الولايات المتحدة لن تسمح باجتياح بري تركي واسع النطاق في سوريا

سؤال في غاية الأهمية والالحاح تطرحه تركيا هذه الأيام أمام إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بعد الاتهمات التي وجهتها البلاد للميليشيات الكردية السورية التي تدعمها الولايات المتحد بالمسؤولية عن تفجيرات انقرة، هل يقف إلى جانبنا حليف الناتو، ام إلى جانب الأعداء؟ فالميليشيات التي نفت أي دور في التفجيرات تعتبر أهم قوة برية موالية للإدارة الأمريكية في داخل سوريا في الحرب ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»ولكنها، أيضا، تحولت بسرعة إلى عدو للحكومة التركية ومصدر تهديد لأمنها القومي بسبب صلاتها مع جماعة كردية أخرى تقاتل من أجل الحكم الذاتي داخل تركيا.

وعلى نطاق أوسع، تثير هجمات انقرة واتهمات تركيا للميليشيات الكردية الحليفة للولايات المتحدة على حد تعبير «نيويورك تايمز» تساؤلات وشكوكا أكبر حول سياسة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط التي تشهد تحولا تاريخيا يتسم بالعنف وحركات التمرد المختلفة والدول الفاشلة وحروب الوكالة وبانهيار محتمل لحقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية. فالمنطقة تسير نحو تفكك مفزع وصراع معقد في حين تركز الولايات المتحدة على جزء بسيط من المشكلة هو محاولة هزيمة جماعة «الدولة الإسلامية».

وقد أدانت الولايات المتحدة هجوم انقرة وأعلنت دعمها للحليف التركي ولكن بلغة تعكس، أيضا، بدقة الأغراض الأمريكية المحددة في الصراع السوري. حيث قال أكثر من مسؤول في إدارة أوباما ان من السابق لأوانه تحميل قوات الميليشيات الكردية السورية المسؤولية عن الهجوم ولكنهم حذروا في الوقت نفسه الميليشيات من القيام بأي عمل من شأنه تقويض علاقة تركيا مع الولايات المتحدة. ومن الأمثلة على ذلك ما قاله بنيامين رودس نائب مستشار الأمن القومي من ان واشنطن أوضحت بشكل صريح أهمية تحالفها مع تركيا وأهمية عدم انخراط هذه الميليشيات في جهود من شأنها تقويض التركيز على الأهداف المشتركة القائمة على محاربة التهديد المشترك الذي يتمثل في تنظيم الدولة.

ويدرك العديد من المسؤولين الأمريكيين أهمية التساؤلات التركية الملحة الأخيرة إذ قال فرانسيس ريتشاردوني جونيور، السفير الأمريكي السابق في تركيا، ان التركيز الاحادي التفكير ضد جماعة الدولة الإسلامية التي نفذت هجمات باريس والهمت هجمات سان برناردينو بولاية كاليفورنيا يصرف النظر عن صراع أوسع نطاقا. وقال :»كيف يمكن للغرب واولئك الذين يؤمنون بالتعاون التخفيف من العنف الناتج عن الانهيار الكارثي للنظام الاقليمي المعروف بفترة ما بعد انهيار الدولة العثمانية؟ وكيف يمكننا اعادة الاستقرار وتفعيل سيادة القانون على أساس الدول الشرعية والحكم الجيد؟».

وقال المسؤولون الأتراك، هذا الاسبوع، انهم يؤيدون التدخل البري لوضع حد لمجازر الحرب السورية التي اشعلها نظام الرئيس السوري بشار الاسد بدعم من الضربات الجوية الروسية والدعم الإيراني على الأرض ولكنهم أشاروا في الوقت نفسه إلى ان تركيا لن تقوم بهذه الخطوة بدون دعم من الولايات المتحدة وهو أمر مستبعد جدا. وفي مسار غير منفصل للأحداث، بدأت تركيا بقصف كثيف للميليشيات الكردية المعروفة باسم وحدات حماية الشعب عبر الحدود مع سوريا، وتعهدت بمواصلة هذه الهجمات طالما استمر الأكراد بمحاولات إقامة جيب مستقل على طول الحدود مع تركيا.

ومما يزيد من تشابك وتعقيد المسألة ويثيير غضب انقرة هو حصول الأكراد على دعم من روسيا وإلى حد ما نظام بشار الأسد علما ان الولايات المتحدة عارضت التدخل الروسي في سوريا وقالت ان الإطاحة بالأسد أمر ضروري من أجل السلام في سوريا ولكنها، في الواقع، لم تفعل شيئا يذكر لتحقيق هذه الأهداف. ومن الأمثلة على الغضب التركي الموازي تجاه المواقف المشتتة للولايات المتحدة ما قاله الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب متلفز ان واشنطن كانت على خطأ لانها حاولت التمييز بين مختلف الجماعات الكردية. مشيرا إلى انها مرتبطة مع بعضها البعض وانها وفقا للرؤية التركية عبارة عن منظمات إرهابية.

