ساسة تركيا يتراشقون بالشتائم
لم يصل الاستقطاب في تركيا إلى الدرجة التي تشهدها الساحة السياسية الآن، من خروج على «حدود الأدب» وتجريح شخصي بين قياديّي أحزاب ومسؤولين ووزراء، منذ الانقلاب العسكري عام 1980، إذ إن الخلافات السياسية بين القياديين السابقين لم تبلغ حد التجريح الشخصي واستخدام أوصاف مثل «حقير، سافل، عديم شرف وأخلاق»، في أوجّ العداء بين مسعود يلماز وطانسو تشيلر، أو بين الراحلَين بولنت أجاويد وسليمان ديميريل.
وهذا يعكس خطورة الاستقطاب في تركيا وتضاؤل احتمالات التفاهم السياسي حول أي خلاف، ما بدأ ينعكس على وسائل الإعلام المنقسمة بين موالاة ومعارضة، مفاقماً توتر الشارع بسبب المعارك مع «حزب العمال الكردستاني» في جنوب شرقي تركيا.
وكان زعيم المعارضة كمال كيليجدارأوغلو انتقد رفض نواب موالين للحكومة، التصويت على استجواب وزيرة شؤون العائلة سما رمضان أوغلو، لاتهامها بالتستر على اغتصاب مدرّسين أطفالاً في معاهد دينية، مستخدماً مصطلحاً قابلاً للتأويل قائلاً إنها «نامت أمام أحدهم لحمايته»، ويشير بذلك إلى مصطلح استخدمه وزير الداخلية السابق معمر غولر في دفاعه عن رجل الأعمال رضا ضرّاب، بقوله: «أي يد تمتدّ إليه ستجدني نائماً أمامه»، بمعنى «على جثتي».
واعتبر الرئيس رجب طيب أردوغان ووزراء، تصريح كيليجدارأوغلو خروجاً على الأدب والأخلاق. ووصف أردوغان رئيس «حزب الشعب الجمهوري» بأنه «شاذ»، فيما اعتبره رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو «عديم شرف وأخلاق»، كما نعته وزراء ونواب ووسائل إعلام موالية بأنه «حقير وسافل».
وردّ ناطق باسم الحزب المعارض واصفاً داود أوغلو بأنه «مغفّل» لا يحترمه حزبه الحاكم، وزاد: «إنه آخر من يعلم أن أردوغان سيبدله قريباً بأحد وزرائه، لكنه يعيش في وهم».
طغى ذلك على سجال آخر حول اقتراح الرئيس سحب الجنسية من «داعمي الإرهاب» في تركيا، وهذا أمر لم يلقَ رواجاً حتى أثناء الحكم العسكري. وأشار داود أوغلو إلى أن هذه المسألة ليست مُدرجة على جدول أعمال حكومته، لكن وزير العدل بكير بوزداغ، المقرّب من أردوغان، لفت إلى أن الأخير «يتوقّع قانوناً جديداً» يعيد تعريف الإرهاب ودعمه، وزاد: «سنبدأ عملاً لازماً في هذا الصدد».
وتبدي المعارضة اليسارية والكردية قلقاً بالغاً من هذا الأمر، اذ قد يتحوّل سلاحاً آخر في يد الحكومة لتصفية خصومها، خصوصاً أن الثقة في نزاهة القضاء في أدنى مستوى، ما يسهّل صدور حكم أو حتى تهمة لأي معارض بدعم الإرهاب، كما حدث مع مئات من الأكاديميين الذين انتقدوا في عريضةٍ «انتهاج الحكومة حلاً عسكرياً لتسوية القضية الكردية»، فاتهمهم أردوغان بالإرهاب وطالب بمحاكمتهم وحبسهم حتى انتهاء المحاكمة.
وأثار ذلك خلافاً آخر مع داود أوغلو الذي لا يرفض محاكمة الأكاديميين، لكنه يرى وجوب الامتناع عن سجن أي متهم إلى حين صدور حكم قضائي نهائي في حقه، لئلا يتحوّل الحبس الاحتياط عقاباً، مع طول فترة المحاكمة.
في غضون ذلك، فتحت محكمة أنقرة تحقيقاً في تسريب قراصنة على الإنترنت قاعدة بيانات تحوي معلومات شخصية عن حوالى 50 مليون تركي، بينهم أردوغان وسلفه عبد الله غل وداود أوغلو.
وطمأن داود أوغلو مواطنيه إلى اتخاذ حكومته «تدابير» لحماية معطياتهم الشخصية، فيما رجّح بوزداغ حدوث التسريب من المجلس الأعلى الانتخابي، مذكّراً بأن رقم «50 مليون شخص يتطابق مع عدد الناخبين في تركيا». (صحيفة الحياة)[ads3]
تشويه الحقائق وصل بهذه الصحيفة لتقلب الخبر رأساً على عقب، فإما خطؤها كان في ترجمة كلام رئيس حزب الشعب، أو إن سياستها تسمح لها بالتزوير، فما قاله: إنها تستلقي على ظهرها أمام أحدهم، ولم يكن الكلام عن اعتدائات جنسية كما يدعي كاتب المقال، بل اتهمهم بتقصير في الخدمات. وهذا السباب خارج عن مألوف السياسة، لكنَّه يخدم الذين يعكرون صفو أصفى المياه وأنقاها، والله المستعان
من قلب الحقائق: أن رئيس الوزراء قال: لا أرد عليه، لأنه ليس رجلاً، بل ليس ببشر من يتكلم بالسباب والشتم.