لماذا نجحت المؤامرة ضد الأسد و فشلت ضد أردوغان ؟

دعونا نعترف أولاً أن أحد مرادفات كلمة «مؤامرة» في قاموس روجيه الشهير هي كلمة «سياسة». بعبارة أخرى، فإن المؤامرات هي في نهاية المطاف نوع من أنواع السياسة. والسياسة الحقيقية كما يصورها ماكيافيلي في كتابه الشهير «الأمير» كلها مؤامرات ومكائد وحيّل وخدع لتحقيق أهداف قذرة. لهذا سنتفق جدلاً مع أبواق النظام السوري، وخاصة ما يسمى بإعلام الممانعة والمقاومة في سوريا ولبنان والعراق وإيران، بأن الثورة السورية منذ يومها الأول ليست انتفاضة ضد الظلم والطغيان، بل مجرد مؤامرة خارجية تقف وراءها إسرائيل وأمريكا وخصوم النظام في العالم، وأن الشعب السوري لم يثر مطلقاً، وليس عنده أي سبب يدعوه للثورة. وسنتفق أيضاً جدلاً مع بعض المهرجين في وسائل إعلام الممانعة الذين وصل بهم الأمر إلى اتهام المفكر الفرنسي بيرنار هنري ليفي بأنه هو من رتب الثورة في سوريا وغيرها. هل تصدقون أنفسكم بربكم؟ أليست قمة السخافة والضحالة أن تتهموا شخصاً واحداً مهما علا شأنه بالوقوف وراء ثورات بأكملها. كما أنه احتقار صارخ للشعوب أيضاً من خلال تصويرها على أنها مجرد قطيع يمكن لكاتب أجنبي أن يوجهها كما يريد، ويحرضها على حكامها.

ولو سلمنا معكم أن النظام السوري تعرض لمؤامرة، نريد أن نسألكم أيها الممانعون: لماذا لا تنجح المؤامرات الصهيونية إلا في سوريا الأسد؟ لقد تآمرت أمريكا قبل أسابيع فقط على الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، ورتبت ضده انقلاباً عسكرياً قذراً، لكن المؤامرة الأمريكية فشلت فشلاً ذريعاً في تركيا، رغم أنها كانت تريد أن تفعل بتركيا أكثر مما فعلت المؤامرة بسوريا. لقد حاول ضباع العالم تحريض الشعب التركي على الرئيس أردوغان بهدف تخريب تركيا، لكن الشعب التركي لا يمكن ان ينساق وراء مؤامرات تستهدف الرئيس الذي رفع من شأن شعبه ووطنه ووضعه في المراتب الاولى عالمياً، فتصدى الشعب للانقلابيين والمتآمرين على تركيا وأهلها، وأفشل المؤامرة خلال ساعات.

أما في سوريا فما أسهل أن تحرض السوريين على رئيسهم وحكومتهم، فلدى كل سوري ألف ثأر وثأر مع النظام الذي سامهم سوء العذاب والظلم، ولم ينجز لهم سوى الفقر والقهر، لهذا كان بإمكان أي «مفعوص» من الداخل والخارج أن يحرض الشعب على نظامه بهدف تخريب البلد ونشر الفوضى وعدم الاستقرار. لماذا يا ترى نجحت المؤامرة في سوريا ودمرت البلاد وشردت العباد، ولماذا فشلت في تركيا وجعلتها أقوى؟ السبب بسيط: إن الذي يمكن له أن يساعد المتآمرين أو يفشلهم في أي بلد هو رأس النظام، فإذا كان محبوباً من شعبه بسبب حكمه الرشيد وانجازاته العظيمة لوطنه وشعبه كأردوغان، فإن المؤامرة ستفشل حتماً، فالشعب هنا لا يدافع فقط عن رئيسه، بل يدافع عن مصلحة وطنية عامة كبرى استطاع أردوغان أن يجمع الأتراك جميعاً حولها، فمن غير المعقول أن ينقلب الشعب على من أحسن إليه ورفع من شأنه. أما إذا كان النظام لم يحقق للشعب سوى البؤس والعذاب المخابراتي الحقير، فسيكون بمقدور أي كلب من الخارج أن يحرض الشعب للانتقام من النظام. قالها لي مسؤول سوري كبير قبل سنوات قبل الثورة: قال: «ادع لنا أن لا تحدث ثورة في سوريا، لأن غالبية الشعب السوري لها ثارات وثارات مع النظام، فلم يبق سوري إلا وأكل منا «كفا».

وإذا لم تريدوا المقارنة مع تركيا، فسأحيلكم إلى مثال بسيط يحدث للكثير منا في حياته العملية. فلو كان مديرك في العمل لطيفاً وعادلاً معك، وجاءك شخص مُغرض ومتآمر وحرضك عليه، لا شك أنك ستبصق في وجهه، وستدافع عن مديرك. أما لو كان مديرك فظاً وظالماً معك، فلا شك أنك ستشتمه فوراً أمام المحرض، وربما تسأل المحرض عن أفضل طريقة للانتقام من المدير الظالم. كذلك الشعوب، فلو كان حكامها وحكوماتها عادلة وطيبة معها، لدافعت عنها وعن أوطانها بأسنانها.

أما إذا كان الحكام والأنظمة ظالمة، فلا شك أن أي تحريض بسيط من الخارج سيدفع الشعوب للانتقام من حكوماتها وحكامها، وسيكون شعارها: علي وعلى أعدائي، كما يحدث في سوريا.

لهذا لا تلوموا المتآمرين الذين تتهمونهم بتحريض الشعوب على الثورات لأهدافهم الخاصة، بل لوموا أنفسكم لأنكم بسياساتكم الحقيرة والظالمة جعلتم القاصي والداني ينجح في تحريض شعوبكم عليكم.

فيصل القاسم – القدس العربي[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫14 تعليقات

  1. اصبت عين الحقيقه وشتان مابين الثرى والثريا بشار اوصل البلاد ماقبل الحرب الى الحضيض واردوغان جعل تركيا تغض مضاجع الاوربيين

  2. مليون لعنة على العصابة المافيا _ الاسد_
    الذي احرق سوريا وذل شعبهاوشردهم

  3. المؤامرة ليست ضد بشار و لا ضد اردوغان ، المؤامرة ضد اهل السنة في سوريا و يشترك فيها الجميع و اولهم من يدعون صداقة الشعب السوري

    1. هل سألت نفسك لماذا تُحَارب السنة بهذا الشكل وهذه الدموية؟ أكيد ليس لأنها تريد تحرير القدس أو تريد نصرة المسلميين.

  4. (عَدَلت فأمِنْت فنِمْت ياعمر) . هذا ما قاله مبعوث ملك الفرس عندما رأى سيدنا الفاروق عمر “الذي كانت تهابه ملوك عصره” نائماً تحت شجرة في إحدى جنبات المدينة المنورة في قيلولة الظهيرة من دون حراسة أو سور حوله.
    العدل أساس الملك لمن بفقه في السياسة و يأتي للجكم بناءً على الإختيار الحقيقي للأمة ، و هذه الأمة تكون السياج الذي يقف مدافعاً عن اختياره.
    أما حين يأتي للحكم من يفرضه الاستعمار بالقوة على الأمة أو من يصل للحكم عبر توريث لقاصر بإقرار مجلس شعب هزلي ، فهذا حاكم تلعنه الأمة صباح مساء و تدعو عليه و تتمنى أن يأخذ عزرائيل روحه اليوم قبل الغد. حاكم كهذا سنده خارجي و يستقوي بمرتزقته و بأشرار العالم و قد يستمر قليلاً لكن نهايته في الغالب تكون بشعة مثل مجنون ليبيا.

  5. لكي نعرف كيف نجحت (المؤامرة) على الأهبلوف وفشلت ضد أردوغان يجب أن نعرف أولا كيف وصل الاثنان إلى السلطة فالأهبلوف ورث الرئاسة من أبيه المقبور الذي وصل بدوره للسلطة بانقلاب عسكري أما أردوغان فقد وصل للسلطة بإرادة شعبية عن طريق صناديق الاقتراع ومع ذلك وعلى الرغم من وراثته للرئاسة غصبا عن إرادة الشعب فقد كانت أمام الأهبلوف الفرصة الكاملة والصلاحيات المطلقة والوقت الكافي لإصلاح الأمور لو كان يملك الرؤية والكاريزما والمؤهلات والأهم من كل هذا لو لم ينجرف كأبيه نحو طائفته ولأجهزة أمنه الطائفية والركون لمجلس العائلة وخاله محمد مخلوف مع أمه أنيسة والمعروفان بحقدهما الأسود الدفين على الأكثرية السنية والمتوارث من زمن الإقطاعية لإدارة البلد فيما انصرف هو بغباء و(هبلنة) لمغامراته النسائية مما أجج الجمر الموجود تحت الرماد منذ زمن أبيه وأدى لاندلاع الثورة.
    يستطيع أي تركي في أي مكان بتركيا أن يلمس ويرى بصمة أردوغان وإنجازاته الواضحة للعيان في زمن لايتعدى 15 سنة من حكمه من طرقات وجسور وبنى تحتية ونظافة وكهرباء وماء ومستشفيات وخدمات …الخ بينما لايستطيع أي سوري أن يرى إنجازا واحدا مماثلا للأهبلوف وأبيه المقبور طوال 53 سنة من حكمهما اللهم إلا فروع الأمن وسجونها السرية المنتشرة في كل مكان بسوريا.

