ألمانيا تدرس توسيع صلاحيات جيشها لتشمل مهمات داخلية
في ظل تصاعد خطر الإرهاب في أوروبا، يدرس الائتلاف الحاكم في برلين إدخال تعديلات قانونية تسمح بتوسيع صلاحيات الجيش الألماني.
وكشفت صحيفة «زود دويتشه تسايتونغ» الألمانية أن الحديث يدور، في ضوء التهديد الأمني من قبل “داعش”، عن تكليف الجيش بمهمات داخلية بعد أن كان دوره الأمني مقتصراً على حالات الطوارئ فقط.
وكتبت الصحيفة أن “طبيعة وديناميكية التهديدات الحالية والمستقبلية بالنسبة للسياسة الألمانية تجعل مواصلة التطوير أمرا ضروريا من أجل إتاحة المجال لمساهمة فعالة للجيش الألماني من أجل التصدي للمخاطر المتعلقة بالأمن الداخلي والخارجي، ومعتمدا على أساس واضح.”
وتستند الصحيفة إلى «ورقة بيضاء» جديدة للحكومة الألمانية بشأن السياسة الأمنية ومستقبل الجيش الألماني.
وتجدر الإشارة إلى أن «الورقة البيضاء» هي عبارة عن وثيقة تشمل الاستراتيجيات والسياسات المستقبلية التي قد تتبعها الحكومة الفدرالية، ويتم استخدام الأوراق البيضاء للمناقشة بين الفرقاء السياسيين قبل سنها كتشريعات.
مشروع التعديل الدستوري الذي عرضته وزارة الدفاع الألمانية يشمل توسيع صلاحيات الجيش في الخارج أيضا، وقد أُرسل المشروع إلى الحكومة لمزيد من النقاش وحُدِّد شهر يونيو/حزيران المقبل موعدا للبت فيه من قبل مجلس الوزراء.
ويعتقد المراقبون للشأن الألماني أن الوضع الأمني تغير كثيرا منذ النقاش الأخير عن دور الجيش الألماني في عام 2006؛ إذ وضعت هجمات “داعش” الإرهابية في باريس وبروكسل حكومة برلين في حالة تأهب قصوى تحسبا لهجوم مماثل؛ ما أدى إلى ارتفاع الأصوات الداعية إلى نشر الجيش في الداخل؛ وهو اقتراح لاقى ترحيبا من قبل “الاتحاد الديمقراطي المسيحي” (CDU) الذي تتزعمه المستشارة أنغيلا ميركل.
في المقابل، رفض رئيس لجنة شؤون الدفاع في البرلمان الألماني هانس-بيتر بارتلس خطط التحالف المسيحي للاستعانة بالجيش الألماني في دعم الشرطة داخليا في حالات التعرض لهجمات إرهابية على سبيل المثال.
وصرح بارتلس لصحيفة «نوردفيست تسايتونغ»، الألمانية الصادرة اليوم، الأربعاء (13 04 2016) بأنه “لا ينبغي الاستعانة بالجيش كقوات احتياط غير مكلفة لمصلحة قوات الشرطة التي ربما قد تم تقليل عددها بشدة، وهذا الأمر لا يتضمنه الدستور، وجنود الجيش الألماني غير مدربين لهذا الغرض أيضاً، كما أنهم ليسوا مخصصين له”.
كذلك، عارض مشروع وزارة الدفاع الألمانية وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير، الذي ينتمي إلى الـSPD، ويشارك في الائتلاف الحاكم مع الـCDU، التي تنتمي إليه المستشارة أنغيلا ميركل. وذكرت مصادر مقربة من الوزير أن «الحزب الاشتراكي الديمقراطي» (SPD) غير معني بخطط إجراء التعديل الدستوري للاستعانة بالجيش الألماني في مهمات داخلية. وحذر شتاينماير من أن “أي تغيير للدستور من أجل السماح للجيش الألماني بالانتشار في الداخل لن يمرره الحزب الاشتراكي الديمقراطي.”
ويعتقد الـSPD أنه بدلا من إعطاء الجيش مسؤوليات إضافية تفوق طاقته، سيكون أكثر منطقية تعزيز قوات الشرطة في البلاد.
كما دان «حزب اليسار» المعارض هذه الخطوة، بينما حذر «حزب الخضر» من أن السياسة الدفاعية المقترحة تعني تحول ألمانيا “إلى اليمين”.
من جانبه، قال عضو المجلس الألماني للعلاقات الخارجية المحلل الأمني د. هينينغ ريكيه إن “أزمة اللاجئين و”داعش” وضعا هذا الموضوع على جدول الأعمال مرة أخرى”. وأضاف أن “كثيرا من الناس سوف ينظرون إلى هذا المشروع باعتباره نقاشا شكليا، نظراً للمطالب المستمرة من قبل المسؤولين الفعليين عن الأمن الداخلي للحصول على قدر أكبر من الموارد.”
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية وافقت بالفعل في عام 2015 على زيادة الإنفاق العسكري من 1.3 في المئة إلى 6.2 في المئة على مدى السنوات الخمس المقبلة من أجل تحديث الجيش الألماني. كما تخطط وزارة الدفاع لزيادة عدد القوات أيضاً.
ويأتي هذا الجدال المحتدم بين الفرقاء السياسيين عن دور الجيش الألماني بعدما كشف جهاز الاستخبارات العسكرية الألماني (MAD)، أن الجيش الألماني صنَّف خلال الأعوام العشرة الماضية 22 جندياً في الخدمة على أنهم إسلامويون متطرفون، وسرَّح منهم 17 جندياً، بينما بلغ الجنود الخمسة المتبقين نهاية فترة خدمتهم بالفعل.
وبحسب الـMAD أيضاً، سافر 29 جنديا ألمانيا سابقا إلى سورية والعراق. وبحسب أدلة غير مؤكدة لسلطات الأمن الألمانية، فإن بعض هؤلاء انضموا إلى تنظيم “داعش” الإرهابي. وتجري الـMAD حاليا تحريات في 65 واقعة لجنود في الخدمة يشتبه في تبنيهم توجهات إسلاموية. (RT)[ads3]