ألمانيا : إهمال السجون يساهم في تحويلها الى أوكار للتطرف

هناك توافق في الرأي بشأن ما عبر عنه المراقب الأوروبي لمكافحة الإرهاب جيلي كيرخوفه عندما قال في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي: “نعلم أن السجون تشكل حاضنة كبيرة للإرهابيين”، حينها خرج تقرير يكشف عن أن الإرهابيين الذين هاجموا صحيفة شارلي ايبدو والمتجر اليهودي في باريس كانوا قد تطرفوا خلال فترة وجودهم في السجن.

بعد مرور عام من تلك الأحداث الدامية عاد هذا التصور من جديد ليظهر أن الشقيقان خالد وإبراهيم البكراوي، المسؤولين عن الهجمات في بروكسل قضيا وقتا في السجن بسبب جرائم غير مرتبطة بالإرهاب.

موضوع السجون كوكر حاضن للتطرف ليس بالأمر الجديدة. في ألمانيا كانت هناك حالات مشابهة للتطرف المنطلق من السجون، كما كان الأمر بالنسبة للمتهم بزرع قنبلة في محطة قطار بون عام 2012 ولآخر قام بتفجير سيارة مفخخة قرب فرانكفورت عام 2007، فكلاهما كانا قد خرجا سابقا من السجن.

رغم كل الأسباب الملحة لمواجهة المشكلة، تحرك السياسيون الألمان أخيرا. وزير داخلية ولاية شمال الراين فستفاليا شعر بالحرج بعد تقرير لتلفزيون (WDR) بغرب ألمانيا اظهر أن سياسة الوزير ضد تطرف السجناء داخل السجون لم تظهر نجاحا واضحا. كما أن عدد الأئمة الذين يزورون السجناء انخفض بشكل واضح منذ انطلاق مبادرة مشاركة الأئمة في مكافحة الإرهاب.

الإمام ماير حسام الدين يعتقد بوجود أسباب خلف ذلك. فهو يزور السجون منذ ثمانية أعوام. ويقول إنه استمع إلى أسئلة غريبة من السجناء: “أيها الإمام، البعض هنا يقول لي: من لا يصلي، يجب قتله”. أو آخر يسأل :”هل داعش دولة إسلامية حقا، هل هذا صحيح؟”. ويقول الإمام بعد سماع مثل هذه الأفكار يجب العمل حقا على مكافحتها.

الإمام ماير حسام الدين مقتنع أن عمل ألائمة في السجون يمثل لقاحا مضادا للتطرف داخل السجون. “يمكنهم لعب دور مهم: أولا مكافحة الاستقطاب الراديكالي من قبل البعض داخل السجون”. ويضيف قائلا لـ DW. “فحين يقول الإمام، لا ، هذا خطأ. حينها نكون قد حققنا شيئا. من الجانب الآخر، فإن وجود الإمام قربهم يطمئن السجناء المسلمين نفسيا. فالتطرف يأتي غالبا من الاستياء الداخلي ومن الغضب، الذي يمكن استغلاله ايدولوجيا”.

بيد أن الإمام حسام الدين يقضي فقط 15 ساعة أسبوعيا في سجن مدينة فيسبادن. فهو يقسم حصة الدوام مع رجلي دين آخرين لزيارة حوالي مائة سجين مسلم في سجن المدينة. وتقوم الحكومة بدفع أجر له حسب أعداد الساعات، وهو يعتقد أنه من حق كل سجين أن يحصل على وقت كاف للحديث. “حينها يمكن النظر في مشاكل السجين بنحو كاف”، كما يقول رجل الدين. ويوضح أن الأمور بدأت تتحسن ” فقد بعد أن بدأ المسؤولون يلاحظون أن اغلب المتطرفين أصبحوا متطرفين وهم داخل السجون”.

تقدم السجون الألمانية مشاريع أخرى للسجناء دون الصبغة الدينية. وفي ولايات أخرى يتم تنظيم ذلك من قبل جمعيات غير ربحية يطلق عليها “شبكة منظمات مكافحة العنف”، ومديرها توماس موكه الذي يرى أنه لايجب أن يكون للأئمة أي دور في مكافحة تطرف السجناء.

يعمل في شبكة المنظمات هذه موظفون مسلمون، وتربويون وأخصائيون اجتماعيون ونفسانيون. فهم يديرون برامج مخصصة تهتم بالسجناء داخل السجن وحتى بعد خروجهم منه. “بالتأكيد يلعب الأئمة دورا وقانيا للسجناء، لكن هذا ليس اختصاصهم وعملهم”، حسب قول المدير.

لكن هذه الشبكة لها عقود عمل مع خمس ولايات ألمانية فقط، ولاية هيسن، بافاريا، ساكسونيا السفلى وبادن فورتمبيرغ وبرلين. وعن ذلك يقول المدير “هذه هي المشكلة، منذ أعوام ونحن نطالب ببرنامج اتحادي على مستوى كل الولايات لمكافحة التطرف. وخلال عام واحد حمّل كل من وزراء الداخلية ووزراء العدل مسؤولية الخلل إلى بعضهم البعض”.

مدير الشبكة موكه عبر عن اعتقاده أن الأمور ستتغير خلال الأسابيع القادمة، إذ قالت المتحدثة باسم وزارة العدل الاتحادية إن هذا الموضوع يوجد على أجندة الوزراء. ورغم ذلك، فإن موكه لا يبدو متفائلا من نقاشات الوزراء حول مشكلة التطرف في السجون ملاحظا بالقول :”أشاهد هذا النقاش منذ سبعة أعوام”. (DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. كل أبطال داعش هم مجرمون سابقون وحشاشون ومطلوبون لجرائم مختلفة. أهذا هو الجهاد ؟