لغز الانسحاب الروسي من سوريا

قرار الرئيس فلاديمير بوتين سحب معظم القوات الروسية من سورية «فزّورة» أو «حزورة»، فلا أحد يعرف السبب الحقيقي غير الرئيس الروسي.

ربما كان الأمر أن القوات الروسية، في ستة أشهر من القتال، حققت الهدف من دخول سورية، لكن يُضعِف من هذا الاحتمال أن البيان الروسي الرسمي أشار إلى تحقيق «معظم أهداف» التدخل الروسي، ما يعني أن الحقيقة في مكان آخر.

إذا كان لي أن أقدم سبباً على سبب، فأنا أرجح أن الرئيس الروسي مستاء من عدم تجاوب الرئيس بشار الأسد معه. هو أنقذ النظام من السقوط، والانسحاب جاء مع انعقاد مؤتمر جنيف وبعد هدنة هشّة بدأت في نهاية الشهر الماضي. الموقف السوري المعلن هو أن لا حديث عن حكم انتقالي أو انتخابات رئاسية، أو أي طلب آخر للمعارضة الوطنية وللدول العربية التي تؤيد هذه المعارضة.

أريد قبل أن أكمل أن أسجل أن الانسحاب جزئي، فروسيا ستحتفظ بنظام الصواريخ أس 400، أرض جو، ما يقيد عمل دول معارضة للنظام مثل تركيا، وربما الولايات المتحدة نفسها. ثم أن روسيا ستحتفظ بقاعدتها البحرية في طرطوس وقاعدة برية و «مستشارين» على الأرض لن أحاول تقدير عددهم.

كنت أدرجت بين الاحتمالات أن تترك روسيا سورية لإيران، ومعها حزب الله، لتتحمل عبء حماية النظام، بعد أن رفضت إيران الالتزام بالحد من إنتاج النفط الذي توصلت إليه روسيا والمملكة العربية السعودية. غير أنني وجدت هذا الاحتمال ضعيفاً عندما عارضت روسيا الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، ورفضت أن يصدر مجلس الأمن قراراً يدين التجارب الصاروخية الإيرانية، بحجة أن الاتفاق النووي لا يشملها.

ما لا جدال فيه أن القرار الروسي تزامن مع مؤتمر جنيف الذي يبحث عن حل للحرب المستمرة في سورية منذ خمس سنوات، ومع الذكرى الخامسة لبدء القتل في سورية.

كانت سورية بيتاً عامراً بأهله، وهي اليوم «خرابة» يسكنها مَنْ لا يقدر على الرحيل. هناك ثلاثمئة ألف قتيل وأكثر من سبعة ملايين سوري هُجِّروا داخل بلادهم، وحوالي خمسة ملايين في دول الجوار. والمهاجرون السوريون يلقون أسواراً وأسلاكاً شائكة حيثما ذهبوا في أوروبا، فتزامن كل ما سبق مع رؤيتي مهاجرين سوريين يحاولون عبور نهر في شمال اليونان إلى مقدونيا.

القرار الروسي ترك النظام وهو أقوى مما كان قبل ستة أشهر، إلا أنه ترك الإرهابيين من نوع داعش في مواقعهم، وفي «عاصمتهم» الرقة.

ولا سبب منطقياً لتوقع أن يُهزم الإرهاب غداً أو بعد غد، فالمنطق يقول إن الأزمة السورية ستستمر وقد تتفاقم إذا انهارت مفاوضات جنيف.

في النهاية، المستفيد الوحيد هو فلاديمير بوتين، فقد رد في سورية على العقوبات الغربية بسبب أوكرانيا وغيرها. وهو انسحب ويستطيع أن يعود، فهو قوي في بلده لأن الدوما سيؤيد أي قرار له، بعكس الكونغرس الذي يعترض على كل موقف للرئيس أوباما، فيستعمل الرئيس الفيتو، ويرد الكونغرس بمحاولة الحصول على غالبية الثلثين لإحباط فيتو الرئيس وهكذا…

أهل سورية، أهلنا، هم ضحية النظام والإرهاب وروسيا وأميركا. وإسرائيل هي المستفيد الوحيد من موت السوريين.