  6. لم تنجح في تركيا لان اردوغان هو صاحب المؤامرة المسرحية التي كان يحتاجها بعد ان وصل الى عنق الزجاجة عزلة من محيطه العربي و الاسلامي و مكروه من الغرب و ملعون من السماء و حتى الشياطين قرفت منه و كان الانقلاب مخرجا لازماته حاليا و بحجة الانقلاب اعتقل الطيارين الذين اسقطوا الطائرة الروسية و قبض على قاتل الطيار الروسي لارضاء روسيا ما عدا التنازلات السرية التي قدمها للروس و تخلص بحجة الانقلاب من كل العسكريين الذين قد يشكلون عائقا لمغامراته في سوريا

    1. وأيضاً ياسوري : بشار الاسد وعاونه بذلك العراق وايران وال ك. ج. ب في توليد داعش وترك لها المجال للتسلح واالتمدد .. كان يتعامى عن داعش ويهاجم الثوار والمدنيين بيئتهم الحاضنة، وتدعي اجهزته الاعلامية ليل نهار بأن الارهابيين والمسلحين والمتشددين هم من يقصف المدنيين.. محاصرة المدن وتجويع السكان…. نظام سافل منحط لا يقارن مع النظام التركي مهما كان . ظلم ؛ ان نقارن قاتل الشعب مع من انقذه الشعب وحتى لو كان الانقلاب من تدبير اردوغان، فهو اكد واظهر حرص الشعب التركي على الرئيس على العكس تماماً من السفاح الاسدي الكيماوي بشار قاتل الاطفال.. والذي يتمنى له السوريين السحق والمحق والسحل والابادة ويسعون لذلك،، عدا عن حفنة المؤيدين الانذال والانتهازيين الجبناء.
      عاشت الثورة.

  7. تحليل الاخوة .كاشف المستور .وج.بوند.تحليل واقعي وسليم.اما الذي يدعي انه سوري فهذا شبيح مغفل لاأعتقد انه سوري ولاينتمي الى الانسانية

  8. ياخي كاتب هذا المقال فلسفوف عظيم لكن لهذا الفلسفوف انت مقتنع انو كان في مؤامرة على اردوغان – ماهي مسرحية هزليه اعتقد لازم تراجع بعض المعطيات

  9. ارصدوا الاسد قبل صلاة العيد واقنصوه
    كل عام وأنتم بخير

  10. مافي شي أسمو انقلاب بتركيا هي كلا لعبه من أردوغان سواها منشان يشيل كل معارضين الو بحجه انو هو وراء انقلاب ويحط كل ناس يلي من طرفو

  11. موافق ان بشار احد اسباب الثورة وظلمه هو ونظامه.. ومن بعدها خطابه ومؤتمر بثينة شعبان الكارثيان… وسوء التصرف بعد حدوث الازمة ولكن ماجر الازمة اكثر هو عدم وعي الكثير من الشعب السوري ايضا فبشار الاسد لا يقاتل فقط المدنيبن هو يقصف اعداءه المعارضين الذين حرروا الاحياء واحتمو بها وببيوتها وباهلها… والذين هللوا ايضا لدخول الاجانب بينهم الذين اصبحوا فيما بعد جبهة النصرة ومن ثم داعش… انا لاقول ان بشار ليس مجرم بالعكس فهو اكثرهم اجراما ولكنه ليس الوحيد او نظامه ليس الوحيد … اضف لذلك المعارضة الخارجية التي بعضعا لم يرى سوريا من قبل الثورة بسنوات ولم يتنازل ان يدخل المناطق المحررة بعد الثورة… وبالنهايه يادكتور فيصل انت احد المحرضين الكبار على الشعب السوري الموالي ونظامه … وايضا اردوغان محبوب من شعبه ولكن اخر الاحصائيات لاتشير الى تفوق اردوغان المنقطع النظير مثل اول ايامه فهو ايضا اصبح له الكثير من المعارضين ولكن القوة كانت من المعارضة التي رفضت الانقلاب وليس ان الجميع يحبون اردوغان كما تفضلت