سفينة عسكرية ألمانية في مهمة صعبة قبالة السواحل الليبية

السماء صافية والشمس مشرقة في عرض مياه البحر المتوسط وسفينة “فرانكفورت أم ماين” التابعة للجيش الألماني تعبر أمواج البحر بثبات. بيد أن هذا الطقس يبقى غير مناسب للاجئين لعبور البحر على متن زوارقهم الخشبية أو المطاطية الصغيرة فالأمواج مرتفعة جداً.

قبل يوم من الآن غادرت “فرانكفورت”، أكبر سفينة للجيش الألماني، ميناء كالياري عاصمة جزيرة سردينيا الإيطالية، وتوجهت إلى الساحل الليبي. وتشارك السفينة الألمانية في عملية “صوفيا” التي أطلقها الاتحاد الأوروبي لمكافحة تهريب البشر.

على المستوى الرسمي فإن المهمة الأساسية لعميلة “صوفيا” ليست هي “الإنقاذ”. فالهدف من المشاركة الألمانية حسب القائد العسكري الألماني أندرياس شميكل هو “الحد من الهجرة غير الشرعية من شمال إفريقيا إلى أوروبا”. غير أن الأرقام تقول شيئا آخر، فإلى حدود الوقت تم إنقاذ 13 ألف شخص في إطار هذه المهمة، فيما ألقي القبض على 68 من المهربين المحتملين. وحسب تقارير وسائل الإعلام فإن عدد الأشخاص الذين ينتظرون الوقت المناسب في الساحل الليبي لركوب الأمواج نحو أوروبا في تزايد مستمر.

في هذا الوقت من العام الماضي لقي أكثر من 700 لاجئ حتفهم بعد غرق قاربهم قبالة جزيرة لامبيدوزا الإيطالية وذلك في أسوأ مأساة لغرق قوارب اللاجئين في البحر المتوسط. كارثة مشابهة تكررت قبل أيام بعد غرق نحو 500 من اللاجئين، حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وفي بداية شهر أبريل/ نيسان الجاري، أنقذ طاقم سفينة “فرانكفورت” أكثر من 700 شخص من الغرق قبالة الساحل الليبي. وقد شاركت المساعدة الطبية كريستين. ب في عملية الإنقاذ هذه، والتي استغرقت حوالي 36 ساعة متواصلة لتأمين حياة اللاجئين وتزويدهم بما يلزمهم. “لم أكن أتصور أن قاربا خشبيا واحدا يمكنه أن يتسع لأكثر من 500 شخص”، تقول كريستين ب.

إلى حدود أوائل شهر مارس/ آذار الماضي كانت كرستين (31 عاماً) تعمل في شمال ألمانيا، ومنذ فاتح أبريل/ نيسان عززت الفريق الطبي لسفينة “فرانكفورت”. وتتوفر هذه المساعدة الطبية على تجارب سابقة في إطار المهمات الصعبة، كتجربتها مع الجيش الألماني في أفغانستان. لكن هذه التجربة الجديدة في عرض البحر مختلفة تماماً.

وتصف كريستين تجربتها الجديدة بالقول: “البؤس يوجد في أفغانستان أيضاً، لكن هؤلاء الناس عاشوا الكثير من المعاناة والبؤس وعلامات ذلك تظهر عليهم. وعندما ترى كيف يقفزون من القوارب تصاب بصدمة”. وتضيف المساعدة الطبيبة “هؤلاء الناس هم بكل بساطة ضحايا، يمكن رؤية حجم المعاناة التي عاشوها في عيونهم”. وتتمنى كريستين ألا ترى قتلى أو أطفالا خلال مهمتها على متن سفينة “فرانكفورت”.

في انتظار ظهور أولى القوارب يجري طاقم السفينة التدريبات على مدفع رشاش، ويُجرب الخوذات وأجهزة التنفس على سطح السفينة لمحاكاة عملية إخماد الحرائق. على السطح الأمامي للسفينة يتحقق الضابط يان.س من الإضاءة في الحاويات الحمراء والزرقاء، فهذا المكان هو المحطة الأولى للمهاجرين على متن السفينة الألمانية. “هذه المهمة غير عادية، وهناك العديد من الأمور تحدث لم يكن المرء يتوقعها”، يقول مهندس الكهرباء يان س، وهو بصدد تثبيت مصباح كهربائي في مكانه وبجانبه صورة لمسدس وسكين داخل دائرة حمراء للتعبير على أن “الأسلحة محظورة”. عندما يصل المهاجرون إلى السفينة الألمانية يمرون أولا من هذا المكان، حيث يتم تفتيشهم وإخضاعهم للفحص من قبل الفريق الطبي، وبعدها تُجرى معهم مقابلات للحصول على معلومات عنهم. وفي الأخير توزع عليهم ملابس جديدة.

الضابط يان.س كان أيضا على متن سفينة “فرانكفورت” خلال عملية إنقاذ أكثر من 700 شخص من الغرق وحملهم على متن السفينة الألمانية في غضون ساعات قليلة. ويصف يان. س البالغ من العمر 22 عاما هذه العملية بالقول”الإجهاد والضغط الذي عشته أثناء عملية الإنقاذ لم أعشه من قبل “، مضيفا “عندما يكون الكثير من الناس على متن السفينة يكون الجميع متوترا”.

عملية إنقاذ اللاجئين من الغرق لا تقل أهمية عن الهدف الأول والأساسي للبعثة الألمانية والمتمثل في مكافحة المهربين. ويصف القائد العسكري أندرياس شميكل إحدى عمليات التهريب بالقول “في البداية قام المهربون بمرافقة قوارب اللاجئين إلى خارج المياه الليبية، ولما لاحظوا وجود سفن حربية توقفوا عن مغادرة مجال المياه الليبية”، فالسفن الحربية الأوروبية المشاركة في عملية “صوفيا” لا يحق لها الدخول إلى المياه الليبية، كما يؤكد شميكل.

ورغم المشاركة الفعالة للسفينة الألمانية فكل أفراد الطاقم الموجودين فوقها يعرفون أن بعثة الاتحاد الأوروبي في البحر المتوسط لن تكون كافية لوضع حد لأزمة اللاجئين. “فالمشاكل التي نشأت في البر لا يمكن حلها في البحر”، كما يلخص القائد العسكري أندرياس شميكل. (Deutsche Welle)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها