روسيا تمهد لتقسيم سوريا بالحديث عن الفيدرالية .. هل النموذج العراقي هو السيناريو المتوج و ما هو موقف بشار الأسد

كانت لدينا شكوك تخامرنا، ومنذ التدخل العسكري الروسي، والصمت الامريكي تجاهه وغاراته، ان هناك تفاهما سريا بين القوتين العظميين، الامريكية والروسية، حول “تسوية ما” للازمة السورية، جرى التوصل اليها اثناء اللقاءات المكثفة بين وزيري خارجية البلدين جون كيري وسيرغي لافروف، ولكن كل محاولاتنا وابحاثنا للتوصل الى طبيعة هذه التسوية وتفاصيلها باءت بالفشل، في ظل حالة التكتم السائدة والمحكمة طوال الاشهر الستة الماضية.

المسؤولون الروس فاجأونا اخيرا في البدء للتمهيد لهذه التسوية والخريطة النهائية الاولية للوضع السياسي والديمغرافي المتفق عليها، وتجلى ذلك بوضوح من خلال التصريح الذي ادلى به سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي ظهر اليوم (الاثنين)، قال فيه بالحرف “نأمل ان يتوصل المشاركون في المفاوضات السورية الى فكرة انشاء جمهورية فيدرالية”، واضاف في مؤتمر صحافي “استبعد تطور الاحداث في سورية وفق سيناريو كوسوفو، ولا بد من وضع معايير محددة للهيكلية السياسية في سورية في المستقبل تعتمد على الحفاظ على وحدة اراضي البلاد بما في ذلك انشاء جهورية فيدرالية خلال المفاوضات”.

***

هذا كلام ينطوي على درجة كبيرة من الخطورة، سواء من حيث توقيته، اي بعد يومين من سريان وقف اطلاق النار، او من اهمية الرجل الذي صدر عن لسانه، اي نائب وزير الخارجية الروسي لافروف.

ما يمكن استنتاجه من هذه التصريحات ان نائب الوزير الروسي يستبعد “بلقنة” سورية وتفكيكها، على طريقة ما حدث في يوغسلافيا بعد انهيار الحكم الاشتراكي فيها بوفاة جوزيف تويتو مؤسسها وموحدها، ويطرح التقسيم الطائفي العراقي كنموذج، ولا نقول السويسري، لان النموذج العراقي هو الاقرب.

جو بايدن نائب الرئيس الامريكي، كان اول من تحدث عن قيام اتحاد فيدرالي عراقي حتى قبل ان تحتله بلاده، وتولى الرئيس الامريكي جورج بوش وحاكمه العسكري في البلاد بول بريمر تنفيذ هذا المخطط لاحقا، عندما قسم العراق طائفيا وعرقيا الى ثلاثة كيانات، واحد كردي في الشمال، وثاني شيعي في الوسط والجنوب، وثالث سني في الغرب، وبالتحديد في الانبار ونينوى.

سورية “الفيدرالية” ربما تقسم وفق النموذج العراقي، اي مجموعة من الكانتونات الطائفية السنية والعلوية الدرزية والكردية، وقد يزيد عددها عن خمسة مثلما قال نائب رئيس الوزراء التركي، وهذا ما يفسر القلق التركي، والجهود المنصبة حاليا لتصفية “الدولة الاسلامية” في الشرق لاقامة كيان سني مكانها في الرقة ودير الزور والحسكة، وتعزيز النزعة الاستقلالية للاكراد في الشمال السوري، بحيث يتم اقامة شريط على طول الحدود السورية الشمالية المحاذية لتركيا، وربما تكون حلب “امارة” سنية موازية لنظيرتها في الشرق، واخرى في درعا جنوبا، ورابعة درزية في جبل العرب، وخامسة او سادسة علوية في الساحل.

فمعظم، ان لم يكن، جميع الصراعات العرقية والطائفية والعقائدية التي اندلعت في العالم، وتدخلت فيها الدولتين العظميين، اي روسيا وامريكا، انتهت بحل سياسي يعتمد التقسيم، وهذا ما حدث في كوريا وفيتنام والسودان وجورجيا ويوغسلافيا، وحاليا في اوكرانيا، وسورية لن تكون استثناءا، مع اعترافنا ببعض الفوارق هنا وهناك.

