واشنطن بوست : بعد هجوم اسطنبول .. تركيا تظهر التضامن مع محاربة الإرهاب

بينما تحصي تركيا حصيلة القتلى التي خلفها الهجوم الإرهابي المروع على مطار إسطنبول يوم الثلاثاء، فإن الحكومة التركية التي كانت في بعض الأحيان تتقاعس عن دعم سياسات مكافحة الإرهاب الأميركية، تقف على ما يبدو بصرامة إلى جانب حلفائها الغربيين في مكافحة الإرهاب والمتطرفين – وهي إشارة مرحب بها بالنسبة إلى واشنطن.

قال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إن الأدلة توحي بأن الهجوم من تنفيذ تنظيم داعش – وهو ما من شأنه أن يضع تركيا في نفس الجانب، حيث تقف الحكومات الغربية التي ناضلت مع الموجة الأخيرة من الهجمات المستلهمة من تنظيم داعش في باريس وبروكسيل وأورلاندو. كانت أساليب هجمات إسطنبول – من استخدام العديد من الانتحاريين والمواد المتفجرة في مطار مزدحم – مشابهة على نحو مقلق لهجوم تنظيم داعش على مطار بروكسيل قبل 3 أشهر.

يمكن لهذا الهجوم المروع أن يمثل تغييرا إذا جعل تركيا تنحاز بقوة أكبر إلى المعسكر الذي يقاتل داعش – وهي معركة كانت تركيا بمثابة مراقب سلبي فيها في بعض الأحيان. كما وأن الهجوم على إسطنبول، وهي مفترق طرق رمزي للعالم الإسلامي، يشير إلى أن الدول الإسلامية هي كذلك مستهدفة من قبل المتطرفين.

شدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان على التضامن مع الدول الغربية في بيانه حول الهجوم، قائلا إنه كان يمكن أن يقع في أي مكان، وبين أنه ليس هناك «أي فرق بين إسطنبول ولندن، وأنقرة وبرلين». وهذا النوع من الرسالة الموحدة هو ما كانت تريد الولايات المتحدة سماعه من تركيا.

ولأن تنظيم داعش لم يصدر أي بيان علني يؤكد فيه مسؤوليته عن الهجوم، فإن تقييم دوافع الإرهابيين يعد محل تكهن كبير في هذه اللحظة. لكن بعض الأحداث التي لم يتم الانتباه إليه بشكل كاف في الفترة الأخيرة، ربما تفسر السبب الذي دفع المتطرفين لتوجيه ضربتهم في هذا التوقيت.

ومنذ أكثر من عامين والولايات المتحدة تحاول استمالة تركيا ومناشدتها إغلاق ثغرة تمتد لنحو 70 ميلا على حدودها مع سوريا، غرب نهر الفرات، والتي كانت بمثابة طريق سريع فائق للمقاتلين المتطرفين، والأموال والإمدادات. وقدم الأتراك طلبات مضادة، واشتكوا من اعتماد الولايات المتحدة على وحدات حماية الشعب الكردية، التي يزعم الأتراك أنها (وهو أمر صحيح إلى حد بعيد) ذراع للجماعة الكردية القومية المسماة حزب العمال الكردستاني، الذي تدعي أنقرة أنه تنظيم إرهابي.

وقبل ما يزيد قليلا على الشهر، قدم الرئيس الأميركي باراك أوباما إنذارا نهائيا لإردوغان: «إذا لم تغلق الحدود، فسنغلقها». وفي أواخر مايو (أيار) بدأت الولايات المتحدة في واقع الأمر هجوما بنحو 3 آلاف مقاتل من تحالف يعرف بـ«قوات سوريا الديمقراطية» ضد ما يعرف بـ«جيب منبج»، جنوب الحدود التركية السورية. وشمل هذا الهجوم الذي أداره مستشارو القوات الخاصة الأميركية، قوات هجومية مختلطة، شملت السوريين الأكراد من وحدات حماية الشعب الكردية، وقوات عربية سورية، وهو ما كان بمثابة رد جزئي على الشكاوى التركية.

كان الهجوم على البوابة الرئيسية لتنظيم داعش ناجحا إلى حد بعيد، بحسب ما يقول قادة أميركيون، فمنبج محاصرة، وهو ما قطع وصول المتطرفين بين تركيا وسوريا، وتدفق المقاتلين الأجانب الذي كان بعشرات الآلاف، والذين جاؤوا في البداية عن طريق مطار أتاتورك بإسطنبول خلال السنوات الأخيرة، وهو نفس المطار الذي استهدفه هجوم الثلاثاء. وتقول مصادر أميركية أن أكثر من 1000 من مقاتلي تنظيم داعش قتلوا حتى الآن في حملة منبج.
كان الأتراك يشعرون بعدم الارتياح حيال منبج، لكنهم لم يجهروا بالشكوى، وقد سمحوا للولايات المتحدة بتنفيذ غارات جوية يومية ضد مواقع داعش بطائرات الهجوم البري إيه-10 «وارثوغ»، المتمركزة في قاعدة إنجرليك الجوية جنوبي تركيا.
وباختصار، ربما غامر الأتراك في العلن، لكنهم وراء الكواليس كانوا حلفاء متعاونين تماما. والآن هم تعرضوا لضربة في إسطنبول، ربما انتقاما لعملية منبج. ومرة أخرى، لم يشتك الأكراد حتى الآن وبدلا من هذا شددوا على تضامن تركيا مع الدول الأخرى التي تقاتل التطرف العنيف.

ولا بد وأنه كان لدى الإرهابيين أمل بأن يؤدي هجومهم على رمز لاقتصاد تركيا الحديث المرتبط بالعالم، إلى إثارة الأقاويل وتبادل الاتهامات. كان الإرهابيون يحاولون دق إسفين، لكن حتى الآن، لم يحدث الشرخ الذي أرادوه.

واشنطن بوست – الشرق الأوسط[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

One Comment

  1. لفت نظري في مقال الواشنطن بوست هذه الفقرة (وقبل ما يزيد قليلا على الشهر، قدم الرئيس الأميركي باراك أوباما إنذارا نهائيا لإردوغان: «إذا لم تغلق الحدود، فسنغلقها». ).
    و تابع المقال أن (قسد) أدار الأمريكان هجومها على منبج . إذا أضفنا هجوم قوات النظام على مزارع الملاح شمال حلب بدعم من الروس و الإيرانيين و مليشياتهم ، تكتمل الصورة و تؤكد ما قلناه سابقاً من أمريكا هي اللاعب الرئيسي أما الأخرون فهم مجرد وكلاء لها يقومون بتحقيق أهدافها.