هيومان رايتس ووتش : مقتل 24 مدنياً في هجوم تركي على مقاتلي ” قوات سوريا الديمقراطية “

إن الهجوم التركي على “قوات سوريا الديمقراطية” التي تدعمها الولايات المتحدة، شمالي سوريا في 28 أغسطس/آب 2016، قتل 24 مدنيا، بينهم 6 أطفال. قُتل أيضا بين 10 و15 مقاتلا كانوا منتشرين بين المدنيين.

تشير المعلومات المتاحة إلى أن كلا الجانبين كان بإمكانهما القيام بجهود أكبر لتقليل الخسائر المدنية في الأرواح، كما تنص قوانين الحرب. أخبر 2 من السكان المحليين هيومن رايتس ووتش أن قبل الشروق يوم 28 أغسطس/آب، أغارت طائرات تركية على عناصر من قوات سوريا الديمقراطية كانوا نزلوا للتو من مركبات عسكرية بين مبان سكنية. كان في تلك المباني نحو 14 مدنيا هربوا إليها من المعارك القريبة. لحق ذلك بوقت قصير قصف مدفعي أدى إلى وقوع إصابات إضافية.

قال أولى سولفانغ، نائب مدير قسم الطوارئ في هيومن رايتس ووتش: “كان من الممكن تجنب وفاة 24 مدنيا لو لم يتموضع مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية بين مبانٍ مليئة بالمدنيين، ولو بذلت القوات التركية جهودا أفضل لتحديد ما إذا كان هناك مدنيون. من غير القانوني تعريض المدنيين إلى مخاطر غير ضرورية. حتى الهجوم على هدف عسكري قد يكون غير مشروع إذا لم يؤخذ الضرر المحتمل بالمدنيين في الاعتبار.”

قبل 4 أيام، في 24 أغسطس/آب، بدأت القوات التركية و”الجيش السوري الحر” عمليات عسكرية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” (المعروف أيضا بـ “داعش”)، شمالي سوريا. كما شنت عمليات ضد “قوات حماية الشعب” الكردية، وهي نواة قوات سوريا الديمقراطية (تحالف يضم أيضا قوات عربية وقوات أخرى). نشطت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى في دعم تلك القوات وتسليحها في حربها ضد داعش.

استولى التحالف بين الجيشين التركي والسوري الحر على جرابلس، مدينة قرب الحدود التركية استولت عليها داعش سابقا، ثم انتقل لاحقا جنوبا ليشتبك مع قوات سوريا الديمقراطية.

قال 2 من السكان المحليين إن مساء يوم 27 أغسطس/آب، طلبت منهم قوات سوريا الديمقراطية إخلاء منزليهما قرب قرية صريصات، 12 كلم جنوب جرابلس، بسبب القتال القريب. أخبرتهم القوات أنهم سيكونون في مأمن في منزل ابن عمهما، على بعد كيلومتر.

قال الشاهدان إنه قبل أيام قليلة، طلب المقاتلون أخذ منزليّ ابني عمهما الواقعين على التل. سمحوا في نهاية المطاف للمدنيين بالبقاء وانتقلوا إلى منازل أخرى شمالا. انتقل في النهاية بين 50 و55 مدنيا إلى المنزلين على التل.

قال الشاهدان إن حوالي الرابعة فجر 28 أغسطس/آب، عادت قوات سوريا الديمقراطية إلى المنزلين. ركنت مركباتها، بعضها مزود برشاشات ثقيلة، قرب المنزلين، ووضعت مقاتلين على سطحيهما. طلب أحد السكان من المقاتلين الرحيل، لكنهم رفضوا.

بعد أقل من 30 دقيقة من وصول المقاتلين، قصفت الطائرات التركية المنازل.

قال أحد السكان: “كان الأمر كما لو كنا داخل بركان خامد ثار فجأة. استيقظتُ في حالة صدمة. كانت رائحة المتفجرات ورائحة الموت في كل مكان. أصيب أخي بجروح خطيرة. كان ابنه جالسا في حضنه، وسحبته بعيدا كي لا يرى ما حدث. كان مشهدا مروعا. بعدها حاولت سحب أخي، لكن سقطت قنبلة أخرى ورمتني بعيدا”.

قال الشاهدان إنهما عدّا انفجار 7 قنابل. تلا ذلك قصف مدفعي مكثف أسفر عن مقتل وإصابة من جاؤوا لمساعدة الجرحى. لم يعرفوا من وراء قذائف المدفعية

قدّم 2 من السكان إلى هيومن رايتس ووتش أسماء 13 من أقاربهم لقوا حتفهم خلال الهجوم. محمد عثمان، أحد الأقارب ولم يكن هناك وقتها، نشر على صفحته في فيسبوك أسماء 24 شخصا قتلوا في الهجوم، بينهم 6 أطفال و6 نساء.

زود أحد السكان هيومن رايتس ووتش بصورة التقطها، تُظهر شاحنة مدمرة لقوات سوريا الديمقراطية مع أنابيب تعبئة وتغليف من الورق المقوى تُستخدم عادة للذخيرة الأرضية.

أظهرت صور الأقمار الصناعية الملتقطة بتاريخ 30 أغسطس/آب مبنيين مدمرين بالكامل تقريبا بين 27 و30 أغسطس/آب. هناك بناء ثالث متضرر على مسافة كيلومتر. يمكن رؤية 4 حفر ارتطام على الأقل في الحقول المحيطة.

تُظهر صور بقايا السلاح المستخدم أن ما اُستخدم في الغارات الجوية كان قنابل سلسلة “بايفواي” (Paveway) الموجهة بالليزر.

ذكرت وكالة أنباء “الأناضول” الحكومية التركية أن القوات المسلحة التركية نفذت، يوم 28 أغسطس/آب، غارات جوية ضد جماعات مسلحة هاجمت القوات التركية في جرابلس. نقلت كذلك عن القوات المسلحة أن الهجوم قتل 25 “إرهابيا” ودمر 5 مبانٍ كانوا يستخدمونها.

بموجب قوانين الحرب التي تنطبق على النزاع المسلح في سوريا، على الأطراف المتحاربة اتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين تحت سيطرتها من آثار الهجمات. عليها السعي إلى إبعاد المدنيين عن منطقة تواجد القوات العسكرية. قالت هيومن رايتس ووتش إنه كان على قوات سوريا الديمقراطية ألا تنتشر في المجمع قبل نقل المدنيين أولا إلى منطقة أخرى.

على القوات المهاجمة اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الخسائر في أرواح المدنيين. يشمل ذلك اتخاذ الخطوات اللازمة لتقييم ما إذا كان الهجوم قد يتسبب بخسائر مدنية، من شأنها أن تكون غير متناسبة مع الميزة العسكرية المتوقعة منه. في هكذا حالة، عليها إيقاف الهجمات.

قال مكتب رئيس الوزراء التركي، في بيان في 28 أغسطس/آب: “أبدت القوات المسلحة التركية كل التدابير اللازمة حتى لا يصاب المدنيون المقيمون بالمنطقة بأية أضرار أثناء سير العمليات الجارية”. أشار البيان، من بين أمور أخرى، إلى العمليات العسكرية جنوب جرابلس. قالت هيومن رايتس ووتش إنه نظرا لأن الهجوم وقع في الظلام وبعد وقت قصير من وصول قوات سوريا الديمقراطية إلى مجمع سكني، ليس من الواضح اتخاذ الجيش التركي خطوات كافية لتحديد إلى أي مدى يمكن أن يكون المدنيون معرضين للخطر خلال الهجوم.

قال سولفانغ: “مع انضمام طرف آخر إلى الصراع في سوريا، إذا استمرت الجهات المسلحة بعدم إيلاء اهتمام كافٍ لحماية المدنيين، ستكثر الخسائر بينهم”. (HRW)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها