هل يمكن لأنوفنا و عيوننا أن تكون مفتاح الحل للكشف عن مرض ” الزهايمر ” ؟
يبحث العلماء في مرض الزهايمر في قابلية أنوفنا وأعيننا للعثور على الأعراض المبكرة للمرض ، إذ أشار بحث في مؤتمر الهيئة الدولية للزهايمر 2016، إلى أن البالغين الذين تقل لديهم قابلية التعرف على الروائح قد يكونون في طريقهم للتراجع بالإدراك.
ويعد الزهايمر أحد أكثر أنواع الخرف شيوعاً، إذ يؤدي إلى خلق مشاكل في الذاكرة والتفكير والسلوكيات.
وقد يعد طرف الخيط هذا تقدماً في عملية التعرف على هذا المرض وتشخيصه مبكراً لتجنب المضاعفات، ولكن التعرف على بوادر الزهايمر بمراحله المبكرة ليس بالأمر السهل، إذ يمكن الخلط بين بعض الأعراض مثل الفشل بالذاكرة وتلك الأعراض الشبيهة بالتقدم بالسن، لكن مؤشرات أخرى مثل الارتباك قد تحصل بسبب وقوع ضرر في الدماغ.
وهنالك مادة غريبة في الدماغ لوحظ وجودها لدى مرضى الزهايمر ويعتقد بأنها مرتبطة به، إذ تتجمع ترسبات نشوية سامة في الدماغ، وقبل أعوام من ظهور أعراض الزهايمر لدى الشخص يمكن للتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني أو مسح “PET”، أن يظهر وجود تلك المادة في الدماغ، كما يمكن لفحوصات أخرى أن تظهر تراكم تلك المادة في السائل النخاعي.
لكن ولسوء الحظ، فإن صور “PET” باهظة الثمن، كما يمكن أن يتسبب أخذ عينات للنخاع بالتسبب بالألم، الأطباء يفضلون الفحوصات الأقل تكلفة والأقل ضرراً لتحديد وجود الزهايمر بمراحله المبكرة.
هل يمكن لحاسة الشم في جسم الإنسان أن تدل على ظهور للمرض؟
وفي محاولة للعثور على هذه الفحوصات أجرى فريقان من الباحثين من جامعة كولومبيا دراستين منفصلتين استندت كلتاهما على فحص التعرف على حاسة الشم الذي قدمته جامعة بنسلفانيا أو “UPSIT” اختصاراً، والمكون من 40 مادة، وتمت الاستعانة بعينة تكونت من 397 شخص غير مصابين بالخرف، بلغ معدل أعمارهم 80 عاماً.
وقام الباحثون بإجراء فحص “UPSIT” على هؤلاء الأشخاص وتتبع أحوالهم على مدى 40 عاماً، وخلال تلك الفترة أصيب 49 شخصاً بالزهايمر، بينما أظهر واحد من كل خمسة أشخاص خضعوا للفحص علامات على تراجع العمليات الذهنية.
وطبقاً لما اوردت شبكة سي ان ان ، اكتشف الباحثون بأن المشاركين الذين حققوا نتائج أقل في فحص الشم، تعرضوا لانخفاض في عملياتهم الذهنية لاحقاً، أما المشاركون الذين أظهرت صورهم قلة في سمك المنطقة الخاصة بالذاكرة في الدماغ، وهي المنطقة الأولى التي يستهدفها المرض، فكانت فرصهم بالإصابة بمرض الزهايمر أكبر.
وفي الدراسة المنفصلة الثانية بجامعة كولومبيا، قام الباحثون بدراسة نتائج حاسة الشم في الدماغ والسائل النخاعي لدى 84 شخصاً عانوا من مشاكل في ضعف الذاكرة و26 مشاركاً كانوا بصحة جيدة، وخلال ستة أشهر أظهر 67 في المائة منهم ضعفاً بالذاكرة، ومع تحليل المعلومات أشار الباحثون بأن وجود مؤشرات على الترسبات السامة في الدماغ أو النخاع الشوكي ارتبط بانخفاض القدرات الذهنية، بينما لم ترتبط حاسة الشم مباشرة، إلا أن الأشخاص الذي حققوا نسبة أقل من 35 بفحص “UPSIT” الشمّي كانوا عرضة بأكثر من ثلاث مرات للإصابة بهذا الانخفاض بالذاكرة.
وشدد الباحثون على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث في هذا الخصوص، مشيرين إلى أن الفحص الشمّي ليس دقيقاً لدرجة تتيح للأطباء الاستعانة به كوسيلة مستقلة لتشخيص الزهايمر، قائلين في بيان لهم: “فحص الإدراك الشمّي قد يصبح وسيلة مفيدة لمساعدة الأطباء في منح الاستشارة لمرضاهم الذين يشعرون بالقلق تجاه مخاطر فقدان الذاكرة.”
ماذا عن حاسة البصر؟
هنالك مؤشر آخر بدأ الباحثون بدراسته، ألا وهو سمك شبكية العين، ففي بحث جديد قدمه مركز طب العيون في كلية لندن الجامعية، تمت دراسة الرابط بين سمك طبقة الألياف العصبية لشبكية العين وكونها مؤشراً محتملاً لفقدان الذاكرة وغيرها من الوظائف الذهنية، خاصة وأن سمك هذه الطبقة يقل مع ازدياد العمر.
وفي هذه الدراسة قام الباحثون بإجراء فحوصات بصرية واختبارات جسدية وإدراكية لأكثر من 33 ألف مشارك، ليعثروا على وجود رابط بين الطبقات الرفيعة في شبكية العين والقدرات الإدراكية الضئيلة، وأظهرت النتائج بأن المشاركين ذوي النتائج المنخفضة بفحوص القدرات الإدراكية امتلكوا بالفعل طبقات رفيعة لأعصاب شبكيات أعينهم.
وفي دراسة منفصلة أخرى أجرتها جامعة “واترلو” تم الربط بين العثور على ترسبات بروتينية في شبكية العين، الدراسة تضمنت 20 شخصاً وستة كلاب امتلكوا مشاكل بالعين قبل وفاتهم، بالإضافة إلى 22 شبكية لأشخاص وسبعة كلاب بصحة جيدة.
الدراسة أدت لنتيجتين، الأولى تمثلت بأن الباحثين عثروا على الترسبات البروتينية في شبكيات أعين الكلاب والأشخاص المصابين بالزهايمر، والأكثر أهمية من ذلك هو أنه تمت رؤية تلك الترسبات قبل بدء أعراض التراجع بالقدرات الإدراكية، لذا بدأت بالظهور في الشبكية مع بدايات المرض.
أما النتيجة الثانية فتمثلت بأن تقنية الاستقطاب، التي يتم فيها قياس مقدار الضوء المنعكس عن الترسبات البروتينية في العين، وأكدت بأن هذا يساعد في تحديد وجود البروتينات لدى الأشخاص اللذين لا زالوا على قيد الحياة.
كما أنهى الباحثون الدراسة الأخيرة بالتأكيد على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث حول فحوص العين من خلال الاستعانة بمجموعات دراسة منفصلة.[ads3]