جون كيري وزير الخارجية الامريكي كان اول من فجر قنبلة التقسيم لسورية، عندما قال في شهادته امام الكونغرس قبل بضعة ايام “ربما فات الاوان لابقاء سورية موحدة”، واكد ان هناك “خطة ب” يمكن اللجوء اليها في حال فشل الحل السياسي، وانهارت صيغة المرحلة الانتقالية.

ولا نستبعد مطلقا “السيناريو” الذي يجري الترويج له حاليا بدخول قوات برية سعودية من الاردن باتجاه الشمال لاجتثاث “الدولة الاسلامية” في الرقة ودير الزور والحسكة، مما يوحي ان السعودية ربما تكون ليس على اطلاع على هذا السيناريو فقط، وانما تلعب دورا رئيسيا في تطبيقه باشتراك دول عربية اخرى، وما مناورات “رعد الشمال” الا مقدمة في هذا الصدد.

التصريحات الصادمة التي ادلى بها فيتالي تشوركين مندوب روسيا في الامم المتحدة، وانتقد فيها بعض مواقف للرئيس السوري بشار الاسد، وطالبه فيها بضرورة الاستماع لنصائح بلاده، وكذلك تلك التي وردت على لسان ديمتري بيسكوف الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي، واكد فيها “ان هناك وجهات نظر متشابهة وليس متطابقة تماما لكل من روسيا وسوريا، ولا شك ان هناك خلافات”، كلها تدفعنا للمزيد من الشكوك في وجود “طبخة ما” روسية امريكية، ربما سيتم فرضها على الرئيس السوري وحكومته والمعارضة المسلحة في الاشهر المقبلة، وبعد التخلص من الجماعات الجهادية المتشددة التي تقف عقبة في طريق هذه الطبخة ولو مرحليا.

***

لا نعرف كيف سيكون موقف الرئيس الاسد من هذه “السيناريوهات” التي تطبخ في غرف مغلقة، وتركز على تقسيم بلاده تحت ذريعة “الفيدرالية”، ولكن كل ما نعرفه ان قراره المفاجيء بالدعوة الى انتخابات برلمانية في نيسان (ابريل) المقبل قد تكون رفضا مبطنا لها، خاصة اذا اخذنا في الاعتبار الرد الروسي السريع المعارض لها، ولكن هل يستطيع تحدي حليفه الروسي؟

تقسيم سورية، بعد العراق، على اسس عرقية وطائفية يعني التفتيت وتغيير خريطة المنطقة بما يخدم اسرائيل، من حيث جعلها القوة الوحيدة المتفوقة، في وسط عربي واسلامي ضعيف، ومفكك، وغارق في حروب اهلية طائفية، ولنا في العراق انصع الامثلة.

هذه الطبخة الامريكية الروسية التفتيتية تحت اسم الفيدرالية التي رائحتها تتسلل الى خياشيمنا تدريجيا يجب ان تقاوم بكل الطرق والوسائل لمنع تطبيقها لانها قد تنهي الحرب الحالية في سورية بصورتها الحالية، ولكنها ستؤسس لحروب طائفية مستقبلية ربما تكون اكثر شراسة.

نخشى ان تكون سورية باتت ضحية لعبة امم خطرة تنفذ بايد واموال واسلحة عربية وتحت مظلة روسية امريكية، ومن يقول غير ذلك علية ان يطرح حجته، ونأمل ان نكون مخطئين.

عبد الباري عطوان – رأي اليوم[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫14 تعليقات

  1. سوريا ضاعت بالأصل خليهم يقسموها أتمنى يعطوني جزء وأكون رئيسها وسمي دوليا “***”

    1. السوريون رفضوا التقسيم أثناء الاختلال الفرنسي . و لم يكونوا بهذا الوعي الوطني و القومي . فالتقسيم براي مستبعد . لكن من يدعي أنه رئيس يجب أن يضحي لاجل الوطن الواحد و يبعد خطط و دسائس الاعداء .

