تحسين العلاقات التركية ـ الإسرائيلية : حلم الأسد القديم

ذات يوم غير بعيد، في سنة 2009، رحّب بشار الأسد بحسين العلاقات بين تركيا وإسرائيل؛ وقال، في تصريح إلى صحيفة «حرييت» التركية: «إذا رغبت تركيا في مساعدتنا في موضوع إسرائيل، فينبغي أن تكون لها علاقات جيدة مع هذه الدولة»؛ وإلا: «كيف يمكنها، في حال العكس، أن تلعب دوراً في عملية السلام «في الشرق الأوسط؟». يومذاك كانت أنقرة ترعى أقنية تفاوض سرية بين نظام الأسد وإسرائيل، وكانت علاقات أنقرة بين الفريقين في طورها الذهبي.

قبلئذ، في صيف 2004، عُقدت قمّة ثنائية بين رئيس وزراء النظام السوري آنذاك، محمد ناجي العطري، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان؛ شهدت توقيع أولى الاتفاقيات التجارية النوعية بين البلدين، كما تضمنت «اتفاقاً من نوع ما»، سرّياً، حول لواء الإسكندرون السوري، الذي تحتله تركيا منذ سنة 1938. وذاك تفصيل لفت انتباه المعلّق الأمريكي دانييل بايبس، الصهيوني المتشدد والليكودي حتى النخاع؛ ليس حسرة على أرض سورية سليبة بالطبع، بل تنبيهاً إلى أنّ النظام السوري لا ينظر بقداسة إلى حدوده مع تركيا، ويمكن استطراداً أن تكون هذه حاله مع حدوده الجنوبية، في الجولان المحتل. والأرجح أن بايبس كان، أيضاً، يربط بين زيارة العطري تلك، وزيارة أخرى إلى أنقرة سبقتها بساعات قليلة، قام بها إيهود أولمرت، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك.

وضمن معطيات الوضع الراهن، لا يبدو تحسين العلاقات التركية ـ الإسرائيلية وكأنه يعيد إحياء حلم الأسد القديم (في أن تل أبيب قد تسعى لتغيير موقف أنقرة من النظام السوري، ليقترب أكثر من اعتبارات إسرائيل الستراتيجية في هذا الملفّ)، فحسب؛ بل لأنّ هذا التطور بات مطلباً روسياً أيضاً (وما أدراك ما «المطلب» الروسي عند الأسد!)، بعد الخطوات الأخيرة في تدفئة العلاقات بين أنقرة وموسكو.

والثابت أنّ في العلاقات التركية ـ الإسرائيلية، في بُعدها التاريخي تحديداً، ما هو أعمق من مسلسل تلفزيوني تتهمه إسرائيل بمعاداة السامية، وأخطر من انسحاب أردوغان أثناء حوار ساخن مع شمعون بيريس في محفل دافوس، وأبعد أثراً من إهانة سفير على نحو سخيف منحطّ السوية، وأقلّ عاقبة من إغارة إسرائيل على «أسطول الحرّية» قبالة شاطئ غزّة، وأطول عمراً من أن ينسفها مقتل تسعة مواطنين أتراك في تلك الإغارة… وذات يوم وصف دافيد بن غوريون العلاقات التركية ـ الإسرائيلية بأنّ «حالها كحال الرجل مع عشيقته: يريدها ويتمسك بها ويحرص عليها… شريطة أن تظلّ طيّ الكتمان».

وفي استخدام هذه الاستعارة بالذات، كان بن غوريون يشدّد على مسألتين: أنّ العلاقات التركية ـ الإسرائيلية وطيدة وحميمة وحارّة، وذات تاريخ وجذور ومصالح مشتركة؛ وأنها في الآن ذاته «غير شرعية» بمعنى ما، طالما أنّ الكتمان شرط لازم لاستمرارها. ومنذ مؤتمر مدريد، 1991، ثم بعدئذ اتفاقات وادي عربة وأوسلو، أسقطت الحياة هذا الشرط عملياً، واعتبرت أنقرة أنّ العتب العربي والإسلامي رُفع، أو ينبغي أن يُرفع، بصدد أيّ تطوير لعلاقاتها مع إسرائيل. لن نكون ملكيين أكثر من الملك، قال الأتراك ويقولون اليوم أيضاً، وليس للعرب أن يأخذونا بجريرة ما يفعلونه هم أنفسهم: العلاقات الدبلوماسية مع الدولة العبرية، والتطبيع السياسي والاقتصادي والثقافي والسياحي…

بل على العكس، قد يساجل الأتراك: ألم نحرص على حقوق أهل غزّة، والفلسطينيين إجمالاً، أكثر من عرب كثر؟ ألم تعتذر منّا إسرائيل، غير المعتادة على الاعتذار؟ ألا تعوّض، اليوم، ضحايا «أسطول الحرّية»؟ قد تكون الإجابات بـ»نعم»، حقاً؛ ليس دون أن تكون الـ«لا» هي الإجابة على أسئلة أخرى مضادة، وكثيرة!

صبحي حديدي – القدس العربي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫8 تعليقات

  1. المتفذلك صبحي الحديدي
    مقرفة هي فذلكاتك واللعب على الكلمات
    بعد قراءة هذا المقال لاأحد يستطيع أن يفهم:
    هل المسيو حديدي يدين هذا الإتفاق أم يؤيده؟
    هل يرى- وهو الفلسطيني- في العدو الصهيوني محتلا مغتصبا غازيا مشردا للشعب والناس من أرضها أم لا.
    هل يرى- وهو الفلسطيني الذي احتضنته سوريا- في العدو التركي محتلا مغتصبا غازيا للواء أسكندرون وقبلها هضبة الأناضول بما فيها إنطاكيا التاريخية.
    مقرفة فعلا محاولته حرف الأنظار عن العهر التركي بإختراع أو إستحضار رغبة بشار الأسد في حدوث التقارب
    مسيو حديدي يريد أن يحشو في أذهاننا أن قيام أردوغان الثعلب بالصلح مع العدو الصهيوني وطعن الفلسطينين وخاصة في قطاع غزة بالظهر هو بسبب رغبة بشار الأسد وليس نتيجة لغدر أردوغان وأطماعه في الهيمنة على العرب والبلاد العربية وإعادة عهد الظلام العصملي.
    ربما مسيو حديدي مثله مثل من سهل إغتصاب زوجته وعندما سئل كيف فعلت هذا أجاب هكذا يرغب جاري.
    بخ بخ…. يالك من متفذلك مراوغ يامسيو حديدي يامن تأكل وتقتات من فضلات أردوغان في إستنطبول.

    1. أخي سوري، هناك من أمثال هؤلاء المتفزلكين الكثير، هؤلاء الذين أمضوا حياتهم بالسخرية من كتّاب النظام ومادحيه – وهم على حق في سخريتهم هذه بالمناسبة – ليظهروا في هذه الأزمة بصورة أسوأ ممن تمسخروا عليهم، على الأقل شلة النظام لم تدعي يوما الديمقراطية والحريّة ولن يصدقها أحد إذا ادعت ذلك، إما هؤلاء – وصبحي حديدي – من أمثالهم فكانوا ينظرون طول عمرهم ويدعون المهنية والحرفية والموضوعية في كتاباتهم لتأتي الأزمة وتفضحهم فضحا، لا أريد إعادة ما كتبته أنت محقا في تناقض صبحي حديدي لكن أريد أن أنبّه إنه وأمثاله من المعارضين أصبحوا مثل جحا الذي كذّب الكذبة وصدّقها، هم اقتنعوا وأقنعوا أنفسهم أن اسرائيل تريد النظام وتتمنى بقائه حتى صارت هذه القناعة معششة في أذهانهم القابلة فعلا للتعشيش، استدلوا على ذلك في بداية الثورة بغموض الموقف الاسرائيلي وببعض التصريحات من مسؤولين اسرائليين لا يمونون حتى على أنفسهم ليصوروا اسرأئيل بصورة الداعم للنظام، ثم خرسوا وسكتوا عندما بدأت التقارير الموثوقة تظهر عن تعامل عناصر الجيش الحر ( المرابطين ) في الجولان مع اسرائيل وتلقيهم الدعم والعلاج والتنسيق منها، ثم زيارة نتنياهو لأبطالهم في المشافي، ثم أخيرا ( البارحة فقط ) تسريب رسالة هيلاري كلينتون التي أعلنت فيها ضرورة دعم الثورة بغرض إضعاف النظام ثم إسقاطه لأن ذلك يَصْب في مصلحة اسرائيل ، ومع هذا التصريح خرج وزير إسرائيلي مقرب جدا من نتنياهو ( كان مسؤولا عن الملف الأمني ) ليقول علنا ما طلب نتنياهو إخفاءه وهو مصلحة اسرائيل الحقيقية في إسقاط النظام السوري. فأين صبحي حديدي وأمثاله من الكتاب الموضوعيين والمهنيين من كل هذا ؟

    2. الممانعين اهم شئ لديهم براعة ب انتاج الكذب الممنهج . صارت اسرائيل بحلف الممانعة مع روسيا و ما زالو يقلون عن الثوا ر انهم عملاء لو ارد العالم او امريكا او …. اسقاط النظام في سوريا لا اعطى الثور 10 صواريخ لاسقاط طائرته و من ثم انتهت المشكلة في سوريا و اكيد ل حي كون حياة جديدة و اكيد افضل من قبل لاكن العالم و حاصة روسيا و حليفتها اسرائيل اي حليفة محور الممانعة مبسوطين و فرحانين و بالتنسيق مع جبهة الممانعة من اجل الاستمرار في تدمير الارض السورية بجة الارهاب و فعلا هذا و اقع و حقيقة ز
      ملاحظة عندما قام الشعب السوري بثورة صد الظلم و الطغيان في ال 2011 لم يكن هناك شىء اسمه داعش و لا نصرة و لا نجباء و افغان لا مرتزقة و لا مؤامرة كونية و حماية مقامات شيعية ……

    3. الحديدي اصاب في هذه المرة يقول ان اردوغان علنا يتكلم مع الاسرائليين و اتفاقاته معلنه للملاء ام المصيبة الممانعين فهم يتحادثون و يتفقون مع الاسرائليين كل يوم لاكن ليس على الملئ و امام الراي العام العربي هم في قنواتهم لا يتكلمون الا على انهم اشراف الامة م هم اي جماعة الممانعة سوف يحررون الارض العربية المحتلة و هذا هو الهراء و الكلام المستهلك و هذ هم الفرق بين رجل مثل اردغان المخلص لشعبه و قوميته و بين حلف المماتع الكذاب الغير مخلص لشعبه و قوميته

  2. لم يأت الأستاذ كاتب المقال المحترم بشيء جديد. جميع الحكام العرب (لا أستثني أحداً) علاقاتهم مع إسرائيل “سمن على عسل” و منذ فترة طويلة و كانت و لا تزال الاتصالات مستمرة و الصفقات تعقد تحت الطاولة.
    قراءتي المتواضعة أن تركيا لديها علاقات مع إسرائيل منذ إنشاء الأخيرة ، و بالتالي حين حصل توتر بين الدولتين (نتيجة السفينة) توترت أعصاب كل الحكام العرب و تضايقوا كثيراً . عودة العلاقات إلى ما كانت عليه هي بالضبط ما يريده الحكام العرب لأن خيارهم ” الاستراتيجي” هو السلام و مبادراتهم للتطبيع قائمة بشتى السبل الغير مباشرة (تمهيداً للمباشرة) .

  3. يا لطيف والله جبت التايهة .. أهو فكرة وبزغت .. وممكن يتركب عليها موضوع بتاع كشتبانجية ( وأظن السيد حديدي يعرف جيدا من هم الكشتبانجية هذا إذا لم ينسى طفولته لأن مكاسب الأنخراط بالمعارضة منذ رفعت ولغاية داعش بتنسي الواحد حليب … وطنه )

  4. صبحي حديدي كاتب منطقي منذ زمن بعيد وهو يكتب في القدس العربي منذ ايام عطوان عبد الباري…ولم يغير في فكره وكتاباته منذ اكثر من عشرين عاما….وربما اكثر….

    وهو لم يبرر لا لاردوغان ولا لاحد…..هو وصف الحاله الحاليه ومايحصل….

    المشكله في من يدعي الفهم من جماعه المجرم بشار……

    ان معلمهم بشار ادخل اردوغان في حلق السوريين وجعلنا نهضمه ثم اتضح له انه متامر….فقط عندما نصحه بالتعامل برافه مع شعبه الذي قبله وصوت له (مع عدم وجود بديل)
    وادخل قطر بحلقنا ثم اتضح له ان قطر متامره عليه وكذلك ساركوزي الذي اعاد تاهيل بشار ونظامه خاصه بعد اغتيال الحريري…. وكذلك …..وكذلك….

    الفهيم شوي من جماعه بشار الاسد لايفهم ان مافعل بشار وعصبته … هو وابوه كافي لاقامه الف ثوره وان مافعله لايتقبله عقل بشري …وانه ونظامه العفن وعصابته العفنه (الاقتصاديه والامنيه) ارتكبو من الموبقات الانسانيه مايكفي لتشويه الانسانيه ومعانيها ….وان داعش وماشابهها ووحشيتها لا تشكل جزء يسييييييير من سفاله وبربريه هؤلاء العصابه…..ايها المؤيدون والمباركون لبشار وانتم ترون جرائمه ضد الشعب المسكين(الحاضن للارهابيين على زعم بشار وعصابته) ارجو ان يريني الله بكم يوما قريب….