وقائع معارضة سورية ” تخون ” خطبها السياسية
مُشاركة زعيم ميليشيات الدفاع الوطني «المقنّعون» في منـــطقة الجزيرة الـــسورية، الزعيم العشائري محــمد الفارس، في احتفالية الذكرى 59 لتأسيس أول حزب كُردي سوري في مدينة القامشلي، كان لها أن تصنع نقاشــاً سياسياً عاماً، كُردياً وعربياً، حول الأبعاد «القيميّة» لذلك. فمُشاركة الفارس إلى جانب العشرات من قيادات الحركة القومية الكُردية، ومنهم أحد مؤسسي هذا الحزب عبدالحميد درويـــش، ورئيـــس الوزراء السابق لـ «كانتون الجزيرة» التابع للإدارة الذاتية الكُردية، مع وجهاء عرب وأكراد، وسياسيين من أطياف الطبقة السياسية في الجزيرة السورية، جاءت بعد شــهر واحد فقط من مُشــاركة ميليـــشيات الدفاع الوطني إلى جانب قوات الحكومة السورية في المواجهات التي حدثت بينها وبين وحدات حماية الشعب الكُردية الـYPG، حيــث سقط عشرات الضحايا من الطرفين. تحوّلت تلك الميليشيات إلى «العدو الأول» في الخِطاب القومي الكُردي السوري.
بعد تلك الأحداث، ذهبت الخطابات القومية الكُردية لتعتبر تلك الميليشيات «داعش الذي في الجوار»! لكن هذه المُشاركة على التضاد مع ذلك تماماً، خصوصاً أنها جاءت بدعوة رسمية من الحزب الديموقراطي التقدمي الكُردي، والذي يملك علاقة مميزة راهناً مع حزب الاتحاد الديموقراطي والإدارة الذاتـــية الكُردية. فالكثيرون من الذين أخذتهم الحمية وعدّوا ذلك «خيانة قومية»! كان ثمة من يوازيهم من المُتفاعلين، الذين فتحوا باب السؤال المكبوت في ظِلال وهج الخِطابات «لكن، كيف لنا كأكراد أن نعيش مع عشرات الآلاف من عرب الجزيرة الســـورية، من المُتـعاطفين والموالين لميليــشيات الدفاع الوطني وأمثالها من التنظيمات الموالية للنِظام الســـوري؟!»، وخارج كُل المسألة السورية، وكل ما يُمكن أن تستقر عليه، وما يُمكن أن تنتُج عنه، فإن ذلك لا يُغير من حالة التداخل الشديدة بين ملايـــين العرب والأكراد في الشمال السوري الذين يتوزعون بولاءاتهم على تيارات واستقطابات شديدة التباين، ولكن ليس لأي منهم أن يغير خيارات الآخرين أو يُلغي وجودها.
خلال تلك الاحتفالية، كانت وسائل إعلام سورية قد سرّبت خبر لقاءٍ تفاوضي بين القيادي البارز في «حركة المُجتمع الديموقراطي» آلدار خليل وقياديين من الائتلاف الوطني المُعارض، حيث كانت حركة المُجتمع الديموقراطي التي تُعتبر إحدى مؤسسات الإدارة الذاتية الكُردية، تنعت لسنوات الائتلاف الوطني السوري المُعارض بـ «الائتلاف الأردوغاني الداعشي»، مُتهمةً إياه بالوقوف وراء مئات العمليات التي استهدفت المدنيين الأكراد، وبالذات حيّ الشيخ مقصود في مدينة حلب، وبقيت الإدارة الكُردية تنعت الأحزاب الكُردية المُنتظمة في الائتلاف بـ «الخونة». لكن، يبدو أن مزيجاً من التشجيع الروسي والإحساس العميق بأن منصة الائتلاف هي البوابة الوحيدة للمفاوضات السورية، قد دفعت لفتح باب المُحادثات مع الائتلاف السوري.
في الأجواء نفسها وفي بروكسل نفسها، كان الائتلاف المعارض يعقد مُفاوضات مُعلنة مع هيئة التنسيق الوطني، وتوصلت معه إلى برنامج سياسي، لما تعيشه، وما يجب أن تكون عليه سورية مُستقبلاً.
وكان كُل منهما لسنوات يعتبر الآخر مُتسبباً جوهرياً لما تعيشه سورية من سوء أحوال. وعلى الأرض كانت فصائل الجيش الحُر قد صمتت لعبور قوات سورية الديموقراطية نهر الفرات غرباً، والبدء بعملية تحرير مدينة منبج من سيطرة تنظيم «داعش»، تلك الفصائل التي كانت تعتبر هذهِ الخطوة خطاً أحمر، لكنها حينما صُدمت بالصمت التركي، رأت أنها يجب أن تكون في الجانب الإيجابي من تلك العملية، التي ستؤدي في نهاية الأمر إلى كسر شوكة «داعش» في شرق مدينة حلب، مُتجاوزة خطاباتها في ذلك الاتجاه.
مجموع ذلك والعشرات الأخرى من الأحداث والمواقف والسلوكيات الموضوعية التي تنتهجها قوى وشخصيات مُعارضة سورية تتناقض مع خطاباتها السياسية، وهي لا تدل على أن الوقائع تتحول، وباتت هذه القوى مُجبرة على التأقلم معها، بل رُبما العكس تماماً هو الصحيح، فبرامج وخِطابات وشعارات هذه التيارات كانت بالأساس والتكوين غير مُعترفة بقوتها وإمكاناتها الموضوعية المتواضعة، وكذلك بضرورة التشارك والتواطؤ في ما بينها لتشكل واقعاً سورياً يستطيع أن يوازي تماسك جبهة الأسد.
صحيح تماماً أن الاستقطابات الإقليمية والمــيدانية كانت على الدوام تمانع ذلك، لكن الخلفـــية الثــقافية والســياسية لهذه التيارات كانت تقف وراء تفاقم التناقض الخِطابي فيما بينها. فهذه التيارات التي أتت لـ «تديـــر» الثــورة، إنما أرادت أن يغدو الواقع مُطابقاً لمُخيلتها السياسية، لا أن تتــصرف كقوى ســـياسية تتفاعل مع واقع موضوعي، يجب أن تتعامل مـــعها وتديرها فحســب، خصوصاً في ظِل واقع بالغ التركيب والتعقيد والاستقطاب كالذي في سورية.
رستم محمود – الحياة[ads3]
مقال اقل ما يمكن ان نقوله الفتنة بين الاكراد وبين المكونات الاخرة لارضاء غرائزه العدوانية ولارضاء اسياده
شاهة هذه الاوجه
قمة في الحقد والتفاهة
عنصرية مقيته