  2. الخطة ( أ ) بالنسبة للروس و الامريكان هي تغيير شكلي في راس النظام مع الاحتفاظ بالمؤسستين الامنية و العسكرية المجرمتين
    الخطة ( ب ) بالنسبة للروس و الامريكان هي تقسيم على نمط البوسنة و الهرسك بوجود كانتونات شبه مستقلة داخل دولة فيدرالية ضعيفة لا تاثير لها في المجال المحيط بها فلا تخشى منها اسرائيل و لا تستطيع التاثير على الوضع في لبنان
    الخطة ( ج ) هي تقسيم ( غير معلن ) لكانتونات طائفية و عرقية بحيث يكون كل كانتون خاضع لنفوذ عدد من الدول التي لها مصلحة في وجوده و الهيمنة عليه

  3. للاسف التقسيم اصبح حقيقة وهدا مانستحقه من جاب الروس ولاجانب الى سوريا انها الحكومة و المعارضة واريد ان انوه بانه اسرائيل كانت القوى المتفوقة من فبل الثورة وبقيت بعد الثورة هي المتفوقة على دول العربية وللاسف الاسد لن يبقى له راى بالموضوع لان البلد مباع و شكرا

  4. لا تقسيم و لا فيدرالية،،، هادا كلو علاك مصدي….. و يللي بروجو لهيك أفكار تخيلية، هنن العربان تبع الخليج و بعض الكتاب اللبنانيين السخيفين ،،، و هي أصلاً تمنيات لأنهون معميي البصر و البصيرة من الحقد على سورية و السوريين…..

  5. الأقليات كالدروز سينشقون عن العرب في هذه الحالة وسيهدون اسرائيل حكم من الجولان حتى الحدود الجنوبية السورية الدمشقية وستكون هويتهم اسرائيلية كاملة وليست مستقلة أو سورية وربما الأكراد ايضا سيحاولون بناء مناطقهم من خلال التقارب الاسرائيلي!!

    دولة اسرائيل الكبرى باتت حقيقة!!

    1. قبل أن تفتح فاك عن العرب الدروز الأقحاح، انتقد السفارة الاسرائلية لدى ممولك القطري، وعلاقة ملوك السعودية والاردن والمغرب وأمراء الامارات ورؤساء مصر وتونس باسرائبل. كما لا تنسى علاج جرحى ارهابيي النصرة في المشافي الاسرائيلية وكذلك المهادنة المخفية بين داعش (التي وصلت الى باريس) واسرائيل.
      أيها الحاهل بالتاريح، اقرا تاريح العرب الدروز قبل أن تتشدق بما لا تفقه. سلطان الأطرش رفض الدولة الدرزية وأهل الجولات رفضوا الهوية الاسرائلية، والدروز المتواجدين صمن ما يدعى عرب 48 في اسرائيل ليسو سوى أقلية من المحيط السني الكبير الذي انصهر في هيكلية الدولة الاسرائلية ولكنهم ما زالو عروبيين مقاوميين سلميين. واذا اردت العودة أكثر من مئة سنة، فالدروز هم من قاوموا الاحتلال حيث دمروا حملات عسكرية كبيرة من قوات علي باشا على سفوح جبل العرب الأشم, وقبلها مرغوا انف صديفكم العثماني وهم في قلب الامبراطورية العثمانية التي امتدت الى أقاصي الأرض, وفي ذروة قوتها استطاع فخر الدين المعني سليل القبائل المعنية انشاء أول دولة عربية.
      دولة اسرائيل الكبرى هي المشروع الذي يسعى ارهابيو النصرة وداعش والاحوان ومموليهم الخليجين والعثمانيين الجدد الى تحقيقة.

