مارتن لايجن ..حكاية ألماني أغلقت دونه أبواب ” إسرائيل “
في إحدى الزوايا البعيدة، يجلس الشاب ذو المحيا الأجنبي، وحيدًا، يفتح حاسوبه تارة، ويتمعن في صفحات كتاب صغير يحمله بين يديه تارة أخرى، يبتسم بهدوء كلما خاطبه شخص، يقف ويستعد للشرح كمثل الذي يحمل على ظهره ألف حكاية، يلقي بها فصلا تلو الآخر عن كاهله.
يبدو الشاب الألماني مارتن لايجن، من بعيد، كمن يحاول التعرف على المزيد من الأشخاص، ” هذا كتابي الذي أعددته عن فلسطين، إليك نسخة عنه”، يقول برفق لكل مقترب منه، محاولا استكشاف معالم وجوده وأسبابه بين مئات الفلسطينيين والعرب، في منتدى ” فلسطين في الإعلام” الذي يقام في مدينة اسطنبول.
” زيت وزعتر”، هكذا عنون الشاب الألماني كتابه، في إشارة إلى الطعام التراثي الفلسطيني المعروف، ” هذا الكتاب ذو أهمية بالغة وخصوصية كبيرة، أعددته خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014″ يقول لايجن لـ”TRT العربية”.
الشاب الألماني الذي عايش العدوان على غزة بين سكان القطاع لمدة 51 يومًا، يقول إنه يحمل همّ القضية الفلسطينية على عاتقه، وأنه من مناصري هذه القضية، التي يسعى إلى دعمها في كل المحافل الدولية.
وبدأت قصة لايجن مع القضية الفلسطينية، عقب مجزرة الحرية أو ما يعرف بـ” مافي مرمرة”، ” عقب تلك المجزرة، عرفت أن هناك شيئا يسمى فلسطين، بقعة جغرافية لا تعترف بها الصحافة الألمانية، وهو ما حملني إلى استكشاف هذه العوالم والخوض فيها، والسعي إلى نقل الحقيقة إلى الناس”.
وأشار إلى أنه شارك في حملتين لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، كان آخرهما بصحبة الرئيس التونسي السابق المنصف المرزوقي.
ويروي الشاب اللألماني لـ”TRT العربية” فصولا، من حياته في قطاع غزة عام 2014، حيث أكد أنه قضى تلك الفترة بين الخوف والترقب الحذر، ” قضيت 51 يومًا في منزل أحد المواطنين الفلسطينيين الذي استقبلني في بيت لاهيا، وشهدت بام عيني الصواريخ وهي تنهمر مثل الأمطار على رؤوس المواطنين، كانت تلك مشاهد من يوم القيامة، وهي ما جعلني أتحول إلى ناشط من أجل القضية الفلسطينية العادلة”.
يرتدي الشاب كوفية فلسطينية، ويتجول في أنحاء الفندق الذي ينظم فيه المنتدى، يحمل كتابه ” زيت وزعتر”، يقترب بهدوء من حشد من الإعلاميين العرب يعرفهم على نفسه، ويقول ” سميّت كتابي زيت وزعتر، لأنني قضيت فترة طويلة خلال الحرب لا أتناول إلا الزيت الزعتر في غزة، كان طعامًا بسيطًا وغنيًا، وعرفت حينها أنه من تراث الفلسطينيين”.
وأكد الشاب أن المطابع الألمانية كافة رفضت طابعة نسخ من كتابه المذكور، ” لقد وصفوني بأنني نازي، وقالوا إن حماس أثرّت على أفكاري وعقلي، وأنني معاد للسامية”.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، حيث يؤكد الشاب الألماني أنه يتعرض لمضايقات مستمرة من قبل اللوبي الصهوني في أوروبا وبرلين على وجه الخصوص، فيما مُنع من دخول الأراضي الفلسطينية عبر الحدود الإسرائيلية، وطبعت على جوازه باللغة العبرية جملة ” منع من الدخول”.
الشاب لا يكترث لعدم السماح له بدخول إسرائيل، ” فأنا مناصر وبشدة للشعب الفلسطيني، وهذا لا يعني أنني أكره اليهود، لكنني أكره ما تقوم به إسرائيل تجاه هذا الشعب المحاصر، ولا أناصر تلك السياسة”.
ولفت لايجن إلى أنه وفي الوقت الذي رفض فيه الألمان التعامل معه، إلا أنه وجد الجمعيات والمؤسسات التركية تحتضنه في ألمانيا، وتمده بأسباب المساعدة كلها، مشيرًا إلى أنه يعمل متطوعًا في هيئة الإغاثة التركية “IHH”، ” وكذلك أشكر الإعلام التركي الذي حمل قضيتي واهتم بها غير مرة، وسلط الأضواء على القضية الفلسطينية وناصرها”.
وأشار إلى أنه يشارك في منتدى فلسطين للإعلام، لأنه يسعى إلى لقاء العدد الأكبر من الفلسطينيين، وتعميق أواصر الصداقة معهم، من أجل ضمان إيصال صوته إلى كل المحافل الدولية. (TRT)[ads3]