مكافحة « زيكا » .. بالابتعاد عن الجنس و الفقر
بالضد من وثيقة وقّعها ما يزيد على 100 مختص في الطب والأوبئة، تمسّكت «منظمّة الصحة العالمية» بموقف إيجابي من البرازيل والرياضة، مشيرة إلى أن وجود فيروس «زيكا» في «بلاد السامبا» ليس خطراً بحد ذاته بالنسبة إلى الإصابة بفيروس «زيكا». ودعت المنظمّة التي خرجت من دورتها السادسة والتسعين قبل أيام قليلة، إلى احتضان «أولمبياد الريو» في الصيف المقبل، مع التنبُّه إلى إجراءات الوقاية التي أدرجت ضمنها ارتداء الملابس الفاتحة اللون نهاراً! وكذلك حضّت المنظمة الرياضيين المشاركين في الأولمبياد (وأولمبياد المعوقين جسديّاً الذي يليه مباشرة) على استعمال المواد الطاردة للبعوض نهاراً، والتزام الأماكن المترفة نسبياً التي تتمتع بهواء مكيّف ومساحة مغلقة على البعوض، مقابل تجنُّب أحياء الفقراء المكشوفة التي وصفتها بأنها «أماكن تكاثر مثالية للبعوض».
ولفتت المنظمّة أيضاً إلى ضرورة إجراءات الأمان في الجنس (في إشارة إلى حالات انتقل فيها فيروس «زيكا» جنسيّاً)، مع تفضيلها الالتزام بتجنُّب الجنس كليّاً خلال «أولمبياد الريو». وفي نبرة عكست خوفاً متصاعداً من انتقال فيروس «زيكا» جنسيّاً، نصحت المنظمة من يعودون من مناطق يواصل الفيروس انتشاره فيها كالبرازيل، بأن يمتنعوا عن الجنس لثمانية أسابيع أو يمارسوه بأساليب آمنة تشمل استعمال الواقيات الذكريّة. وفي وقت سابق، كانت نصيحة «منظمة الصحة العالمية» بممارسة الجنس الآمن لأربعة أسابيع، عقب العودة من مناطق انتشار «زيكا». وعلى رغم ذلك، لا زال الانتشار عبر لدغات البعوض هو الطريقة الأساسيّة لانتشار «زيكا»، ما يوجب توقّي أنواعه ليلاً ونهاراً، خصوصاً بالنسبة إلى المشاركين في «أولمبياد ريو».
واستطراداً، شدّدت المنظمة على ضرورة أن تتجنّب الحوامل السفر إلى مناطق يتابع فيروس «زيكا» تنقُّله فيها، ويشمل ذلك مدينة «ريو دي جنيرو» البرازيليّة التي تستضيف الأولمبياد والـ «باراليمبك» بين 5 آب (أغسطس) و18 أيلول (سبتمبر) السنة الجارية.
وفي السياق ذاته، برز موقف مهم من مسألة كثافة السفر والتنقُّل في ظل الاقتصاد المعولم، مع التشديد على كونها عنصراً مشتركاً في موجات فيروسيّة يشهدها القرن الجاري، كـ «سارس» و «أنفلونزا الطيور». ولذا، ركّز الاختصاصي البريطاني ديفيد هيمان، رئيس «هيئة حماية الصحة» في بريطانيا الذي يرأس أيضاً لجنة طوارئ عن «زيكا» شكّلتها المنظّمة أخيراً، على ضرورة الاستمرار في التنبُّه لحركة انتقال البشر عالميّاً، بدل تشتيت الأذهان بالانشغال بتأجيل «أولمبياد ريو» أو عدمه. وذهب ذلك المختص في الأمراض الوبائيّة إلى حدّ اعتبار تأجيل الأولمبياد بمثابة «إعطاء انطباع مخادع بالأمان»، لأن الخطر الفعلي لا يتركز في البرازيل وحدها ولا يقتصر على الأولمبياد الصيفي.
ولم يفت هيمان لفت أنظار الدول التي ترسل رياضيّيها إلى «أولمبياد الريو» إلى متابعتهم بدقة بعد عودتهم من البرازيل، لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل، لافتاً إلى صعوبة الحصول على تحاليل تساعد في الكشف المبكّر عن الإصابة بالفيروس.
وينتشر فيروس «زيكا» منذ سنتين في أميركا الجنوبيّة أساساً، عبر لدغات نوعين من البعوض على الأقل. ويؤدّي إلى أعراض تشبه الأنفلونزا، لكنها تتصاحب مع شلل «متدحرج» لعضلات الجسم، يكون موقّتاً لكنه ربما يترك أعراضاً دائمة، ويتصاحب مع آلام مبرحة. ويشار إلى الأعراض الأخيرة باسم «ظاهرة غيليان بيري» Guillian Barré Syndrome. ويعتبر تشوّه الأجنة وولادتها بأدمغة صغيرة («ميكروسيفالي»Microcephaly )، من أخطر تعقيدات الإصابة بفيروس «زيكا».(الحياة)[ads3]