جولة لصحيفة تركية في ” الحي السوري ” بالعاصمة أنقرة
تفيق العائلات السورية المقيمة في حي “أوندر” بمدينة أنقرة على طقوس تشبه إلى حد كبير حياة عاشوها قبل 5 أعوام في بلادهم. سفرة إفطار عامرة بصنوف الطعام السوري، وشيوخ يحتسون القهوة على قارعة الطريق، وأنغام فيروز تجوب أرجاء الحي.
حي “أوندر” التابع لبلدية “آلتنداغ” أصبج وجهة شريحة واسعة من اللاجئين السوريين، فمع اكتظاظ مدينة إسطنبول والمحافظات التركية الأخرى بأعداد اللاجئين الذي نزحوا نتيجة الأزمة السورية، ذهب بعضهم نحو العاصمة التركية أنقرة.
اللاجئون السوريون القاطنون في هذا الحي لم يتجاوز عددهم قبل ثلاث أعوام 30 عائلة، لكن اليوم ومع استمرار الأزمة السوريّة وازدياد عدد اللاجئين، أصبح العدد يفوق الـ100 عائلة ومعظمهم يعيشون في بيوت للإيجار.
ويعمل عدد كبير من أرباب هذه العائلات في مجالات مختلفة، حيث انخرط بعضهم في أعمال البناء والخياطة، في حين ذهب البعض الآخر إلى فتح محلات لبيع المواد الغذائية والملابس ومسلتزمات العيش الأساسية، إضافة إلى المطاعم.
“آمنة خطاب” (35 عامًا) سورية نازحة من مدينة حلب وإحدى سكان الحي، تتحدث بنبرة تكابد فيها مرارة العيش التي فُرضت عليها وعائلتها بفعل الحرب المندلعة في بلادها، لكنها تحاول فرض نفسها على واقع حياتها الجديدة الصعبة حسب وصفها.
آمنة وآلاف السوريين الذين اضطروا قسرًا لترك بيوتهم وحياتهم في سوريا هربًا من الموت المستشري في بلادهم، للبحث عن حياة أفضل منعمة بالأمن، نزحت إلى تركيا وانتهى بها المطاف وعائلتها إلى العاصمة أنقرة.
وتقول في حديثها مع صحيفة “ديلي صباح” التركية : “وصلت أنقرة بعد رحلة نزوح طويلة قبل عامين تقريبا عبر الحدود السورية التركية، ولدى وصولي بحثت عن بيت صغير بإيجار مناسب، ووجدت منزلا في حي أوندر الذي يعيش فيه عددا من اللاجئين السوريين”.
اختارت آمنة هذه المنطقة لأسباب تراها مناسبة، فإيجار البيوت في الحي يناسب قدرتها المادية، علاوة عن ذلك فإنه يضم عددًا كبيرًا من أبناء بلدها الذين هربوا من الموت بحثًا عن الحياة، وتقول: “وجودي بينهم يُشعرني بالأمان”.
تعمل آمنة المُعيلة لأربعة أطفال في محل لبيع الملابس ومستلزمات الأطفال يديره لاجئ سوري، وهي تسعى بذلك لتأمين مصروفات بيتها وأولادها، كونها مسؤولة عن إدارة البيت في ظل غياب زوجها الذي قتل خلال الحرب في سوريا كما تقول.
وتضيف: “تأقلمت بصعوبة مع حياتنا الجديدة هنا. أشعر أنا وأولادي بالأمان كوننا نعيش مع أبناء وطني. الحياة صعبة لكن كل شيء في هذا الحي يشبه الحياة في سوريا. أشعر أنني بين أهلي وناسي وهذا ما يهون علينا”.
وأمام أحد المحلات التجارية في الحي يجلس “حسام غنّام” الذي فقد دكانا للملابس كان يعمل في مدينة حلب وقُتلت زوجته في قصف قوات النظام السوري. ويقول إنه جاء إلى أنقرة قبل عامين برفقة أولاده وعدد من أقاربه هربا من الحرب.
يعيش حسام وأفراد عائلته بمنزل في حي “أوندر”، وكما يقول فإن “المنزل يتكون من ثلاث غرف وصالة صغيرة. البيت صغير لكنه يلبي حاجتي. اخترته في هذا الحي تحديدًا نظرًا لتواجد السوريين الأمر الذي يشعرني بوجودي في بلدي”.
ويعمل حسام وزوج خالته –يدعى محمود- في إحدى ورش الخياطة. ويضيف: “بصراحة أوضاعنا المعيشية هنا جيدة، ويمكن وصفها بالممتازة مقارنة مع الأوضاع التي يعيشها اللاجئين السوريين في الدول العربية المجاورة”.
ويتابع الشاب الثلاثيني: “على أقل تقدير نحن قادرون على تلقي العلاج في المستشفيات مجاناً، علاوة على ذلك هنا لا يتعرّض لنا أحد ونشعر بالأمان، ونستطيع النوم بهدوء دون أن نصحو على أصوات البراميل والقذائف”.
حسام اضطر إلى تغيير منزله بعد هدم بيته القديم نتيجة أعمال الترميم والهدم اتي تقوم بها البلدية في الحي، لكنه تمكن من العثور على شقة أخرى، انتقل للعيش فيها مع أفراد عائلته.
ولا يُخفي حسام شعوره بالقلق من جراء احتمال هدم البناء الذي يسكنه الآن، وكذلك من “تضاؤل فرص الحصول على عمل خاصة مع ازدياد عدد اللاجئين والقوانين الجديدة”، وهو يفكر الآن بالهجرة والبحث عن مكان آخر.
وتشير إحصائيات غير رسمية صدرت مؤخرًا عن مكتب للبحوث في أنقرة إلى أن عدد اللاجئين السوريين في المدينة لم يتجاوز قبل ثلاث سنوات ألفَي لاجئ، لكن مع بداية العام 2015 وصل عددهم إلى ما يقارب ثلاثين ألفاً، ازداد عددهم خلال العام الأخيرة. (daily sabah)[ads3]
نرجو من السيد اردوغان تجنيس نصف مليون سوري بتركيا