صحيفة النهار : ما حقيقة شراء الأطفال السوريين الأربعة في لبنان ؟
فعلاً انها قصة أشبه بالأفلام، لكن بسيناريو يثير الشك، فببساطة كان فرانكلين لامب البروفوسور الأميركي المقرب من النظام السوري على شاطىء الرملة البيضاء. هناك دفعته مشاعره الانسانية إلى شراء 4 أطفال سوريين من امرأة بـ600 دولار أميركي وعاد بهم إلى منزله لتربيهم العاملة الأثيوبية، وفق روايته.
أين الشكوى؟
جرى تداول القصة نقلاً عن موقع “كاونتر بانش” أو “Information Clearing House”، ووفق الرواية الهوليودية فإن لامب وقبل شرائه الأطفال بحث عن الشرطة لمساعدته ولم يجد عناصرها في محيطه، علماً أن الرملة البيضاء معروفة كمكان يتمركز فيه الأمن خصوصاً لقرب الشاطىء من مقر عين التينة (منزل الرئيس نبيه بري) أو منزل مسؤولين آخرين. كما أن لامب قال في روايته انه زوّد الشرطة بوصف شفوي عن المرأة من دون أن يذكر المزيد من المعلومات، إلا ان مصادر في قوى الأمن الداخلي أكدت لـ”النهار” انها لم تتلقَ أي شكوى في هذا الشأن.
ولنترك فسحة للمصداقية بأن يكون لامب قد أبلغ جهازاً أمنياً آخر، لكن المثير للتساؤل أيضاً أن الاخير استخدم دراجته للوصول إلى الآلة المصرفية وسحب المال، فلماذا لم يصل بها إلى أقرب شرطي أو مركز أمني ليبلغ عن المرأة السورية التي يجب أن تسجن لاتجارها بالبشر؟ كما أن القانون لا يعفيه من المسؤولية، فإن “الاتجار بالأشخاص” وفق قانون معاقبة هذا العمل (المادة 586، هو:”اجتذاب شخص أو نقله أو استقباله أو احتجازه أو إيجاد مأوى له: بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها، أو الاختطاف أو الخداع، او استغلال السلطة أو استغلال حالة الضعف، أو إعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا، أو استعمال هذه الوسائل على من له سلطة على شخص آخر، أو بهدف استغلاله أو تسهيل استغلاله من الغير”.
كما أنه وفق المادة نفسها “يعفى من العقوبات كل من بادر إلى إبلاغ السلطة الإدارية أو القضائية عن الجرائم المنصوص عليها في هذا الفصل وزوّدها بمعلومات أتاحت إما كشف الجريمة قبل وقوعها وإما القبض على مرتكبيها أو شركاء أو متدخلين فيها أو محرّضين عليها إذا لم يكن الشخص الذي يقوم بالتبليغ مسؤولاً بصفته مرتكب الجريمة المبيّنة في المادة 586”.
بعد أن نشرت المواقع اللبنانية الرواية، تحرك مكتب مكافحة الاتجار بالبشر، وبعد اتصالنا بإحدى الجهات الأمنية أكدت أن “قوى الأمن الداخلي وبعد اطلاعها على الموضوع في وسائل الاعلام بدأت بمتابعة القضية للتأكد من صحتها وملابساتها ومن هوية الأميركي”، لكن هل بات لامب شخصية غامضة وألا يمكن التعرف الى مكان اقامته في لبنان من خلال “الامن العام”؟
وزارة الشؤون تتحرك
تواصلنا مع وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، الذي أكد لـ”النهار” أنه “سيطلب من النيابة العامة التحرك لكشف ملابسات القضية والتقصي عنها”، ويقول: “سمعتُ بالرواية على إحدى الاذاعات، وغداً سيزورني ممثل عن المفوضية العليا للاجئين، وسأبحث معه الموضوع وأطلب منه القيام بالتحقيقات اللازمة”، مشدداً على أن “الوزارة لم تتبلغ بأي تفاصيل عن القضية، ولا بد للمنظمة الدولية الخاصة باللاجئين أن تسأل عن صحة الخبر وهدفي تحريك المجتمع الدولي، كما اني سأحوّل المعلومات التي نشرت في وسائل الاعلام إلى فرع الاستقصاء”. ويقول: “هذه الظاهرة غير متفشية في لبنان، لكن لا يعني انها غير موجودة ، قد لا نراها وما حصل يجب أن يدفعنا إلى الاضاءة على هذه الظاهرة”، متسائلاً: “كيف نقل لامب الأولاد الاربعة على دراجته النارية؟”.
تساؤلات “وكيل التضليل”
التساؤلات عديدة: هل يستخدم لامب البروفسور في القانون الدولي دراجة نارية في تنقله في لبنان، وفي حال كان ذلك حقيقياً فبالتأكيد ان الأميركي لا يخالف القانون (هذا ما نفترضه على الاقل) ويجب أن يكون اسمه وارداً في سجلات اصحاب الدراجات النارية، أين هم الأولاد اليوم ولماذا لم يبلغ عنهم؟ هل من شهود على ما قام به؟ تساؤلات لن يجيب عنها إلا الأميركي لامب المعروف الذي يحوي ارشيفه مقالات شُكك في مصداقيتها، ومنها مقال بعنوان: “من يقف خلف القتال في شمال لبنان؟” نشر في موقع “فولتير” في العام 2007 ويتحدث عن المعارك التي خاضها الجيش اللبناني مع “فتح الاسلام”، ويدّعي بأن “النادي الولشي” (وفق ما أطلق عليه نسبة إلى اسم دايفيد ولش نائب وزير الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس) هو وراء انشاء هذه المجموعات. وان الأخير يضم: الرئيس سعد الحريري والدكتور سمير جعجع والنائب وليد جنبلاط والرئيس أمين الجميل. انه مقال أقرب إلى قصص “سوبرمان” و”كات وومن”، ونشر له مقال في إحدى الصحف اللبنانية بعنوان “اسرائيليون يحلمون بجنسية ثانية”، وفي أحد المواقع يُعرف عن لامب على أنه مراسل موقع “كاونتربانش” الاميركي في شمال لبنان.
الأميركي “غير المقنع” لا يترك فرصة إلا ويعلن فيها وقوفه إلى جانب النظام ومعارضته السياسة الأميركية، خصوصاً بعد اندلاع الثورة، إلى ان اصبح من أهم ضيوف التلفزيون السوري، وهو اليوم أمام مساءلة عن مكان الأولاد وصحة ما نشره، كما أن أحد المواقع الغربية يصف لامب بـ”وكيل التضليل”، واشتهر الأخير بصور له مع مقاتلين موالين للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
اللاجىء يعاني
حال السوريين اليوم لا يبعد فرضية شراء اطفالهم، ويقول مدير مكتب تنسيقية اللاجئين السوريين في لبنان صفوان الخطيب لـ”النهار”: “السوري كائن ضعيف وهناك حالات عدة ترتبط بالاتجار بالبشر والقيَ القبض على أشخاص في مناطق عدة مثل الصويري (البقاع) وعالية (الجبل) يقومون بالاتجار بالبشر وفي حال صدقَ خبر #الرملة_البيضاء فتكون مكملة لحقيقة ما يعانيه #اللاجئون من استغلال على مختلف”.
المفوضية تتحقق
تتابع المفوضية العليا للاجئين أيضاً القضية ولا تملك أي اثبات على صحة الحادثة، وتقول المتحدثة باسمها ليزا أبو خالد لـ”النهار”: “ننسق مع شركائنا والجهات المعنية للتأكد من صحة الخبر، فأحياناً تصلنا الأخبار وتكون إما غير صحيحة أو مضخمة، وإذا تبيّن أنها صحيحة سنتحرك وستكون حينها خطة تجاوب فورية وفق الحالة”، وتضيف “لم يسبقْ لنا ان سجلنا مثل هذه الحالات التي ترتبط بالاتجار بالبشر، لدينا فريق ينسق مع شركائنا بكل ما يرتبط بالأطفال او النساء”، كاشفة عن أن “أكثر من نصف اللاجئين السوريين في لبنان (مليون و767 ألف) من الأطفال”.
المشنوق يتحرك
وعلمت “النهار” ان وزيرالداخلية نهاد المشنوق اعطى توجيهاته السريعة والمباشرة للجهات الامنية لمتابعة قضية شراء الاطفال السوريين ولاجراء التحقيقات اللازمة بكثير من الجدية لمعرفة جدية المعلومات ولاتخاذ الاجراءات اللازمة واذا صحت المعلومات العمل لاستعادة الاطفال.[ads3]