صحيفة موالية : نصف مليار ليرة سورية مكاسب عصابات الخطف في اللاذقية
ودّع فؤاد صديقه ومضى في سيارته إلى منزله الذي لم يصله، وإنما وصلت عوضاً عنه الأنباء التي تقول إن الشاب، إبن الثامنة عشرة من العمر، قد تم اختطافه من قبل عصابة مجهولة في محافظة اللاذقية، وقد دام خطفه لأيام قبل أن يعود سالماً.
هذه القصة ليست دراما تلفزيونية ولا هي سينما هوليوودية. إنها قصة واقعية من عشرات القصص التي بات يعيشها المجتمع السوري في المناطق الآمنة، وعلى رأسها اللاذقية، التي شهدت حتى الآن أكثر من 150 حالة اختطاف، بعض هذه الحالات أدى إلى مقتل المختطف أثناء محاولته النجاة من خاطفيه، وبعض من خطفوا عادوا بعد أن دفع أهلهم فدية بالملايين.
أزمة الخطف التي تعتصر أفئدة اللاذقانيين ألماً على أخبارها تعد بمثابة وجع آخر يضاف إلى أوجاع أبناء المحافظة الساحلية، التي لا يمضي يوم إلا وتستقبل فيه أبناءها الذين قضوا على جبهات القتال في مواجهة التكفيريين. لكن على ما يبدو، فإن هناك عصابات أخرى غير تكفيرية حاضرة بقوة في المحافظة الآمنة.
الخطف في اللاذقية ليس طارئاً جديداً فعمره يعود إلى خمس سنوات، لكنه كان قد تراجع إلى أدنى مستوى في الأشهر القليلة الماضية مع تحرير الريف الشمالي، قبل أن يعود بقوة على ما يبدو، حيث شهدت الأيام القليلة الماضية اختطاف مواطنين في اللاذقية، ومقتل شاب في جبلة يشتبه بأن قتلته حاولوا خطفه، وكذلك حصل الأمر مع فتاة في ريعان شبابها قتلت لنفس السبب، ومحاولات أخرى باءت بالفشل.
عمليات الخطف هذه تتبناها عصابات مسلحة بقصد الحصول على فدية، ومعظم عمليات الخطف تكون مدروسة بدقة. ويبدو ذلك من خلال نوعية الأشخاص الذين يتم اختيارهم لخطفهم، حيث يكون المختطفون من العائلات الميسورة مالياً من أجل ضمان دفعها للمبلغ المطلوب، فالفقراء لا فائدة من اختطافهم، فهم عبء على الخاطفين.
عصابات الخطف وصلت لدرجة عالية من الجرأة. يقول تاجر تعرض لمحاولة اختطاف مؤخراً: «أوقفتني سيارة على أنها دورية في وسط المدينة، طلبوا مني النزول من السيارة، نفذت المطلوب، وبعد أن أصبحت خارج سيارتي شعرت بأن الأمر مبيت، وأنهم ليسوا دورية. عند ذلك هربت، وبدأت بالصراخ، فما كان منهم إلا أن ركبوا سيارتي وهربوا بها. لو لم أهرب لكنت الآن مختطفاً».
يبتز الخاطفون أهالي مختَطَفيهم من خلال تعذيب الضحية وإسماع صوته لعائلته التي يصيبها الضعف أمام هذا الصوت، وتبادر على الفور لدفع المبلغ المطلوب. ووفق إحصائية أجرتها «السفير» فإن مجموع ما جنته هذه العصابات من المختطفين حتى آذار الماضي بلغ أكثر من نصف مليار ليرة سورية. وقد تفاوتت فدية المختطفين ما بين 3 ملايين و20 مليون ليرة سورية.
لدى الخاطفين قدرة لم يعد يستهان بها على استنزاف عوائل المخطوفين ودفعهم لتلبية مطالبهم، حتى أن بعض العائلات دفعت المبلغ المطلوب للخاطفين لكنها لم تحصل على أبنائها المختطفين، واستمر الخاطفون بالابتزاز حتى دفع المبلغ مرة ثانية.
عمليات الاستلام والتسليم تستمر لساعات طويلة، وكثيراً ما يتم تأجيلها. يقول إبن أحد المختطفين، الذين تحرروا مؤخراً: «استمر خطف والدي 15 يوماً، كنا كل يوم نسمع صوته وهو يئن من التعب نتيجة الضرب والإهانة، وعندما توصلنا إلى حل واتفقنا على المبادلة ظلوا يتلاعبون بنا من السادسة مساء حتى الثالثة فجراً، قبل أن يؤجلوا العملية لليوم التالي، وهكذا أمضينا ثلاثة أيام قبل أن يطلبوا منا وضع المبلغ على طرف الطريق في مكان حددوه هم، ومن ثم نذهب لمكان آخر لاستلام والدنا. كان علينا القبول بذلك من أجل إنقاذ أبي».
العائلة التي فعلت ما أمرتها به العصابة كانت على وشك خسارة المبلغ، وعندما وصلوا إلى مكان الاستلام ولم يجدوا والدهم الذي ظل لدى خاطفيه حتى اليوم التالي، ومن ثم رموه على قارعة الطريق في وقت متأخر من الليل معصوب العينين واتصلوا بعائلته لتذهب إليه وتأخذه بعد أن حددوا لهم موقعه.
تخلف عمليات الاختطاف حالة من الخوف لدى المئات ممن يعتبرون أنفسهم مستهدفين، أو مشروع استهداف. يقول نقولا: «منذ أن سمعت والدتي بعودة عمليات الاختطاف، وهي تتصل بي كل نصف ساعة وتطلب مني العودة إلى المنزل. لقد جعلتها حوادث الخطف تخشى علي، خصوصاً أن غالبية المختطفين هي من بيئتنا، وللحقيقة بت آخذ كلامها على محمل الجد».
الأجهزة المعنية تَعِدُ عوائل المختطفين دائماً بأنها ستحررهم، وتطلب منهم التريث وعدم دفع الفدية مع البقاء على اتصال دائم بها، لكن هذا الأمر لا يلقى أذناً عند من خطف والده أو شقيقه.. إلخ، ويريد إنقاذه بأي ثمن، وفي الوقت ذاته يتمنون على الدولة أن تبقى قوية لتحميهم وتوقف الخاطفين عند حدهم، بعدما باتوا بلا وازع يعيثون فساداً في المناطق الآمنة، وينتحلون صفة الأمن.
يحلم أبناء اللاذقية بالقضاء على العصابات المسلحة في المناطق الآمنة، الذين باتوا يسمون «دواعش» الداخل، وهو حلم عمره الآن خمس سنوات ويتجدد مع كل حادثة تشهدها المحافظة التي تنتظر اللحظة التي يُوقَف فيها هؤلاء عند حدهم، فاللاذقية مشبعة من أوجاع جرحاها وشهدائها ومختطفيها في ساحات القتال وهي لا تحتمل جراحاً أخرى فوق جراحها النازفة.
بلال سليطين – السفير اللبنانية[ads3]
عائلة الأسد وما هو عملهم منذ إستيلاء الكلب المقبور الحكم وتوريثه لجروه من بعده لتمويل حرق ما تبقى من سوريا الذي أوصلها بغبائه إلى مالم يعد يحمد عقباه.