  6. هذا الكلام مستحيل و ممكن يكون مؤقت لأن كل الاطراف المقاتله على الارض فكرها إقصائي لا يقبل بوجود طرف آخر على أرض سوريا

  7. يوغوسلافيا كان أساسا اسمها الرسمي اتحاد الجمهوريات الفدرالية اليوغسلافية الاشتراكية مؤلفة من 6 جمهوريات فدرالية هم سلوفينيا وكرواتيا وصربيا والبوسنة ومقدونيا والجبل الأسود ومقاطعتين تابعتين إداريا لصربيا هما كوسوفو وفويفودينا وكان لكل جمهورية رئيس وعلم مستقل وحدود إدارية واضحة ومحددة وفي دستور يوغوسلافيا كان يحق لكل ولاية الانفصال بالتراضي وبموافقة المجلس الرئاسي الذي يتشكل من رؤساء الجمهوريات ويتم التداول على منصب رئيس المجلس الفدرالي دوريا كل سنة بين الرؤساء أي فعليا كانت يوغوسلافيا مقسمة قبل الحرب وفي كل جمهورية كان هناك نقاء عرقي عالي بأكثر من 90% من السكان ماعدا في البوسنة والهرسك حيث كان الصرب وهم غالبية السكان بعدد11 مليون نسمة أي نصف سكان يوغوسلافيا يشكلون 30% من سكان البوسنة أما السبب الرئيسي لاندلاع الحرب فهو هيمنة الصرب على الوظائف العسكرية والأمنية والإدارية العليا في البلد وأيضا هيمنتهم على موارد الجمهوريات الأخرى والفساد المستشري آنذاك وطبعا الصراع الديني بين الصرب والمسلمين للهيمنة على البوسنة والعرقي بين الصرب والألبان للهيمنة على كوسوفو .
    أردت من هذه المقدمة الطويلة إيضاح فكرة بأن ماتم تحقيقه في يوغوسلافيا لايمكن تحقيقه في سوريا حيث لايوجد نقاء عرقي أو ديني أو مذهبي يؤهل للانفصال ولاتوجد حدود إدارية معروفة سايقا لكل ملة وطائفة وعرق وكل مايتشدق به السياسيون والكتاب هو علاك في علاك غير قابل للتطبيق على أرض الواقع ولو كان قابلا للتطبيق لكان العلويون والأهبلوف المدعومين من روسيا وإيران قد حققوا حلمهم وانغصلوا منذ 3 سنوات على الأقل.

  8. عبد الباري دولار انقلب على روسيا وعلى المقاوم والممناع أبو علي بوتين هذايعني اأناإيران والنظام الاسد ومعهم عطوان أخذواالخازوق الروسي عبد الباري عطوان يجب اأنيذهب اإلى أرضهفلسطين للتحريرها اأفضل أنيشتغل ممرتزق يقبض الدولار من فروع المخابرات الإيرانية في للندن لي اإثارة الفتن في الدول العربية ما سبب انقلاب عطوان هل روسيا هل الدولار الإيراني تأخر على الوصول هذا الشهر

  9. عبد الباري عطوان المعتوه، شو وضع فلسطين… طمنّا
    هل لازال بيع البيوت والأراضي هناك مستمراً..
    نصيحتي لك أيها المعتوه .. إرجع أيها الصهيوني إلى بلدك وانشغل ببلدك واترك الخبز لغيرك.

  10. كل مرة اشوف فيها وجه صوص الدجاج عبدالباري لااستطيع أن اغادر الموضوع الإ اكتب خاطرة هذا الابلة اسوأ محلل عرفة التاريخ غبي متناقض ليس صاحب مبدأ وبالنسبة لموضوع خطة ب ليس تقسيم سوريا ولكن الخطة هي تدخل بري ودعم ومنطقة امنة التقسيم لايمكن لأن عدد العلوية والشيعة نسبتهم 2% والمسيحيين 4% والدروز 3% والاكراد الحاصلين على الجنسية السورية نسبتهم 6% وهؤلاء جميعهم يعيشون في بيئات تغلب عليها السوريين السنة يمكن ان تطالب الامم المتحدة بحماية الاقليات ولكن التقسيم فكرة غبية وغير ناجحة ومرفوضة من الشعب السوري

  11. ولسى الغبي عبد الباري عطوان يسال عن موقف الاسد!!!!
    ولك الاسد طرطور ما حدا سأل عنه . ياخذ معلوماته من محللين المقاولة والمماتعة على تلفزيون المنار والميادين والدنيا .ولساته مصدق انه سورية بخير وانه لازال رئيس. وان شاء الله قريبا الى المكان الذي يستحقه وهو مزبلة التاريخ .لانه هذا دوما مصير العملاء والمجرمين.