هل تصبح الحياة مستحيلة في الشرق الأوسط ؟ .. موجات حرارة قاتلة تضرب المنطقة منتصف القرن الجاري
تنبأت دراسة جديدة بتغيرات مُناخية كبرى في مناطق واسعة من الشرق الأوسط وإفريقيا وارتفاع في درجات الحرارة، قد يجعل مساحات كبرى من تلك المناطق التي عرفت نشأة الحضارة الإنسانية غير صالحة للعيش بحلول منتصف القرن الجاري.
وكان باحثون – بحسب تقرير نشرته هافينغتون بوست – من معهد ماكس بلانك للكيمياء بألمانيا ومعهد قبرص في نيقوسيا قاموا بدراسة الأرقام الحالية، ووجدوا أن تلك المنطقة تعد من بؤر التغيرات المناخية، حيث تضاعف عدد الأيام التي تصل فيها درجة الحرارة إلى أقصى مستوياتها في تلك المنطقة منذ عام 1970، وأن المنطقة قد تعاني من مُناخ أكثر قسوة ربما يقود لـ”هجرات مناخية”.
في الأيام الحارة تصل درجات الحرارة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط إلى حوالي 109 درجات على مقياس فهرنهايت (42.7 درجة مئوية) في الوقت الحالي بحسب ما وجدته الدراسة، في حين أن الرقم قد يصل إلى 114 درجة بحلول عام 2050، ثم إلى 122 (50 درجة مئوية) بحلول عام 2100، وهو ما عقبت عليه الدراسة بالقول إنها درجات قد تسبب عواقب كبرى على صحة الإنسان والمجتمع.
وقد أكد الباحث جوس ليلفيلد، مدير معهد ماكس بلانك للكيمياء الأستاذ بمعهد قبرص، أن التغيرات المناخية قد تعرض المنطقة التي يسكنها 500 مليون نسمة للخطر، حيث يقول: “موجات الحرارة المستمرة لفترات طويلة والعواصف الترابية قد تجعل من بعض المناطق غير صالحة للعيش، وهو ما يشكل ضغطاً على السكان للهجرة”.
وبتحليل البيانات المناخية منذ عام 1986، تمكّن الباحثون من توقع درجات الحرارة طوال القرن الحادي والعشرين، وقد كانت تلك الحسابات قائمة على اثنين من السيناريوهات المتوقعة، حيث قاموا في البداية بتحليل ما يمكن أن يحدث في حال انخفاض الانبعاثات الكربونية بحلول منتصف القرن الجاري، ثم بعد ذلك قاموا بالحسابات على أساس استمرار زيادة تلك الانبعاثات بالمعدل الطبيعي لزيادتها.
وأظهرت الدراسة التي نشرت في مجلة Climate Change أنه في كلتا الحالتين، فإن منطقة جنوب البحر المتوسط يجب أن تكون مستعدة لدرجات حرارة حارقة، وموجات حارة أطول وأكثر امتداداً.
في الفترة من 1986 إلى 2005، كان معدل استمرار الموجات الحارة في المنطقة قرابة 16 يوماً بحسب الدراسة، فيما وجدت الدراسة أنه في أفضل الأحوال سيصل معدل استمرار تلك الموجات إلى 80 يوماً بحلول عام 2050، وإلى 118 يوماً بحلول عام 2100، في حين أنه إذا لم تتقلص الانبعاثات الكربونية بشكل ملحوظ، فتشير التوقعات إلى أن تلك المنطقة قد تعاني من موجات حرارة مرتفعة يصل عددها إلى 200 يوم في العام الواحد بنهاية القرن الحالي.
وبغض النظر عن السيناريو الذي سيحدث بينهما، تشير الدراسة إلى أن تلك التغيرات المناخية ستؤدي إلى تدهور الأوضاع المعيشية لسكان منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وأنه عاجلاً أم آجلاً سيقودهم ذلك إلى مغادرة المنطقة.
هافينغتون بوست نقلت عن مايكل مان، عالم المناخ بجامعة بنسلفانيا، قوله إن تلك التوقعات المناخية في المنطقة لا تمثل مفاجأة على الإطلاق، حيث يقول: “هذه الدراسة هي جزء من سلسلة دراسات أجريت حديثة وأكدت أن درجات الحرارة ستتجاوز قدرة الإنسان على التعايش معها في مناطق واسعة على الكوكب إذا فشل البشر في تقليل حرق الوقود الحفري، وهو نداء جديد لاتخاذ بعض الإجراءات الضرورية”.
وجاءت الدراسة في أعقب الإعلان عن نتائج دراسة صدرت في مارس/آذار 2016 أجراها جيمس هانسن، الأستاذ بمعهد الأرض بجامعة كولومبيا، التي توصل فيها إلى أن فصول الصيف في المناطق الاستوائية – ومن بينها الشرق الأوسط – ستصل درجات حرارتها إلى قيم أكبر من تحمل الإنسان بحلول عام 2100.[ads3]