جهاد الخازن – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫7 تعليقات

  1. دخول روسيا دعمت و قوت ثلاث قوى على حساب الجيش الحر قوة جيش بشاروف و جيش الأكراد الانفصالي و قوة داعش و ضرب جبهة النصره بالجيش الحر و انسحب الروس لترك الاطراف تتصارع من دون أي خسائر له اقتصاديه او عسكريه فعلى الجيش الحر أن يتحد و يركز على العدو الحقيقي

  2. وهي اليوم «خرابة» يسكنها مَنْ لا يقدر على الرحيل — كلام غير صحيح الآلاف من الناس باقون في أرضهم حباً بها ودفاعاً عتها وتمسكاً بها ..

  3. تعليقي على قول السيد جهاد الخازن ان سوريا كانت عامرة باهلها وهذه نصف الحقيقة يا سيد جهاد واشكر الله انك لم تنسب عمارها للاسد او عصابته كما يروج المروجون ؟؟؟؟ اما لماذا نصف الحقيقة لان سوريا في عهد العصابة الاسدية ينطبق عليها المثل الشعبي : من برى خام ومن جوى سخام فالظاهر سوريا تعيش امن وامان واستقرار اقتصادي الخ لكن الامن والامان كان على حساب المواطن الشريف الذي فقد حريته حتى كان يخشى ان يتكلم مع اهله او اخوته او اصدقائه لان العصابة افسدت كل شيء نعم كل شيء اما الاستقرار الاقتصادي كان لم يراه من خارج سوريا استقرار اما من يعيش في سوريا يعرف ان الاقتصاد كان بيد مجموعة من ليس القطط السمان بل الخنازير السمان ولم يبقى في البلد طبقة متوسطة غالبة بل فقراء واغنياء متخمون

  4. لا تشغل بال في ماضي زمان لا اعلم لماذا نشغل عقول بشئ متوقع من اول لحظه عندما دخلت روسيا باشر محلل لماذا دخلت روسيا خرجت روسيا عدنا لنفس لاسطوانه لماذا لماذا لا نفكر كيف نستطيع ان نكون مع روسي ونستغل وقت وموقف لماذا لا نكسب صديق لماذا لا نساعد روسي بنزول عن شجره في سياسه لا يوجد عدو دائم خرج روسي من سوريا لانه ادرك ان هناك كثير من خطط مضاده له وادرك ان الاسد لم يعد يضمن مصالحه وادرك ان مصلحته ليست مع لاسد مدو يد مصالحه مع روسيا وجعلو منها كلب معنا لا علينا جعلو بوتين يصفق معنا ولا يغرد خارج سرب

  5. المقال لم يتقدم جديد ولكن ما معنه ان روسيا تركت سوريا لايران و حزب الله ؟هل اصبحت سوريا كالعجله كل دوله تركب شويه
    ؟ وهل زيارة اغلو التركى لايران لها علاقه بهذا ؟ شعب سوريا عزيز علينا فى مصر و مصر الدوله الوحيدة التى تريد استقرار سوريا ولكن ما بايد حيله و الكل يعلم ما يدور فى مصر من ضغط دولى و ا هابى و على الرغم من هذا فهى الدوله الوحيدة فالعالم التى لا يوجد بها لاجئ يعيش فى خيمه عالحدود و لكن يعشون داخل محافظات مصر بجانب المصريين و نحن مستعدون لقسم لقمه العيش مع اخوتنا السوريين بكل الحب هلا بيكم فى مصر لحين استقرار الوضع فى سوريا

  6. نعم حققت روسيا المجرمة أهدافها … دعمت داعش و دعمت النظام المجرم و الميليشيات و أطالت أمد الحرب …. بخلاف من خلفته من قتل و دمار و تهجير بين صفوف المدنيين و محاربتها للفصائل المخلصة في محاربة النظام و ارهابه و داعش … نعم هدف روسيا هو نفسه هدف أمريكا و الصهيونية … لنا الله