عن خرافة التواطؤ و التآمر على العروبة

أمضت الأنظمة البعثية والناصرية (باعتبارها بانية المشروع القومي العربي) عقوداً في اختلاق خرافة استهداف الأمة العربية في الوجود والحدود والهوية والثروات من قبل العدو الخارجي، وغرس هذه الخرافة في عقل وتكوين المواطن العربي الخاضع للسلطة السياسية والإدارية أو المعنوية لهاتين الأيديولوجتين القوميتين العربيتين. وأتت معارضات هذه الأنظمة في سورية والعراق ومصر وبلدان أخرى، لتستكمل هذه المهمة، عبر تبنّي هذه الخرافة، كنوع من المزايدة والمضاربة العقائدية – العروبية على الأنظمة (صاحبة امتياز اختراع الخرافة)، باعتبار أن الأنظمة، لم تكن مخلصة للعروبة والأمة العربية والوطن العربي، بل كانت تعمل خدماً لدى أعداء العرب والعروبة. وأنه في حال استلام المعارضة السلطة، ستعيد الحال المعوجة إلى صحيحها ونصابها، وإلى الدفاع الحقيقي عن أمة العرب في مواجهة المؤامرة وتواطؤ قوى الاستعمار والإمبريالية العالمية!

والحال أن اتهام المعارضة الأنظمةَ الحاكمة باستثمار الدفاع عن العرب والعروبة لحماية مصالحها وتكريس سلطانها وترسيخه، صحيح ودقيق. لكن الصحيح والدقيق أيضاً أن هذه المعارضات هي أيضاً تبنّت خرافة التآمر على العرب والعروبة، وزعمت أنها المحارب الحقيقي الصنديد في مواجهتها. وفي هذا الإطار، ما زالت المعارضـات تنـتـج وتـروّج للكلام الغرائزي الموتور والعصبوي بهدف مواصلة مهنة التضليل التي مـارستـها الأنظمة. ولم تنتج المعارضات نماذج ناضجة ومتوازنة تتجاوز الأنظمة في ما خص نفض العقل والذهنية من ترّهات وخرافات تغرف من خزائن العقائد الشمولية القومية منها والدينية، كي نصل إلى تشكيل البديل الوطني الديموقراطي المستقر والمُقنع.

مناسبة هذا الحديث إصرار الكثيرين من المعارضين السوريين على عروبة الدولة السورية، التزاماً منهم بالموروث البعثي، وقبل ذلك بتغيير اسم الدولة من «الجمهورية السورية» إلى «الجمهورية العربية السورية». هذا العناد لا يستند إلا على معطى هشّ وركيك، لم يكن يعتدّ به قبل وصول البعث إلى السلطة عام 1963، وهو أن غالبية السوريين عرب. وقياساً على هذا المنطق «الأكثري»، كان ينبغي أن يكون اسم بلجيكا المملكة الفلامنكية البلجيكية، باعتبار أن الفلاندرن (الهولنديين) هم الغالبية. وكان ينبغي أن يكون اسم سويسرا «الجمهورية الألمانية السويسرية» باعتبار أن الألمان الغالبية، وهكذا دواليك في دول ديموقراطية أخرى.

هذا العناد لدى المعارضين السوريين يتهم كل من يخالف أو يعترض على خرافتهم هذه بأنه يعادي العرب والعروبة، وأنه جزء من المؤامرة والتواطؤ الكوني عليهما. وهذا العناد المتدثّر بـ «العروبة»، يرمي بإرث الحقبة ما قبل البعثية من تاريخ سورية المعاصر، بخاصّة الحقبة الوطنية منتصف الخمسينات التي «يفتخر» بها السوريون! ويتناسى هؤلاء أن علم ثورة الحرية والكرامة السورية، هو علم الاستقلال، علم الجمهورية السورية، وليس علم «الجمهورية العربية السورية» الذي يرفعه نظام الأسد ومحازبوه!

فمن غير المعقول أن يكون المعارضون السوريون الحاليون أكثر وطنية وقوميةً وحرصاً على العرب والعروبة من قيادات الدولة السورية ورجالاتها في الحقبة التأسيسية والوطنية ما قبل البعثية، وإلا لأصر أولئك أيضاً على «عروبة» الدولة، ورفضوا أن يكون اسمها «الجمهورية السورية»!

ثم إن هؤلاء المعاندين «الأصلاء»، الحريصين على عروبة سورية، لا يذكرون لنا فائدة واحدة فقط، جنتها سورية أو السوريون من هذه العروبة التي أسبغها نظام البعث عليها، وكرسها طيلة فترة حكمه، عبر ثلاثة انقلابات (1963 و1966 و1970) والانقلاب الأبيض على الدستور عام 2000، بعد موت حافظ الأسد. وبالفعل، ماذا قدمت العروبة لسورية الجريحة التي تنزف منذ ما يزيد عن خمس سنوات؟ هل خرجت تظاهرة واحدة في طول البلاد العربية وعرضها، تضغط على نظامها الحاكم، وتطالب بالتضامن مع الشعب «العربي» السوري وسورية «العربية»؟! هل قدّم العرب والعروبة لسورية والسوريين، ربع ما قدّمت سورية للعرب والعروبة؟!

ثمة خرافة أخرى، موازية لخرافة التآمر على العروبة وتوابعها، مفادها أن «سورية جزء لا يتجزأ من الوطن العربي». وهذا الوطن الافتراضي، سياسياً وجغرافياً، هو أيضاً من بناة أفكار وخرافات المشروع القومي العربي، بشقيـه البعثـي والنـاصري. فهـو لم يكن موجوداً بهذا الاسم والخريطة التي رسمها البعثيون وجعلوها شعار حزبهم. وهو لم يتحقق طيلة عقود، ولن يتحقق، قياساً بحجم التآمر الذي تبادلته الأنظمة العربية التي زعم كل منها أنه حامي حمى العرب والعروبة، فيما النظام الآخر متآمر عليها. ولا داعي لسرد السجل الحافل من العداوات بين ليبيا القذافي ودول الخليج ومصر وتونس، وبين الجزائر والمغرب، وبين مصر عبدالناصر وعراق صدام حسين، وبين سورية حافظ الأسد وعراق صدام، والحرب في اليمن، والحرب الأهلية في لبنان إلخ.

وعليه، إما يتجاهل أو يتغافل المعارضون السوريون عن هذه الحقائق، ويصرّون على فرض الخرافات على واقع سورية ومستقبلها، سيراً على نهج نظام البعث – الأسد وخطاه، أو يكونون عاجزين عن الفكاك من إرث ذاك النظام. فإن كان ثمّة تواطؤ أو تآمر على العروبة، فالنظام العربي الرسمي بتنويعاته، وكذلك معارضات هذا النظام، يقفون في مقدمة المتآمرين والمتواطئين.

هوشنك أوسي – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫9 تعليقات

  1. في كل مقال ترتكبه على صفحات الجرائد ولا تكتبه نجد فيه الكثير من الجهل والمغالطة اما في ما ارتكبته وليس ما كتبته في هذا المقال فهويدل على جهلك الصارخ بتاريخ سورياوتحريضك الشوفيني الكاره لكل مكونات الامة وليس العرب وحدهم وانحيازك وتعصبك لجهة تنتمي اليها وقبل ان اضع بعض الملاحظات على ما ارتكبته في مقالك هذا اود ان اؤكد لك اني لست بعثيا ولا ناصريا ومؤمن بان الوطن لكل ابنائه بعيدا عن العرق والدين والطائفة
    اولا ان تسمية الجمهورية لم تكن على يد البعث الملعون وسيء الذكر والتاريخ بل ان هذه التسمية قام بها ما سمي بالانفصال بعد ان انفصلت سوريا عن الجمهورية العربية المتحدة
    ثانيا ان اكثر من عانى على يد البعث هم العرب وليس اي مكون آخر وان الاقليات الاخرى عاشت ايامها الذهبية على يد هذا النظام المجرم وتعزز نفوذ هذه الاقليات على يد حافظ اسد وساعدته تلك الاقليات علنا اما اذا كان هو قد غدر بهم فما ذنب العرب في ذلك
    ثالثا منذ ان اندلعت الثورة كان المستهدف الاول والاخير من قبل النظام هم العرب وبصورة خاصة السنة منهم
    رابعا اعلن الشعب السوري وبالتحديد اهل المدن العربية الكبرى كدمشق وحلب وحمص وحماة ودرعا ودير الزور الخ بصوت واضح ان الشعب السوري واحد ورفضت بعض الاقليات ذلك وانت وامثالك خير ما يقال عن ذلك
    خامسا تعالت اصوات بعض الاقليات وانت منهم الى انشاء كيانات تحمل اسماء عرقية ولعل ما يسمى روج افا خير دليل
    سادساوقفت الاحزاب العنصرية وفي مقدمتها البي كي كي الى جانب نظام البعث القاتل وقائده السفاح الذي تنتقده حضرتك ضد العرب وساهموا في قتل العرب وتشريدهم تحت مسميات كاذبة نعرفها جيدا وتعرفونها انتم
    سابعا ان اول من تقرب اليهم النظام القاتل بعد الثورة هم الاقليات واعلن انه حامي حماها ولعلك تذكر رشوته الشهيرة للاكراد بمنهحم الهوية السورية التي انا اؤمن انها حق لهم وليس لاحد ان يمنعها عنهم
    ثامنا تعالت اصوات كثيرة منكم وما زالت تتكلم بوقاحة عن الارض العربية ليست سوى الحزيرة العربية وهم يطالبون برحلينا جميعا اليها او طردنا بالقوة لاقامة دول عنصرية قومية اخرى بديلا عنها
    اخيرا ان وجد عنصري في سوريا ياتي في المقدمة اتباع صالح مسلم الذي وضع يده بيد النظام ومستعد ان يضع يده بيد الشيطان خدمة لمصالح عنصرية ولاقامة كيان عنصري في ما سماه روج افا
    اما العرب فهم يدعون لاقامة دولة سورية على كامل التراب السوري يعيش فيه الجميع بحقوق وواجبات كاملة وعن التسمية فيا سيدي ليس في ذلك مشكلة فان سميت السورية او العربية السورية ليس مهما بل المهم بقاء سوريا وعدم تمزقها بين عربستان وكردستان وعلويستان وداعشستان الى اخر التسميات التي يسعى اليها اعداء سوريا العنصريون من بعض القوميات والاديان والطوائف

  2. كردي عميحكي عن العروبة شو هالمسخرة ، يعني مثل كوهين عميحكي عن القضية الفلسطينية ، العروبة فكرة سامية تفتح الاسواق والافاق والتعاون اللامحدود بين نصف الكرة الارضية لو طبقت بشكل صحيح ولكنها لم تطبق لاسباب اما جهل من القيادات نفسها فلم نرى مثلاً طلاب مدارس مغاربة او جزائريين او موريتانيا هنا ، ولم نرى معاملات اقتصادية تفضيلية للمواطن العربي في البلدان العربية ، ولم نرى اتفقيات مشتركة للامن والدفاع مثل اوروبا اللهم الا اتفقية الاعفاء الجمركيبين الدول العربية وهي ممتازة بحد ذاتها ، فالفكرة سامية ولكن القيادات ليست على حجم التحدي بدون استثناء مروراً بالقيادة السورية احسن ما يصنفوني على احد ، خذ مثلاً السعودية يعاملون العربي مثل البنغلادشي بلائحة القوانين والجميع يطلق عليه شخص اجنبي

  3. لفائدة الكاتب
    لا يوجد شعب في العالم يكره الألمان كالشعب السويسري والسبب هتلر كان يريد احتلال سويسرا.
    والغلط
    ان يكتب الكاتب ان الأغلبية في سويسرا هم ألمان
    والاصح ان يكتب
    ان ٦٬ بالمائة من الشعب السويسري الذي يتحدث الألمانية
    لان نفس الشعب عنده لغة سويسرية خاصة به،
    ولكن تعلم اللغة الألمانية بالمدارس بالاضافة للفرنسية

    1. لا يوجد تاريخ مشترك بين ألمانيا وسويسرا و لكن هناك احترام متبادل وهذا مفقود بين المتحدثين بالعربية

    2. عندما تكون محترما وعندك تربية بيتية كافية
      فأنت محترم في اي مكان
      والكاتب استشهد بشكل غلط عندما ذكر ان سويسرا هم ألمان !!!
      مع انهم ليسوا كذلك!!!
      هل يمكن ان تقول عن كردي انه عربي لكونه يتحدث العربية!!!
      وكذلك السويسري يتحدث ألماني وليس بالماني

  4. يا سيد هوشنك سمي سوريا الجديدة بالجمهورية السورية وتكون دولة مدنية ببرلمان منتخب من كل الطوائف والاعراق مع المحافظة على هويتها الاسلامية (كون 88% من سكانها مسلمين ) وبكفلك ما حدا عندو مشكلة مع الاسم طالما سوريا تبقى موحدة متل ما بنعرفها!! سيبك من معارضة الفنادق شو بدك فيهن!! خلاف العرب السوريين مع الاكراد السوريين مو عالاسم.. وانما على الشعور الخاطئ يلي ما باعرف منين جبتوا انو حزب البعٹ ظلمكن وانصف العرب!! بحسبة بسيطة بس بيطلع معك حزب البعٹ قتل اكتر من 100 الف سوري عربي لحد عام 2011 عداك عن عشرات الوف المعتقلين يلي فقدوا اعمارهن بالسجن وطلعوا بعد عشرين سنة معطوبين وتص مجانين منيلي شافوا!! بحلبجة اقوى الروايات بتقول مات 20 الف كردي بالقصف الكيميائي قمتوا الدنيي عليهن وافلام وٹائقية وشكاوي على صدام بالامم المتحدة بالوقت يلي حماة لحالها راح فيه 35 الف قتيل ما حدا سمع فيهم لعام 2011 لما بلشوا بعض الصحفيين العرب والاجانب يفتحوا الملفات القديمة للنظام!!اكتر شي بيقتلني لما بيطلع واحد كردي بقلك ظلمتونا!! وهو نسيان او ما بيعرف اساسا انو قبل عام 1961 ما كان في مشكلة بين الكراد والعرب والدليل افتح غوغل رشوف كم رئيس ووزير لسوريا من اصل كردي قبل هالعام وصدقني رح تتفجا لما تعرف انو 3 رؤساء لسوريا كانوا اكراد!! وبعد ما اجا البعٹ المجرم ووقف تجنيس الاكراد بس كان الاجرام عالعرب اضعاف من الكراد والارقام شاهدة!! ولك العيلة يلي مافيها معتقل او قتيل بايد النظام فيها مهجر عالخليج او اوروبا او.امريكا( قصدي طبعا مايسمى بالمغترب يلي اجبرو النظام على اٹر السرقة وضعف الاقتصاد والبطالة انو يدور على مستقبلو خارج سوريا ليقدر يعيش!!) هي هي المشكلة الرئيسية لما بيطلع واحد بدو يلومك على شي انت عم تعاني منو اساسا لا وفوقها بقلك انت السبب وبعضهن بتوصل معو درجة.الغباء ( والحكي لواحد مفكر حالو دنماركي) انو يتهمك بدعم حزب البعث بسياستو ضد الاكراد وبيعمل حالو ما بيعرف انو بسوريا ازا بتفتح تمك بتختفي فورا!! عداك عن الافكار يلي شرحها صاحب اول تعليق مشكورا! ولما بتجي بدك تقلو لكردي تعال نعمل دولة مدنية سوا بقلك لا انت مو بلدك روح ارجع عاليمن!! شايف الغباء لوين!! ارض صرلي عايش عليها قلة مئات السنين ازا مو اكتر جايي يقلك انقلع منها!! وهو بالدنمارك بيفتخر بسياستهن واخلاقهن كشعوب متحضرة بعد 8 سنين اقامة فقط بتصير مواطن اصلي ولا كلب بيقدر يقلو انقلع!! المشكلة في نسبة من الاكراد مو هدفهن اقامة الدولة السورية الجديدة!! هدفهن تقليع السوريين العرب لبرا وتبديلهن باكراد واقامة دولة بيطلع معهن اسمها ميديا يمكن او.ما باعرف شو حيفكروا باسم الها!! هي هي المشكلة الحقيقية عدا عن هيك بوافقك تماما انو القومية العربية ارٹ مهترئ ومنتهي الصلاحية واساسا هو ظهر كرد على سياسةالتتريك من قبل الدولة العٹمانية على يد بعض المفكرين العرب المسيحيين بالمناسبة متل بطرس البستاني وفرح انطون وقسطنطين زريق ونجيب عازوري وكذا واحد من عيلة اليازجي ومنقول نسخة طبق الاصل عن التجربة الاوروبية بالقومية كونهن اتعلموا بمدارسهن وجامعاتهن واتاٹروا بها الفكر!! لهيك سيبك من فكرة عرب وكرد وبطيخ مبسمر وهات دولة.مدنية تكفل الحقوق بالتساوي لكل الاعراق والاديان متل سويسرا وبلجيكا او.امربكا يمكن بتطلع ازبط كمٹال وصدقني كل السوريين بايدوها وخاصة هلا بعد انهار الدم ودمار البلد!! غير عيك رح يكبر الخلاف بين العرب والكراد طالما هالاصرار على المشاعر المهترئة بظلم العرب الهن وفكرة ابعادهم برا سوريا!!

  5. هذا الكاتب من النوعية التنظيرية التي تكتب من برج عاجي من دون أن يكون لها احتكاك مباشر مع التغييرات التي جرت على واقع الشعوب المضطهدة في منطقتنا و على رأسها العرب السنة. لقد كانت القومية العربية كرابطة من اختراع الغرب و قام بتسويقها مثقفون تتلمذوا على أيدي مستشرقين من أجل تفكيك الأمة ، و لكن هذه القومية المصطنعة توفيت بعد هزيمة حرب حزيران 1967 و جرى تشييع جثمانها بعد اصطفاف الأنظمة العربية وراء أمريكا في حربها الأولى على العراق.
    لم تعد للأحزاب القومية و البعثية أية أوزان لدى الجماهير منذ فترة طويلة ، و سقط شعار البعث (أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة) عندما وقف حافظ الأسد “المفترض أنه بعثي” مع إيران ضد صدام “المفترض أنه بعثي” أثناء حرب العراق مع الفرس.
    على أن البعث في سوريا لم يكن له دور سوى في إخراج الناس من الدين و العادات و التقاليد من أجل تطويعهم للقبول بنظام ديكتاتوري أقلوي مستبد مرتبط بالاستعمار المصمم على بقاء أمتنا ضعيفة مستعبدة من دون حرية أو كرامة أو عدالة.

  6. في إحدى الجلسات العلمية بين الطلاب الذين كانوا يقومون ببحوثهم العلمية في ألمانيا وأستاذهم والتي شهدتها كواحد من الطلاب تبادل الجميع أطراف الحديث عن كل شيء قبل البدء بالامور العلمية وكان ذلك في أوائل السبعينات حيث كان هناك ألمانيا الغربية التي جرت بها الجلسة المذكورة وألمانيا الشرقية ومازلت أذكر حتى هذه اللحظة عندما سألنا البروفسور ما رأيكم أن ألمانيا ستتوحد من جديد ؟؟ دُهش الجميع من كلام البروفسور واعتبرناها مزحة بينما كان هو جادّاً في كلامه . ولم يمضي على كلامه سوى عقد ونصف تقريباً حتى تحطم جدار برلين عام 1989 ورجعت ألمانيا موحّدة . أيها السادة المتحاورون كان حلمنا عندما كنّا شباباً أقوى من حلم هذا البروفسور كانت قلوبنا ترتج شغفاً لوحدة عربية تمتد من المحيط إلى الخليج في دولة واحدة يسودها التطور العلمي والاقتصادي والاجتماعي والحرية والديموقراطية أي دولة على غرار الولايات المتحدة أو الاتحاد الاوربي الحالي وكان الراحل جمال عبد الناصر أقرب القادة ( نظرياً ) إلى هذه الفكرة بغض النظر عن الاسلوب الديكتاتوري والنهج السياسي والاخطاء التي ارتكبها والحرب الطاحنة التي خاضها مع أعدائه وخاصة الصهاينة منهم . هل تعتقد أيها السيد الكاتب أن دولة كهذه تصب في صالح الغرب أو الصهاينة ؟؟ فبدلاً من أن نكون سوقاً استهلاكية رائعة ومصدر للنفط الرخيص للغرب نصبح ندّاً قوياً ومنافساً له وبدلاً من أن نكون دولاً صغيرة مفتتة تجتاحها ويلات الحروب على حدود الدولة الصهيونية نكون دولة قوية ترتعد منها فرائصهم فلماذا لايحاربون هذه الفكرة بكل ما يملكون من قوة ؟؟ أما الان فالحديث عن الوحدة العربية فهو حديث خرافي فعلاً ( كما يقول الكاتب بأسلوبه الذي ينضح كراهية للعرب ) حيث يتبيّن أن القصة ليست قصة مؤامرة فقط بل العطل فينا فأين جوهر فكر الفرد الالماني من جوهر فكر الفرد العربي أو الكردي ؟؟ يا عزيزي الكاتب لو تحققت وحدة عربية كتلك التي نحلم بها فأنا أول من يتمنى أن يكون رئيسها كردياً إذا تمتع بالمؤهلات اللازمة فكف عن هذا النوع من زرع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد والذي فينا يكفينا .