الشهادة الثانوية إنجاز في مسيرة تلامذة ألمانيا

شهادة الثانوية في ألمانيا تُعد إنجازاً مهماً في مسيرة التلامذة إذ إنها تفتح أمام الأكفياء أبواب الجامعات. وتعتبر الرياضيات واللغات من أهم المواد التي يجب على التلميذ إحراز معدلات جيدة فيها.

كما يحصد الحائز على الشهادة الثانوية معرفة تكنولوجية ومعلوماتية وإقتصادية. وإذا لم ينل معدّلاً مرتفعاً بعد إنهاء المرحلة الإعدادية، يتوجّه إلى التعليم المهني، من ثم قد تتاح أمامه فرصة التحصيل الجامعي أو إكمال دراسته في معاهد متخصصة. ومنهم من يزاوج بين الدراسة المهنية والحصول لاحقاً على الشهادة الثانوية. ووفق تقارير منشورة، يقبل طلاب كثر على دراسة إختصاصات تفسح لهم مجال إكمال تحصيلهم في الخارج أو السفر وتعلّم لغات جديدة.

ويختلف النظام التعليمي في ألمانيا بين مقاطعة وأخرى. لكن إمتحانات الشهادة الثانوية تتشابه. علماً أن الفارق كان كبيراً في المناهج والإمتحانات بين شرق البلاد وغربها حتى بعد الوحدة. وأظهرت إحصاءات أجراها «معهد شتاتيستك للدراسات والأبحاث» أخيراً، أن نتائج تلامذة مقاطعة تورنغن، الواقعة في وسط ألمانيا، كانت الأفضل في إمتحانات الشهادة الثانوية لعام ٢٠١٤. تليه نتائج تلامذة براندنبورغ. وتحسب المقاطعتان «جغرافياً» على ألمانيا الشرقية.

وحلّت كل من باين وساكسن في موقع متقدّم، بعكس بادن وبريمن الليتن يكثر فيهما التلامذة المنتمون إلى أسر مهاجرة. كذلك الأمر بالنسبة إلى نوردراين فيستفالن التي تشهد أكبر نسبة تواجد للمهاجرين والألمان من خلفيات مهاجرة. وتتذيّل سكسونيا السفلى اللائحة، بينما تحتلّ برلين وسطها. ويعزو خبراء الفارق في نتائج الشهادة الثانوية بين مقاطعة وأخرى وتصدّر تورنغن الترتيب، إلى إنخفاض نسبة التلامذة الأجانب في المقاطعات الشرقية في مقابل ارتفاعها في الغربية منها.

ولفتت مصادر إلى أن السياسين سيطلبون من معدّي هذه الإحصاءات أن يأخذوا في الاعتبار الفارق بين التلامذة الألمان وأولئك من أصول مهاجرة، بحيث تصدر إحصاءات خاصة فقط بالتلامذة الألمان لمعرفة الفوارق الأكاديمية الحقيقية بينهم.

لكن من وجهة نظر أخرى، يرى بعضهم أن خطأ وعنصرية يشوبان الفكرة. وعلى رغم ذلك، أكدّ جو درايستايل، مسؤول في وزارة الإندماج، أن مزيداً من الأطفال من أصول مهاجرة يذهب إلى الروضات، وكثيرين منهم نالوا الشهادة الثانوية لاحقاً. وكذلك أصبحت نسبة العمال من أصول مهاجرة عالية في ألمانيا، لكن لا تزال هناك فجوة بين التلامذة الألمان وأولئك من أصول مهاجرة. كما أن نسبة التسرّب بين التلامذة المهاجرين أعلى من غيرها. وعلى رغم ارتفاع معدّل توظيف المهاجرين أو الألمان من أصول مهاجرة، إلا أن النساء المهاجرات يحصلن على نسب أقل بكثير وفق الإحصاءات المنشورة.

وكان الحزب الديموقراطي الإشتراكي واليسار طالبا بضرورة بذل مزيد من الجهد لمعالجة عدم المساواة في نظام التعليم وسوق العمل.

ويوضح مدير إحدى المدارس شتيفتن لوتس، في حديثه لـ «الحياة» أسباب هذه النتائج، معتبراً أن «ضغط المناهج لا يزال كبيراً في المدارس الألمانية عموماً، وفي المرحلة الثانوية خصوصاً. ويلعب الأهل دوراً كبيراً في توجيه أولادهم، ومنهم من يمارس ضغوطاً كبيرة من أجل أن يحصل التلميذ على الشهادة الثانوية. ولا شك أن هناك مقاطعات يحصل تلامذتها على نسبة تحصيل أكبر، ولكن علينا عدم الربط بينها وبين مسألة التلامذة من خلفيات مهاجرة».

في المقابل، يؤكّد آخرون أن دخول طلاب سوريين إلى مدارس ألمانية، سيؤدي لاحقاً إلى تغيّر محدود في هذه النسب.

ويتمتّع التلميذ بقدر من الحرية في اختيار التدريب المهني الذي يرغب به، وقد يبدّل بين اختصاص وآخر. فمثلاً، تدرّبت جولي لتصبح مذيعة قبل أن تكمل دراستها وتحصل على الشهادة الثانوية. لكنها لم تجد نفسها في هذا المجال، لذا ستبحث عن اختصاص آخر.

ويرى آخرون أن إمكان إجراء أكثر من تدريب مهني، ومن ثم متابعة التحصيل العلمي، يساعد التلميذ على تكوين صورة واضحة عما يريده وما يستطيع فعله حقيقة، وفي أي مهنة يجد نفسه. علماً أن ألمانيا تسعى دائماً الى تحقيق توازن بين متخرّجي الجامعات والحاصلين على تدريب مهني، بحيث لا يتجاوز حجم المتخرّجين حاجة سوق العمل. (صحيفة الحياة)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها