رضيعة تصبح الوجه الجديد لمأساة اللاجئين في المتوسط

أصبحت رضيعة نجت من حادث انقلاب قارب أدى إلى مقتل والديها الثلاثاء الماضي، الوجه الجديد لمأساة المهاجرين الذين يتدفقون إلى ايطاليا في قوارب الموت.

ونقلت الرضيعة “فيفور” أول أمس الأربعاء وحيدة إلى جزيرة لامبيدوزا الأقرب إلى شواطئ شمال إفريقيا منها إلى ايطاليا، بعد أن غرق والدها ووالدتها الحامل خلال رحلة مأساوية تركت على اجساد العديد من الناجين آثار حروق خطيرة.

وانقلب القارب الذي كان يحمل نحو 120 شخصا بينهم والدا “فيفور” ومعظمهم من مالي ونيجيريا، الثلاثاء بعد أن تدافع المهاجرون إلى احد جانبيه عندما شاهدوا قارب نجاة، وهو خطأ متكرر وقاتل أدى إلى كوارث مماثلة.

ونقل الناجون الذين انتشلوا من البحر إلى مستشفى لامبيدوزا والى مركز لاستقبال المهاجرين، وكان من بينهم الصغيرة “فيفور” التي كانت ترتدي قبعة زرقاء.

دأب بترو بارتولو الطبيب الوحيد في الجزيرة على العناية بمئات المهاجرين المصابين بنقص التغذية والجفاف والخوف، وفحص جثث لا تعد ولا تحصى لمن غرقوا في مياه المتوسط منذ بدأت أزمة اللاجئين. إلا أن الصغيرة “فيفور” تركت في نفسه أثرا خاصا.

وقال بارتولو “لقد طلبت تبنيها، وأريد أن أبقيها معي إلى الأبد”. وأضاف في مقابلات نشرتها مختلف وسائل الإعلام الايطالية يوم الخميس (26 مايو/ أيار 2016) إنه إذا لم يتمكن هو من الحصول على حضانة الطفلة “فان على احد ما أن يتبناها ويمنحها حياة جديدة”. ووصفها بانها “طفلة رائعة. لقد عانقتني، ولم تذرف دمعة واحدة”.

شاهد بارتولو الصغيرة “فيفور” عند وصولها في قارب نجاة، وتلقفها من أيدي شابة كانت من بين 20 شخصا يعانون من جروح خطيرة اضطرتها إلى دخول المستشفى، وأخبرته بمقتل والدي الطفلة الصغيرة.

وفي حال حصل الطبيب بارتولو (59 عاما) على حق حضانة الطفلة، فإنها لن تكون الأولى التي يتبناها. فقد تبنى فتى تونسيا كان يبلغ من العمر 17 عاما قبل خمس سنوات، بحسب ما أوردت صحيفة “لا ستامبا” اليومية.

كما سحرت “فيفور” رئيسة بلدية الجزيرة غيسي نيكليني، التي جعلت موظفي مركز المهاجرين يعدونها بأن يبلغوها قبل نقل الطفلة إلى مأوى للصغار في صقلية حتى يتسنى لها وداعها.

قال الطبيب بارتولو إنه بينما كان يحتضن “فيفور” التي كانت تلعب بنظارته الحمراء التي كانت تتدلى من عنقه، ذكرته نجاتها رغم كل الصعوبات بالشفاء المعجزة لامرأة قبل سنوات وضعت في كيس للموتى في لامبيدوزا قبل أن يكتشف أنها حية، بحسب ما ذكر في مقابلة مع صحيفة “لا ستامبا”.

وأكد أن ضمّ هذه الصغيرة إلى صدره واللعب معها يبعث في نفسه الفرح ويخفف عنه كآبة عمله الذي يضطره إلى التعامل مع الموت بشكل شبه يومين. ويضيف “عندما يقولون انك تتعود على الوضع بعد فترة، اجيب انني لم اتعود عليه مطلقا. وفي كل مرة افتح فيها كيس موتى، اشعر بالمرارة”.

في غضون ذلك تستمر مآسي اللاجئين الذين يريدون العبور إلى أوروبا، فيما يبدو طريق ليبيا بات الطريق الأساسي بعد إغلاق طريق البلقان. واليوم الخميس، أعلن متحدث باسم خفر السواحل الإيطالي إن زورقا يقل مهاجرين انقلب في البحر المتوسط وإنه جرى إنقاذ 88 بينما لا يزال عدد الغرقى المحتملين مجهولا.

وهذا هو ثاني حادث من نوعه خلال يومين. وكان خمسة مهاجرين قد لقوا حتفهم حينما انقلب مركب صيد كبير أمس الأربعاء. وقال المتحدث “لا نعرف عدد من كانوا على متن القارب”، غير أن المنظمة الدولية للهجرة ترجح أن عدد المفقودين يتجاوز المائة.

وحددت طائرة من مهمة صوفيا التابعة للاتحاد الأوروبي المكلفة بضبط مهربي البشر موقع القارب بعد انقلابه واستدعت خفر السواحل للمساعدة في الإنقاذ اليوم الخميس الذي شهد أيضا سبع عمليات إنقاذ أخرى، نجا بفضلها نحو 900 لاجئ، ليصل العدد الإجمالي منذ الاثنين الماضي إلى 7 آلاف، مقابل وفاة نحو 1370 مهاجرا ولاجئا قتلوا منذ مطلع السنة أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عبر المتوسط. وهذا العدد يعادل نحو 24% اقل من الفترة نفسها من 2015 عندما بلغ عدد القتلى 1792 شخصا، وفق المنظمة الدولية للهجرة. (AFP-DPA-DW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها