إنعطافة تاريخية لإسرائيل صوب روسيا .. محور جديد قيد التبلور ؟

رصد الصناعي الإيطالي جيان كارلو فالوري مؤشّرات كثيرة تجعل المراقبين يلاحظون نشوء علاقة إستراتيجية جديدة بين روسيا وإسرائيل.

فالوري، العضو الفخري في أكاديمية العلوم في معهد فرنسا، أشار عبر موقع راشا إنسايدر الروسي إلى أنّ الدولة اليهودية تعيد تقييم عدم الانخراط الأمريكي في الشرق الأوسط – وتحاول تحديد سياسة من أجل “استبداله” بتطوير العلاقات مع الفيديرالية الروسية.

من الواضح أنّ العلاقات الشخصية السيئة بين الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لها أثر كبير، لكن فالوري يشير أيضاً إلى “أننا نشهد إعادة تحديد حقيقية للتوازن الجيوسياسي في المنطقة بأكملها. أيضاً، موقف الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي المتسرّع تجاه اتفاق الطاقة النووية الإيرانية المدنية/العسكرية، الذي انتُقد مباشرة من قبل نتانياهو وكامل المؤسسة الإسرائيلية، كان له تأثير معبّر”.

تهميش أمريكا

روسيا وإسرائيل تعيدان وحدهما تقريباً رسم خريطة الشرق الأوسط الأكبر. مهما يحصل في سوريا من الآن وصاعداً، فسيقدّر للولايات المتّحدة أن تهمّش بشكل تصاعدي في المناطق السنية والشيعية.

ويرى فالوري إشارات “بداية جديدة” لعلاقات روسية – إسرائيلية متنوّعة. فتفكير روسيا بإعادة دبابة إسرائيلية من طراز أم 48 بتون سيطر عليها السوريون خلال الحرب اللبنانية سنة 1982 كافٍ. ومن الواضح أنّ الرئيس فلاديمير بوتين أعلم بشار الأسد مسبقاً بقراره، ولا شيء يمنع القيادة السورية العلوية الحالية من اتخاذ قرار بتأمين معلومات للحكومة الإسرائيلية عن مصير سائقي الدبابة الثلاثة.

تسامح جوّي متبادل

وأكثر من ذلك، يقول فالوري إنه خلال جميع العمليات الروسية في سوريا، التقى الجنود الروس والإسرائيليون بشكل منتظم لتبادل المعلومات وتجنّب ازدواجية الجهود. وتسامح الروس مع تحليق إسرائيلي فوق هضبة الجولان وباتجاه العمق السوري. كما تسامحت الدولة اليهودية مع بعض الطائرات الروسية التي حلّقت فوق أرضها.

الواضح أن إسرائيل تريد من الاتحاد الروسي أن يتصرّف كوسيط ذي مصداقية بين إسرائيل والفلسطينيين، لأنه موثوق به من كلا الجانبين. علاوة على ذلك، ترفض الدولة اليهودية تحويل تكنولوجيا عسكرية، معلومات أو لوجستيات من روسيا إلى حلفائها في سوريا.

ولا يستبعد أنّ يتمكن في الأشهر أو السنوات المقبلة، محور روسي- إسرائيلي من إعادة رسم الشرق الأوسط الذي حان الوقت بالنسبة إليه كي يرسو على قوّة عالمية، المحور الروسي-الصيني، على أن تكون إسرائيل ثقلاً إقليمياً موازناً.

ما هو عرض بوتين؟

وتعني المفاوضات الروسية- الإسرائيلية ضماناً روسياً لإسرائيل تجاه عمليات عسكرية إيرانية محتملة، وتهميش “حزب الله” اللبناني الشيعي، وحكم جديد للأسد لا يهدف إلى تدمير “الكيان الصهيوني”، أو تقسيم سوريا إلى ثلاثة أجزاء مع تهدئة فصائلها الداخلية.

ويبدو أن عرض بوتين للدولة اليهودية هو الآتي: إذا قبلت إسرائيل ب “سوريا كبرى”، ستبقى القوات الروسية في المنطقة الغربية من البلد لتحمي إسرائيل ضدّ أي عمل من إيران أو سوريا. لهذا السبب تريد روسيا إعادة فتح علاقات سياسية بين الأسد وإسرائيل، من أجل سحب الحكومة البعثية بعيداً عن الخط الجيوسياسي لإيران وشيعة لبنان.

