الموالون يراقبون بروز طبقة غنية جديدة .. تنازلات و تهديدات في دمشق لـ ” تنفيس الاحتقان ” في مناطق النظام
تصاعُد إشارات احتجاج لأسباب اقتصادية في «البيئة الحاضنة» للنظام السوري في الأيام الأخيرة، دفع مسؤولين في دمشق الى التلويح بتهديدات مشفوعة بـ «تنازلات» لم تكن موجودة سابقاً في قاموس السلوك السياسي للنظام خلال السنوات السابقة، مع تذكير المتذمرين بـ «نعمة الأمان» في العاصمة السورية و «تحييدها» عن المعارك في باقي البلاد.
واذ يراقب موالون للنظام بروز طبقة غنية جديدة تضم «أمراء الحرب» وأشخاصاً يدورون في فلكهم وموظفين محليين يعملون في مؤسسات تابعة للأمم المتحدة يستلمون روابتهم بالقطع الأجنبي ويعيشون في «فقاعة» لا تمت بصلة لمئات آلاف الفقراء وموظفي القطاع العام، تنامت عوامل الاحتقان مع ارتفاع عدد قتلى الجيش النظامي والميليشيات الموالية بالتزامن مع زيادة الضغط الاقتصادي والمعيشي.
وتراكمت في الأسابيع الأخيرة أسباب الاحتقان في صفوف «النواة الصلبة» للنظام ومخاوف من انهيار اقتصادي، بدءاً من تذبذب سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي وتجاوزه حاجز ٦٠٠ ليرة للدولار، قبل فرض «المصرف المركزي السوري» سعراً فوقياً باستخدام أدوات تنفيذية بينها منع المواطنين سحب اكبر من حوالى ١٠ في المئة من ودائعهم بالليرة في المصارف السورية، الأمر الذي أدى الى تحسن نظري في قيمة الليرة مع بقاء ارتفاع أسعار المواد الأساسية في مناطق النظام.
أضيف الى ذلك، ارتفاع مفاجئ في تعريفة شبكة الهاتف النقال في البلاد التي باتت «حاجة أساسية» لملايين من الأشخاص، لكن عائداتها بين المصادر الرئيسية لخزينة الحكومة، التي تراجعت ودائع مصرفها المركزي بالقطع الأجنبي من ٢٢ بليون دولار أميركي في ٢٠١١ الى عشرات الملايين من الدولارات في الفترة الأخيرة.
وفي منتصف الشهر، أصدر رئيس الوزراء وائل الحلقي قراراً قضى بتعديل أسعار ثلاثة مشتقات نفطية أهمها البنزين عبر زيادة بنسبة 40 في المئة لليتر الواحد والمازوت بنسبة 33 في المئة وأسطوانة الغاز المنزلي بنسبة 38 في المئة، الأمر الذي انعكس في شكل مباشر على حياة الغالبية من الموالين.
وكان مقرراً تحميل «فاتورة» رفع الأسعار الى حكومة الحلقي التي انتهت ولايتها بعد انتخابات مجلس الشعب (البرلمان). لكن النظام فوجئ بحجم التذمر في أوساطه و «البيئة الحاضنة». ووصلت الى أجهزة أمنية وقياديين فيها معلومات عن «بدايات غليان» في احياء وقرى تضم «النواة الصلبة» للنظام من الناحيتين السياسية والطائفية، قوبل باستنفار تضمن استخدام أسلوبي الترهيب من «خدمة الارهابيين» والترغيب بضرورة «التعاضد» ضد نشطاء كانوا ينوون تسيير تظاهرات احتجاجية في احياء موالية في دمشق.
