مفوضة حقوق الإنسان الجديدة في ألمانيا .. دور صعب في مواجهة أزمة اللاجئين

بعد الاستقالة المفاجئة لكريستوف شتريسر من منصب مفوض الحكومة الألمانية لقضايا حقوق الإنسان، قامت هذه الأخيرة سريعا بتقديم خلف له. فالمفوضة الجديدة هي بيربل كوفلر، النائبة البافارية عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وبرزت هذه السياسية التي تبلغ 48 عاما من العمر خاصة في مجال السياسات التنموية، فهي المتحدثة في شؤون السياسات الإنمائية باسم كتلة حزبها البرلمانية منذ عام 2013.

وصرحت كوفلر لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) أنها “تريد العمل في منصبها الجديد هذا، حتى تحافظ ألمانيا على صورتها الإنسانية في مأساة اللاجئين التي تهز العالم”. وأضافت قائلة إن “المسؤولية الإنسانية هي كل شيء”.

وعلى عكس سلفها في هذا المنصب، فإن المفوضة الجديدة لحقوق الإنسان لا ترفض تلك الإجراءات الصارمة التي قررتها الحكومة الألمانية في ملف اللاجئين. فقد توصلت أحزاب الائتلاف الحاكم في برلين إلى حل وسط في هذا الملف الشائك دخل حيز التنفيذ وبات يعرف بالحزمة الثانية لإجراءات اللجوء. وترى كوفلر أنه “من المهم النظر في كيفية تطبيقه على الصعيد الإداري”.

كوفلر: “موقف متسامح في موضوع لم الشمل العائلي”

الحزمة الثانية التي أطلقتها الحكومة الألمانية في موضوع اللجوء تقضي باتخاذ بإجراءات سريعة بالنسبة للاجئين الذين ليست لديهم آفاق في الحصول على حق اللجوء وأيضا خفض أعداد المستفيدين من حق لم الشمل العائلي. بيد أن الحزب الاشتراكي الديمقراطي، حزب السيدة كوفلر، تمكن من تمرير استثناء يقضي بضرورة فحص إمكانية السماح لآباء وأمهات طالبي اللجوء من الأطفال وأخوانهم بالمجيء لاحقا إلى ألمانيا. وتؤيد كوفلر التعامل مع هذه الإجراءات بأريحية، حسب قولها.

وكان سلفها في هذا المنصب، كريستوف شتريسر قد قدم استقالته بسبب ما وصفها رسميا بـ “ضغط العمل”. بيد أنه اعتبر في وقت لاحق وفي رسالة موجهة إلى أعضاء الحزب الاشتراكي الديمقراطي في دائرته الانتخابية بأن سياسة اللجوء التي تنتهجها الحكومة حاليا تشكل تراجعا إلى الخلف.

وقال شتريسر في رسالته إن ما يتم رسمه من قرارات سياسية في المجال الذي يعمل فيه “لا يتوافق كثيرا مع المواقف والمصداقية التي أنطلق منها” . وانتقد شتريسر كذلك إنشاء ما يسمى بـ ” مناطق الحماية” في أفغانستان بهدف وقف تدفق اللاجئين من هناك على أوروبا.

شتريسر: الكفاح “ضد منصب شكلي”

وتحدث شتريسر في مقابلة إذاعية عما وصفه بـ “الدور الشكلي” لمنصبه وعن معاناته مع ذلك وكيف حاول مكافحته. وكان موقع مجلة “دير شبيغل” الألمانية على الإنترنت قد تحدث عن جدل داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي بشأن استحداث هذا المنصب خلال الائتلاف الحكومي بينه وبين حزب الخضر في نوفمبر/ تشرين الثاني عام 1998، أي بعد فوزه في الانتخابات البرلمانية وإنهاء حقبة حكم المستشار الأسبق هلموت كول.

ويعمل المفوض لشؤون حقوق الإنسان تحت إشراف وزارة الخارجية الألمانية. ومن بين مهامه تقديم اقتراحات لوزير الخارجية بهدف صياغة سياسة ألمانية في قضايا حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية. ولا تدخل انتهاكات حقوق الإنسان المحتملة في صلاحياته لأن ذلك موضوع تهتم به المحاكم أساسا. كما أن هناك لجانا برلمانية متخصصة يعينها البرلمان (البوندستاغ) لهذا الغرض.

بيربل كوفلر هي السيدة الثانية في منصب مفوض الحكومة لحقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية بعد كلاوديا روث، القيادية البارزة في حزب الخضر المعارض ونائبة رئيس البرلمان حاليا. وهي حاصلة على الدكتورة في علم فقه اللغة وقد درست أيضا الروسية والاسبانية وكانت مدرسة للغة في هيئة التبادل العلمي الألمانية (DAAD). كما تحسب سياسيا على الجناح اليساري في الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

ويأتي التغيير الحاصل الآن في منصب المفوض بشؤون حقوق الإنسان في وقت تواجه فيه ألمانيا مشكلة حقيقية فيما يتعلق بسياسة اللجوء، التي تتبعها الحكومة الألمانية. وقد عبرت الأمين العام للفرع الألماني لمنظمة العفو الدولية سلمين جاليشكان عن مخاوفها من أن تحصل انتهاكات لحقوق الإنسان في خضم المساعي الهادفة إلى تخفيض أعداد اللاجئين. (DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها