هل يمكن أن يحدث انقلاب عسكري في تركيا ؟

تتناقل أخبار الصحف سواء كانت عربية أم غربية، أحياناً، احتمالات ستعصف بتركيا بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها، سواء العمليات الإرهابية التي ضربت أنقرة واسطنبول أو الأمور الداخلية مثل محاكمة بعض الصحافيين واعتقال بعض الأكاديميين وما يجري الحديث عنه حول الحريات الأساسية في هذا البلد.

من الأقاويل التي تتردد، أن انقلاباً عسكرياً سيحدث في تركيا للتخلص من النظام القائم والحزب الحاكم، ومن يروّج لهذه التنبؤات يراهن على ترحيب بعض الأوساط، داخلية كانت أم خارجية، بهذا الحل باعتباره يرضي طموح من يريدون لتركيا أن تسلك طريقاً آخر يتطابق مع مفاهيمهم.

لا أحد ينكر أن أفكار القوى السياسية غير متطابقة مع بعضها البعض في كثير من القضايا والنظرة إلى الأمور ومستقبل البلد. وقد تنامت هذه الصراعات بعد الجدل القائم حول الرغبة المتمثلة في تحويل نظام الحكم في تركيا إلى نظام رئاسي بدلاً من البرلماني، وفي الاختلاف في التعامل مع الأحداث، بخاصة ما ورد ذكره أعلاه.

لقد خبرت تركيا فعلاً، مشاهد انقلابات عسكرية كانت تحصل مرة كل عشر سنوات، إلى أن أدرك الكل أن الحل لا يكمن في تغيير النظام بانقلاب عسكري، بل بالاحتكام إلى الشعب. في الوقت نفسه، فإن تركيا وفي أحلك الظروف، احتكمت إلى صناديق الاقتراع وسلّمت السلطة لإدارة منتخبة في كل مرة.

الفرق في الأمر، أن السلطة العسكرية فكرت وقد يكون ذلك بحسن نية أحياناً، أنها أحرص على الشعب من شلة من المشاغبين الذين يختلفون ويتصارعون عبر مقاعد البرلمان، فتحاول تغيير بوصلة الحياة السياسية إلى وضع أحسن، متناسية أن هؤلاء قد خوّلوا من الشعب لوضع خريطة للطريق تقودهم إلى مستقبل أفضل، وأنه مهما اختلف السياسيون فإن الحكم هو الشعب وسيقوم بالتغيير بنفسه كما حدث في مرات عديدة.

استغرق الأمر عقوداً كي تفهم الجماهير التركية أن فرض الوصاية على الشعب لم يأت بالنتيجة المرجوة دائماً، إلى جنوب تركيا حصل انقلاب عسكري في العراق وتم اغتيال ملك لم يتجاوز الثالثة والعشرين من العمر مع مجموعة من أفضل سياسيي العراق، بدعوى أن القائمين بهذا الانقلاب حريصون على مستقبل الشعب ورخائه ورفاهه، ويذكر الجميع أن الأمور ساءت في هذا البلد إلى أن وصلت الأمور إلى كارثة عاشها كل فرد عراقي. وحدث انقلاب فتح سلسلة الانقلابات العسكرية في المنطقة كان عنوانه مصر، لكن على الأقل لم يرتكب المصريون ما ارتكبه بعض العراقيين، بل ودعوا الملك بتحية عسكرية إلى خارج البلاد.

لقد ولجت تركيا الطريق الانتخابي منذ أكثر من ستين عاماً، وعلى رغم إطلاق صافرة التوقّف من العسكر لثلاث مرات فعلية وأخرى إلكترونية، فقد حافظ الشعب التركي على شرف صندوق الاقتراع وسلّم السلطة لمن فاز في الصندوق بانتخابات قلّ ما شكّك أحد في صحتها ونزاهتها على الأقل. من هذا المنطلق، أدركت الأحزاب السياسية أنها ستخسر قواعدها إذا وقفت مع الحل الانقلابي حتى في أحلك الظروف، وأنها يجب أن تنتظر الانتخابات المقبلة إذا أرادت ترويج برنامجها الانتخابي وتطلب التصويت لها في صناديق الاقتراع.

لقد مضى الزمن الذي كان الاصطفاف فيه عدائياً، وأدرك الجميع أن التناغم الاجتماعي يجب أن يسبق السياسي، أعني بذلك أنه قد ولى الزمن الذي قامت فيه القيامة ولم تقعد لدخول نائب محجبة إلى قاعة البرلمان، ولم يعترض أحد من مناصري تلك الفعلة حالياً عندما بدأوا يرون العشرات من عضوات البرلمان بحجابهن. قلنا دائماً إننا يجب ألا نركز على تغيير القوانين والأنظمة والدساتير بقدر التركيز على تغيير نمط التفكير والقبول بالآخر.

أقول ذلك لأنني أعلم أن من يعترض على الوضع القائم إلى درجة الكره، لا يرى الحل في انقلاب يغيّر هذه الأوضاع، وأنه سيكون أول من يتصدى لمحاولة من هذا القبيل. لذلك، أدعو من يراهن على هذه الاحتمالية أن يكفّ عن التبشير بذلك لسبب بسيط، وهو أنه لا يفهم الذهنية التركية الحالية بعد عقود رأى الأتراك فيها بأم أعينهم رؤساء سابقين ما زالوا على قيد الحياة ويتم الإنصات إلى تجاربهم وآرائهم. رؤساء ليسوا في أقبية السجون أو في مقابر مجهولة.