الخطوة الاولى، كانت استعجال صدور مرسوم من الرئيس بشار الأسد قضى بإضافة 7500 ليرة سورية (16 دولاراً) للتعويض المعيشي الشهري. وأفادت «وكالة الانباء السورية الرسمية» (سانا) وقتذاك بأن المرسوم قضى أيضاً بمنح المبلغ ذاته للعسكريين المجندين والعاملين بالقطاع الخاص والمشترك وان «التعويض الممنوح لا يخضع لأي حسومات ويصرف مع الراتب أو الأجر أو المعاش» الشهري. وقال وزير المال إسماعيل إسماعيل أن المرسوم «ساهم في التخفيف من الأعباء التي يتحملها العاملون وفي رفع المستوى المعيشي للمواطنين».
ووفق خبير اقتصادي، فإن عائدات زيادة اسعار المحروقات تساوي كلفة التعويض المعيشي البالغ حوالى ٣٣ مليون دولار شهرياً، مع وجود اسئلة عن كيفية توفير المبلغ الشهر، الامر الذي يعزز التفسير ان مرسوم منح التعويض الشهري كان «سياسياً أكثر مما هو اقتصادي».
وأعقب ذلك، اعتصام نادر أمام مجلس الشعب (الصورة) احتجاجاً على قرار زيادة أسعار المحروقات دعا الى «إلغاء قرار رفع أسعار المشتقات النفطية ومحاسبة الذين ورّطوا الدولة باتخاذه». ورفع مشاركون لافتات كتب عليها باللون الأسود: «لا للغلاء الشعب مات من الجوع» و «لا للفساد» و «مجلس الشعب كونوا مع الشعب وقولوا لا لرفع الأسعار».
وكانت هذه التظاهرات، التي قال نشطاء معارضون انها منظمة من السلطات السورية ترمي الى «تنفيس الاحتقان»، الأولى التي تحصل في دمشق منذ الاحتجاجات السلمية ضد النظام التي بدأت في ربيع العام ٢٠١١. وقال مسؤولون في احزاب سياسية رخصتها السلطات قبل ثلاث سنوات: «لسنا هنا بصدد الطعن بدستورية القرار، لكن بمشروعيته من الناحية الأخلاقية والإنسانية».
وانخفض إنتاج النفط السوري من 380 ألف برميل يومياً الى عشرين الفاً خلال خمس سنوات. وبدأت الحكومة تعتمد في الفترة الأخيرة على دعم ايراني بالمشتقات النفطية بحيث ترسل ايران سفناً محملة بالمشتقات الرئيسية الى موانئ سورية في شكل شهري، اضافة الى وعد بتقديم خط ائتمان جديد يضاف الى خطين سابقين بلغت قيمتهما حوالى خمسة بلايين دولار أميركي، تضمنا بيع منتجات غذائية واساسية ايرانية الى سورية بضعف سعرها الحقيقي يستفيد من فرق السعر تجار ايرانيون.
وتأثرت الصادرات النفطية ايضاً بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي في العام 2011 على البترول والغاز احتجاجاً على قمع السلطات الاحتجاجات التي اندلعت في شكل سلمي. وأكد سفراء اوروبيون في اجتماع نظمته «اسكوا» التابعة للأمم المتحدة في بيروت قبل اسابيع أن العقوبات «لن ترفع قبل زوال اسبابها». كما أبلغ ديبلوماسيون اوروبيون مسؤولين في الخارجية السورية قبل أيام بضرورة «تشكيل حكومة وحدة وتغيير الدستور وإطلاق المعتقلين» و «بدء خطوات تغيير كي تبرر دول اوروبية انفتاحها على دمشق وإعادة تشغيل السفارات».
