تركيا و أوروبا المتخوفة منها

انطلقت مسيرة تركيا نحو الانضمام إلى المجموعة الأوروبية في 31 يوليو 1959، حين تقدمت تركيا بطلب الانضمام إلى السوق الأوروبية المشتركة، وبعد المفاوضات وقعت معها في 12 سبتمبر 1963 اتفاقية أنقرة التي أسست شراكة خاصة بين تركيا والمجموعة الأوروبية. الخطوة الأولى باتجاه الانضمام إلى أوروبا، تقدم بها رئيس الوزراء التركي الأسبق عدنان مندريس، ومنذ ذلك الوقت تسعى أنقرة لتحقيق هذا الحلم، وتخطو خطوة تلو أخرى، ولكن الطريق الذي يمتد أمامها ما زال طويلا، وقد لا ينتهي.

لو كانت تركيا من الدول المسيحية الصغيرة لتم انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي قبل سنوات، ولكنها دولة مسلمة كبيرة بحجمها الجغرافي وعدد سكانها البالغ 78 مليون نسمة وتاريخها العريق كوريثة الإمبراطورية العثمانية، التي ما زالت أوروبا تتذكر جيوشها وفتوحاتها، وبالتالي، يصعب على أوروبا «ابتلاعها وهضمها»، الأمر الذي يجعل الأوروبيين يعرقلون تقدم تركيا نحو الانضمام إلى اتحادهم ويضعون أمامها خنادق ومطبات وسواتر ترابية.

«هل سيفتح الاتحاد الأوروبي أبوابه ليدخل أحفاد العثمانيين، أم المفاوضات الجارية مجرد مماطلة لتجعل تركيا تنتظر أمام أبواب أوروبا لسنين طويلة؟». هذا السؤال الذي يُطرَح في كل نقاش حول احتمال انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، أجابه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بكل صراحة، حين أراد أن يطمئن البريطانيين المتخوفين من تدفق ملايين الأتراك نحو بلادهم، وقال إن انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي مجرد احتمال بعيد، ويمكن ألا يحصل قبل العام 3000.

وفي المقابل، رغبة الأتراك في الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تشهد صعودا وهبوطا حسب الأوضاع الاقتصادية والسياسية في تركيا. وتشير تقارير «يوروباروميتر» إلى تراجع نسبة الراغبين الأتراك في انضمام بلادهم إلى الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2014 إلى 28 بالمائة، بعد أن كانت هذه النسبة في عام 2012 حوالي 36 بالمائة، ثم ارتفعت في عام 2013 إلى 38 بالمائة. ومن المتوقع أن تتراجع هذه النسبة أكثر كلما تحسنت الأوضاع الاقتصادية والتنموية في تركيا، في ظل ترنح الاتحاد الأوروبي الذي تعاني عواصمه من مشاكل واضطرابات.

رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، في كلمة ألقاها في أنقرة مساء الأربعاء الماضي، أثار احتمال أن تنظم تركيا استفتاء حول مواصلة المفاوضات لانضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، على غرار الاستفتاء الذي تم الخميس حول بقاء بريطانيا في الاتحاد، وقال: «سنسأل الشعب: هل علينا مواصلة المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي أو وضع حد لها؟»، متهما الاتحاد الأوروبي بممارسة سياسة المماطلة في ملف انضمام تركيا إليه.

لا يستطيع أن ينكر أحد حقيقة أن تركيا استفادت كثيرا من مساعي انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي في إجراء إصلاحات ديمقراطية في سبيل تلبية معايير كوبنهاجن، وأن الجهود المبذولة بهذا الاتجاه أسهمت في الحد من تدخل العسكر في الشؤون السياسية، والأهم في الموضوع هو الارتقاء بتركيا في هذه المسيرة لتصل إلى مستويات متقدمة في شتى المجالات، وتنافس الدول الأوروبية الكبرى، وبعد ذلك لا يهمنا كثيرا أن يقولوا لنا نعم أو لا، بل قد يرفض الشعب التركي في نهاية المطاف انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي، إن بقي طبعا اتحاد في أوروبا.

اسماعيل ياشا – العرب[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

تعليق واحد

  1. يا استاذ يا فهمان يا جاهل عدم دخول تركيا اتحاد الاوربي ورفض اتحاد اوربي لها يعود لعدة اسباب منها حرمان الكورد من حقوقهم الاساسية وثانيا
    منع حرية صحافة وثم دعمها للارهاب الموثوق ……..والى لا نهاية