روسيا وإسرائيل والذهب الأسود

خلال زيارة نتانياهو إلى روسيا في 21 أبريل (نيسان) 2016، مثلاً، أشار رئيس الحكومة الإسرائيلية والرئيس الروسي إلى مصلحة روسيا في تطوير واستثمار حقل الغاز الجديد والطبيعي المعروف باسم لوياثان، الأمر الذي سيكون “محوّلاً حقيقياً للعبة” في الشرق الأوسط خلال المستقبل القريب. وإذا تعاونت غازبروم في التنقيب والتسويق لحقل الغاز الخارجي بين حيفا وقطاع غزّة، سيكون حيوياً للاتحاد الروسي حماية – مع إسرائيل – أمن الاتصالات، تحديداً في مواجهة أعمال محتملة لحزب الله من لبنان أو ضغط إيراني على الجولان.

ومن شأن نظام الطاقة الحديث هذا، أن يمكّن شركات النفط والغاز الروسية من الدخول إلى سوق الشرق الأوسط، مستثنية الشركات الأمريكية العاملة في تركيا وفي معظم العالم السنّي.

تبادل خدمات “إستيطانية”

و تعلم إسرائيل أنّ إدارة أوباما تعتقد أنّ بعض الأراضي التي احتلّتها تم ضمّها بطريقة غير مشروعة وأنّ هذا الواقع قد يقرّب أكثر روسيا وإسرائيل إلى بعضهما. وعلى روسيا أن تحافظ على وجودها في أوكرانيا وتدافع عن ضمّها للقرم على مستوى دولي. إذا دعمت إسرائيل المطالب الروسية، فإنه من المحتمل جداً لروسيا أن تدعم حق إسرائيل في الاحتفاظ بالأراضي الفلسطينية.

السيناريو الأفضل لإسرائيل؟

مع الأخذ بالاعتبار جميع هذه الشروط، في أفضل سيناريو ممكن، يمكن لإسرائيل:

أ‌- استبدال أمريكا – على المدى الطويل – بالاتحاد الروسي كحليف دولي وكوجود لمرجعية في منطقة الشرق الأوسط.

ب‌- الاعتماد على النفوذ الروسي كوسيط أكثر استقراراً ومصداقية في مواجهة الفلسطينيين، وعلى المدى الطويل، في مواجهة العالم الشيعي والعلوي.

ج- ستكون إسرائيل بالاشتراك مع الاتحاد الروسي، قادرة على مدّ نفوذها عالمياً. في المستقبل، سيكون هنالك مكان لإسرائيل في الحزام الصيني الواحد، ومبادرة الطريق الواحدة في آسيا الوسطى، الهند، وحتى في أمريكا اللاتينية وفي بعض المناطق الأفريقية، في حين تنسحب أوروبا حتى من المتوسّط.

جورج عيسى – 24[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫4 تعليقات

  1. و لا انعطافة و لا شي
    الاتحاد السوفيتي هو اول دولة اعترفت باسرائيل قبل حتى بريطانيا و امريكا
    لينين و تروتسكي كانوا يهود روس ،، و في روسيا ما بعد الشيوعية :
    اليهود يتحكمون بمعظم الاقتصاد الروسي كما يتحكمون بمعظم الاقتصاد الامريكي و يتحكمون في معظم الاعلام الروسي كما بمعظم الاعلام الامريكي و لهم نفوذ كبير في سياسة روسيا
    و الروس تدخلوا في سوريا ليس للحفاظ على امن اسرائيل من الحركات السنية السلفية الجهادية في سوريا قبل ان يكون حماية لنظام الاسد المنهار

  2. حكي فاضي

    من يعلم ان مليونان اسرائيلي من اصل روسي
    يعرف تاثير اللوبي الروسي في الكنيسيت
    نقطة انتهى

    اصلا ليبرمان روسي

  3. علااااك فاضي هدول اليهود بدون يورطوا الروس بالمستنقع السوري شايفين رئيس روسي جحش وبدن يمشوا متل مابدن

  4. ليست انعطافة جديدة ، اليهود كانوا يحكمون الإتحاد السوفيتي وهم اليوم يحكمونها أيضا ، وبوتين ذو الأصول اليهودية كان يقابل كبار اصحاب رؤوس الأموال اليهود في العالم في احدى مدن اسبانيا قبل ان يسلمه اليهود حكم روسيا