صحيفة : ” أمراء الحرب ” في دمشق .. حكام الظل في مناطق النظام و المعارضة

بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب، برز في شكل واضح دور «أمراء الحرب» في مناطق القوات النظامية والمعارضة، وباتت لهم الكلمة العليا، ذلك أنهم يتحكمون بالطرقات، وبأمان الناس ولقمة عيشهم.

في وسط دمشق، أصبح عمل شرطي المرور الوقوف في النقطة المخصصة له فقط من دون التعرض للسيارات التي تخالف الإشارات الضوئية، وبات مألوفاً للسائق الواقف على إشارة ضوئية أن يرعبه زمور قوي لمرات متتابعة من سيارة سوداء تقف خلفه، يريد من فيها أن يتم فتح المجال لهم للمرور على رغم أن الإشارة مغلقة… أو أن يتعرض من يقف أمامه للعديد من اللكمات والشتائم.

بالنسبة للشرطي لم يحصل شيء، وفي كثير من الأحيان يعمل على فتح الطريق لهم، فـهو «في غنى عن أن يسمع شتى أنواع الشتائم»، على حد تعبير أحد العناصر، والذي يضيف: «الأمور ضاعت… ثمن الإنسان صار طلقة».

مشهد أخر، يصادفه المرء على الأفران، فالحصول على ربطتي خبر أو ثلاث (ثمن الربطة 50 ليرة سورية) يمكن أن يستغرق من ثلاث إلى أربع ساعات للشخص العادي، ذلك أن الأولوية لعناصر «قوات الدفاع الوطني» التي باتت مادة الخبز تشكل لعناصرها تجارة مربحة على الأرصفة كون الربطة تباع بضعف ما تباع في الفرن.

السقف الأعلى المسموح به للشخص العادي ثلاث ربطات، في حين يحصل عنصر المليشيات على أي عدد يريد، ويمكن أن يحصل كل 15 دقيقة على عشر ربطات، وهو ما يجري فعلاً، وسط صمت مطبق من ثلاثة طوابير (مدني – نساء – عسكري) يصطف فيها الناس أمام ثلاث منافذ للبيع، لأن من يتفوه ببنت شفه «لن يكتفوا بشتمه بل يصل الأمر إلى الاعتداء عليه بالضرب المبرح وطرحه أرضا أمام أعين الناس، وحرمانه من الخبز».
أحد الموظفين انتظر لثلاث ساعات ولم يتمكن من الحصول على الخبر، تمتم بصوت منخفض وهو يغادر: «هم مواطنون من الدرجة الأولى. نحن من الدرجة الثانية. يعتقدون أن خبز الأفران لهم وحدهم. يقولون لنا اشتروا من الرصيف». ويضيف بصوت أعلى بعدما اطمئن لابتعاده عن الفرن: «يمنون علينا أنهم يسمحون لنا بالسكن في المناطق التي يسيطرون عليها».

سطوة ميليشيا «قوات الدفاع الوطني»، طاولت أيضاً محال بيع الوجبات الجاهزة، إذ أصبحت مسألة عدم دفع فاتورة الطعام من قبل عناصر «قوات الدفاع الوطني» أمراً اعتيادياً، ويقول أحد أصحاب تلك المحال: «أن يأكل هو نص مصيبة. أما أن يأكل ويأخذ وجبات لكافة أفراد عائلته مصيبة كبيرة. (سندويشة الشاورما بألف ليرة) بلد ما عاد ينعاش فيها».

مدينة التل في ريف العاصمة الشمالي على طريق دمشق – حمص الدولي، لا تبعد عن العاصمة سوى 14 كيلومتراً، وغدت ملاذاً لما يزيد على المليون شخص فرّوا من القتل والقصف من شتى أنحاء سورية، وهي ترزح منذ حزيران (يونيو) العام الماضي تحت حصار قوات النظام ومليشياته عبر خمسة حواجز تحيط بها. وقام وجهاء بجهود بين التنظيمات المسلحة المعارضة وقوات النظام من أجل إبرام اتفاق تسميه السلطة «مصالحة وطنية» على غرار ما حصل في عدد من المدن والقرى، يؤدي إلى فك الحصار عن المدينة، لكن تلك الجهود وفي كل مرة تبوء بالفشل.

في بداية الأسبوع الماضي، كادت الجهود المبذولة أن تفلح في التوصل إلى اتفاق، إلا أن «الصراع بين الجيش والقوى الأمنية ومليشيا الدفاع الوطني (الجهات التي تشرف على الحواجز المؤدية إلى المدينة)، حال دون التوصل إلى اتفاق وفتح الطرق المؤدية إلى التل»، بحسب معارض من المدينة، يوضح أن الجهة الرافضة من تلك الجهات «تستفيد يومياً بلايين الليرات من السمسرة التي تفرضها على دخول وخروج الناس وكذلك إدخال المواد الغذائية والخضروات والبضائع إلى المدينة». ويضيف: «العمولة تبلغ 100 ليرة سورية على كل كيلو أكل»، ويتساءل: «إذا فك الحصار من أين سيأتون بالمال..؟».

على الضفة الأخرى في مناطق المعارضة، الوضع ليس بأفضل مما هو عليه في مناطق سيطرة النظام، فالتنظيمات المسلحة تتناحر وهمّها الوحيد النفوذ والمال، والمواطن آخر همها، ويقول أحد الخارجين مؤخراً من مخيم اليرموك جنوب دمشق المحاصر من قبل قوات النظام ومليشياته منذ نحو أربع سنوات: «ما يجري في الداخل حرب تصفيات. الفائز يسيطر على كل شيء. يتحكم بكل شيء، مال، ماء، وقود، أكل». ويضيف: «لا مبدأ لهم. عندما تكثر المواد الغذائية يكدسونها، وحين تشح يعرضونها بأسعار خيالية. كيلو الرز وصل في فترات إلى ستة آلاف ليرة وعلبة السجائر إلى 15 ألف. يكتنزون ملايين الدولارات والناس تتخبط بالجوع».

ويتداول خارجون من اليرموك أسماء قادة مجموعات مسلحة كانت في المخيم وباتت الآن في دول مجاورة أو أوروبية، ويتساءل أحد هؤلاء: «من أين خرجوا. الأمر واضح عن طريق أمراء الحرب الذين يتقاضون مئات آلاف الدولارات»، بينما يقول آخر: «هناك من لا يريد لهذا الوضع أن ينتهي لأنه مستفيد. اليرموك محاصر منذ أربع سنوات وقبل أكثر من عام تم إحكام الحصار عليه. أما آن للسلاح الذي بين أيديهم أن ينفذ».

وشهدت في الفترة الأخيرة غوطة دمشق صراعاً على النفوذ ظهر في اقتتال دموي بين «جيش الإسلام» من جهة و»جيش الفسطاس» الذي يضم «فيلق الرحمن» و»جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً) من جهة ثانية، أدى إلى مقتل المئات من كلا الجانبين، استغل خلالها النظام وحلفاؤه الأمر وسيطروا على عشرات البلدات والقرى هناك. (صحيفة الحياة)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. هؤلاء اسمهم كلاب الحرب وليس أمراء حرب وقريبا سينهشون بعضهم عندما لايجدون من ينهشون لحمه.