ارشد هورموزلو – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫8 تعليقات

  1. هذه أماني الغرب و الخونة من العرب و المسلمين بإذن الله أردوغان وحزبه باقيان لأنهما فازا بانتخابات شرعية ولن يذهبا إلا بقرار من الشعب التركي عن الطريق الانتخابات أما الحديث عن انقلاب عسكري فالتعبثوا بعيدا أردوغان و بفضل من الله أخضع العسكر للحكم المدني و السلطة المنتخبة ولا صوت يعلو فوق صوت الشعب

  2. لم يعد خافيا على أحد مقدار التشابه بين مصير يوغوسلافيا ومصير سوريا … فكل ما يجري يؤكد التطابق في تسلسل الأحداث وطريقة ادارتها ومقارباتها …

  3. بعد اندالاع الثورة السورية سكت الغرب عن جرائم الأسد واكتفوا بالإدانات الكلامية ، وتركوا الملعب للمال الخليجي والحركات الاسلامية المتشددة لتنمو وتزدهر وتعمق الانقسام الطائفي في غياب مشروع حقيقي لانقاذ الشعب السوري ، ثم تساهلوا مع تدخل حزب الله وايران ، وتركوا الطائفة العلوية تغوص في بحر الدماء السنية ثم ساعدوا داعش للقيام والتمدد … وتساهلوا بل تعاونوا مع التدخل الروسي لرسم حدود الدويلة العلوية ، وساعدوا الكرد على توحيد دويلتهم في شمال سوريا بحجة الحرب مع داعش … ولم يقدموا أي مساعدة للجيش الحر عندما حاربها … وتساهلوا مع توسع حزب الله في وسط سوريا واحداث تغيير ديموغرافي خطير فيه بالتزامن مع هيمنته على لبنان ، ومنعوا اسقاط الأسد وعطلوا كل النظام الدولي بما فيها محاكم جرائم الحرب واتفاقيات جنيف واتفاقيات منع استخدام أسلحة الدمار الشامل …. وساهموا في تهجير الأغلبية السنية بل وصلت بهم الوقاحة للترحيب بها بدوافع انسانية … ورفضوا أي فكرة لاقامة مناطق آمنة شمال حلب .

  4. وبعد أن وصلت الجراح لدرجة غير قابلة للاندمال ، اختاروا طريقا واحدا للحل هو الحل السياسي عبر مسار جنيف ، وسعوا جاهدين لاقناع كل الأطراف بالقبول بهذا المسار ، وهم يعلمون علم اليقين أن التوافق قد أصبح مستحيلا بين المتصارعين … واستطاعوا أخيرا عبر هيئة الرياض توريط المجموعات المسلحة بالقبول بمبدأ جنيف وبالرعاية الدولية التي تمثلت بمبعوث الأمم دي مستورا … وتنطحوا في مجلس الأمن لدعم وحدة سوريا والحل السياسي الذي سينتج عن مسار التفاوض … وجمعوا ما هب ودب على مائدة فارغة … فلا الأسد سيقبل بالتنازل ولا المعارضة ، وهم ليسوا بوارد تركيب أي ضغط على الأسد … والنتيجة البادية للعيان هي فشل المفاوضات …

  5. طبعا تصميم مفاوضات فاشلة هو الهدف الخفي لجهود كيري ، والخديعة المقصودة هي القبول بالتدخل الدولي وتكليف المجتمع الدولي بإيجاد حل سياسي للسوريين … وعندما تفشل هذه المساعي كما هو متوقع ، ترتفع أصوات وقف حمام الدم ، ومنع الانتقام ، ولا يبق سوى العودة لمجلس الأمن ودراسة مقترح دي مستورا الذي سيتضمن خطة لتقسيم سوريا بناء على الأمر الواقع الراهن الذي ثبتته الهدنة بعد التدخل الروسي ، أي بذات طريقة تقسيم يوغوسلافيا بعد مذبحة سيربينتشا وكوسوفو …

  6. نعم … من قبل بمسار جنيف هو الذي فرّط بقرار الثورة ووحدة سوريا … فلو رفضنا هذا المسار لما تنطح أحد ليكون وصيا علينا بارادتنا ولما أعطينا الشرعية للتدخل الدولي السافر في كتابة دستورنا واختيار ممثلينا وقيادتنا بل أخيرا في رسم حدود تقسيمية لبلدنا …

  7. طبعا ما يجري ليس حبا بالعلويين أو بالكرد ولا بحزب الله ومليشيات الحشد الشيعي ، بل استكمالا لخطة تقسيم العالم الإسلامي عبر اقامة الهلال الشيعي الكردي الذي يفصل مسلمي جنوب آسيا وتركيا عن العرب ويصنّع حدودا جغرافية فاصلة تمنع قيام أي نوع من الوحدة بينهم واشغال المسلمين في صراعات بينية … ما جرى في العراق وما يجري في سوريا ولبنان هو تنفيذ لمخطط استراتيجي غربي يحمل ذات دوافع وأهداف الحرب العالمية الأولى التي على ما يبدو أنها لم تنته بعد .

  8. بعد فشل جنيف ستحدد معركة حلب مصير هذه الحرب … هل ينجح العرب بالتعاون مع الترك في كسبها كما كسبوا معركة شنا قلعة التي حافظت على استقلال تركيا ومنعت استعمارها ، هل ستتدخل السعودية والدول العربية لانقاذ الأمة الاسلامية ومستقبل الشرق الأوسط برمته … نحن على موعد مع صيف حاسم ؟