وترى تركيا في وحدات حماية الشعب، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي في سوريا، منظمة إرهابية وفرعا لحزب العمال الكردستاني الذي يشن تمردا في تركيا منذ عقود، ولــــكن الجــــماعة الكردية نفت أي تورط في حين شكك بعض المحللين في معقولية تنفــــيذ أكراد سوريا للهجوم، لان ذلك وفقا لتحليلاتهم من شأنها تعريض الدعم الأمريكي لهم للخطر.

التطورات الأخيرة التي تتضمن، أيضا، تهديدات من السعودية وتركيا بدخول المعركة برا تأتي في وقت من المفترض هناك حالة من وقف إطلاق النار في سوريا وفقا لاتفاق هدنة «ميونيخ» الذي ينص على وقف «الأعمال العدائية» بما في ذلك الغارات الروسية والعمليات العسكرية للنظام السوري.

ولكن صخب الحرب يعلو على ما يبدو أكثر من أي وقت سابق بعد ان نفد صبر الأتراك، اما الولايات المتحدة فقد حاولت كالعادة التخفيف من حالة التوتر دون حل المشكلة بشكل جذري، إذ حث وزير الخارجية جون كيري تركيا ووحدات حماية الشعب الكردية على اتخاذ خطوات إلى الوراء وطالب صراحة الأكراد بعدم استغلال الوضع عبر الاستيلاء على أراض جديدة كما طالب تركيا بوقف إطلاق نيران المدفعية عبر الحدود كما هاتف جو بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، رئيس الوزراء التركي احمد اوغلو لمناقشة تدهور الوضع الإنساني والأمني في شمال سوريا مع تشديد على عدم تصعيد الوضع. ووفقا للبيت الأبيض، أشار بايدن إلى الجهود الأمريكية المبذولة لمنع القوات الكردية السورية من استغلال الظروف الحالية للاستيلاء على أراض إضافية بالقرب من الحدود التركية، كما حث تركيا على ضبط النفس المتبادل عن طريق وقف الضربات المدفعية.

من المرجح ، وفقا لأقوال العديد من المحللين والدبلوماسيين ان لا تسمح الولايات المتحدة باجتياح عسكري تركي واسع النطاق في سوريا، وهنالك اعتقاد في المجتمع الدولي ان الاعدادات الهندسية التركية على مقربة من الحدود ليست سوى إجراءات غاضبة تعبر عن احباط كبير من التلكؤ الدولي والأمريكي في حل الصراع السوري وعدم اتخاذ خطوات حاسمة لصالح أنقرة ضد العمليات العسكرية الروسية والاستفزازات الكردية، وفي الواقع، لم تتوقع المصادر السياسية أو الإعلامية أكثر من محاولة لإنشاء منطقة آمنة في سوريا بالتعاون مع الحلفاء وخاصة بين السعودية وتركيا، كما نفى مسؤول كبير في مكتب رئيس الوزراء التركي ان تركيا تستعد لارسال قوات برية كبيرة إلى سوريا ولكنه أقر ان هناك مناقشات مع السعوديين والشركاء حول كيفية دعم المعارضة المعتدلة.

رائد صالحة – القدس العربي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫5 تعليقات

  1. الصورة معبرة
    أردوغان يتغزل في أوباما
    و أوباما خجلان
    ههههههههههه

  2. خلص بينت القصة: أردوغان جباااااااااااااااااان….. عميل امريكان… صدع راسنا من ٥ سنين بالتدخل ولساه ناطر كافور البيت الأبيض يدعمو…. انكشف اردوغان… وسلمان كمان…

  3. القدس العربي التي يديرها عطوان صارت مسخرة للطعن في جانب تركيا وتأييد حلف ايران روسيا مع عصابات السفاح بشار
    عبد الباري عطوان يقبض من بشار الشيكات ويسخر قلمه وصوته ووقته لتأييد بشار بطريقة يظنها خفية ولكنها جلية لكل من في رأسه عقل
    إلى متى ستظل عكس السير تنقل عن صحيفة الحياة وعن القدس العربي ، أليست تكفينا عشرات القنوات الإيرانية وقنوات عصابة السفاح بشار كي تعبر عن وجهة نظر قتلة الأطفال عن الثوة السورية ومن يؤيدها