واستأنفت دول تعاونها الاستخباراتي وزادت من حضور ديبلوماسييها في دمشق. كما التقى مسؤولون اوروبيون رجل الأعمال خالد الأحمد مبعوث الأسد في عواصم اوروبية، ضمن منهج مرن لكنه حذر في التعاطي مع النظام أحد أسبابه «عدم انهيار ما تبقى من المؤسسات الحكومية اذا استمر الصراع» و «ايجاد أسباب لبقاء السوريين في بلادهم بدل الهجرة الى الغرب وضبط التطرف». اذ ان الحكومة اليابانية قدمت منحة بقيمة عشرين مليون دولار اميركي لترميم محطة جندر الكهربائية وسط البلاد، اضافة الى التعهد بدفع ١١ مليوناً لترميم محطتي الزارة وبانياس للكهرباء بشرطين: «الأول، توفير الكهرباء لكل السوريين. (موالين للنظام ومعارضين). الثاني، السير في العملية السياسية».
كما أن نائب وزير الخارجية فيصل المقداد وقع مع الجانب التشيخي خلال زيارته براغ قبل اسابيع اتفاقاً يغطي ثلاث سنوات بين ٢٠١٦ و٢٠١٩ تقدم بموجبه تشيخيا ٣٠٠ مليون يورو لمساعدة النازحين داخل البلاد (سبعة ملايين شخص اضافة الى ستة ملايين لاجئ خارجها) وتقديم مساعدات اقتصادية وانسانية بما يتضمن «التفافاً» على العقوبات الاوروبية.
وكان مقرراً أن تقوم المفوضية الاوروبية بخطوات «تطبيعية» أخرى للبناء على لقاء مسؤولة الشؤون الخارجية والأمنية فيدريكا موغريني مع السفير السوري بشار الجعفري في جنيف قبل اسابيع، لكن تشدد الخطاب السياسي في دمشق بالحديث عن «استعادة كل شبر من الأراضي» وتراجع العملية التفاوضية في جنيف، جمدا هذه الخطوات وشجعا الاتحاد الاوروبي على استضافة لقاء بين «الائتلاف الوطني السوري» و «هيئة التنسيق الوطني» (تكتلان يضمان قوى اساسية في معارضة الداخل والخارج) لتوحيد المعارضة والاستعداد لتسوية سياسية وسط مع النظام، وسط تساؤلات عن مستقبل القوة الثلاثية الدافعة للاتحاد الاوروبي (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) في السياسية السورية في ضوء نتائج الاستفتاء البريطاني للخروج من الاتحاد.
ابراهيم حميدي – الحياة[ads3]
وأين كانت عيون الموالين للنظام عندما برزت طبقة كبار ضباط الأمن والجيش والمسؤولين وأعضاء مجلس الشعب وأولادهم ؟ ألم يشاهدوا القصور المشيدة الباذخة في قراهين ماقبل الثورة ؟ ألم يتسائلوا من أين لضابط لايتجاوز مرتبه آنذاك 800 دولار مهما علت رتبته تلك الأموال والترف والبذخ ؟ ألم يسمعوا بنمط عيش أولاد المسؤولين في سوريا وخارجها والتي كانوا ومازالوا يحسدون عليها من أولاد اللوردات في أوروبا ؟ لماذا (صحا ضميرهم) الآن ؟ ألم يعد هناك من فتات وعظم يرمى لهم من على موائد المسؤولين ؟ أم جفت ضروع البقرة السورية الحلوب التي كانوا يتطفلون على حليبها ؟ أنسيتم عندما خرجت المظاهرات السلمية تطالب بالكرامة والقضاء على الفساد حتى ماقبل المطالبة برحيل النظام وتهتف واحد…واحد…واحد… الشعب السوري واحد ماذا فعلتم حينها ؟ لم يبق كبير أو صغير أو موتور وشاذ ومجرم وحرامي وابن حرام منكم وما أكثرهم إلا ولبس (البدلي والبوط) وخرج ليذبح السوريين ويذلهم ويتشفى بهم دفاعا عن النظام ومكتسباتكم فذوقوا جزاء ماكنتم تدافعون عنه وتعاطفنا فقط مع السوري الشريف البسيط المسحوق ماقبل الثورة والذي زادت الحرب في سحقه وطحنه وتعتيره.