها أن تستمر في ذلك وستفعل، إلا أنه يتوجب عليها أن تذكر حلفائها بمسؤولياتهم. وعليها ألا تمنع السوريين من الهجرة الى أوروبا.
من الواضح أن قاعدة إنجيرليك لم تفد بشيء في إخماد النار المشتعلة في سوريا. لذا يجب فتح القاعدة، ليس أمام قوات التحالف الدولي، وإنما أمام اللاجئين الذين خرجوا من حلب في طريقهم للجوء الى تركيا. وبذلك ربما تساهم تلك القاعدة الضخمة في تقديم شيء للسوريين.
يحيى بوسطان – صباح التركية[ads3]
حسبنا الله ونعم الوكيل
على تركيا فتح اللجوء إلى أوروبا من الصينيين حتى تعلم أوروبا أن لدعم الشيعة تبعات