مركز بحثي أمريكي يقدم مقترحات للحل في سوريا لرئيس أمريكا القادم : منطقة آمنة و 300 عسكري أمريكي و فيدرالية بوسنية

دعت دراسة نشرها مركز “بروكينغز للأبحاث” في واشنطن إلى تدخل عسكري أميركي أوسع في سورية لفرض وقف الحرب والتوصل إلى حل سياسي عبر إقامة كيانات فدرالية.

وتقترح الدراسة التي نشرت في إطار جهود المركز لتقديم مقترحات قد تساعد الرئيس الأميركي المقبل في التعامل مع التحديات التي تواجه الولايات المتحدة، وكتبها الباحث الأميركي، الخبير في شؤون الإرهاب والسياسة الخارجية، مايكل أوهانلن، عام 2015، على “سيد أو سيدة البيت الأبيض اعتماد استراتيجية عسكرية أميركية جديدة بعد فشل السياسات السابقة التي اعتمدتها إدارة الرئيس الميركي باراك أوباما خلال السنوات الخمس الماضية”.

وأوضح الباحث أنه مع فشل كافة المحاولات الدبلوماسية، وسقوط جميع اتفاقات وقف إطلاق النار الهشة، لا يوجد في الأفق حاليا نهاية محتملة للحرب في سورية”.

وأضاف “وهذا يعني استمرار معاناة الشعب السوري، وتفاقم أزمة اللاجئين، وازدياد المخاطر التي تهدد استقرار دول  المنطقة، فضلاً عن احتمالات تحول سورية إلى معقل للمتطرفين على الرغم من بداية انحسار مساحة المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في الأراضي السورية”.

وتقوم المقاربة الجديدة المقترحة تجاه سورية على تعزيز الدور العسكري الأميركي، والعمل وفق تصور واقعي للحل السياسي في المستقبل يأخذ في عين الاعتبار الوقائع الميدانية وخريطة القوى المسيطرة على الأرض. وتقترح سياسياً تطبيق النموذج الفدرالي الذي اعتمد في البوسنة. أما عسكريا فتقترح الاستفادة من الحملة العسكرية الأميركية على أفغانستان عام 2001- 2002، وتجربة القوات الأميركية في التعاون مع المليشيات الأفغانية التابعة لما كان يعرف بـ”تحالف الشمال”، ولاحقاً مع حكومة أفغانية انتقالية لملاحقة عناصر تنظيم القاعدة وحركة طالبان.

وأضاف الباحث أنه “على المدى القريب، وكخطوة أولى، يقدم الجيش الأميركي كافة المساعدات العسكرية واللوجستية لفصائل المعارضة السورية لإقامة مناطق آمنة في مناطق سيطرتها، لضمان عدم تهديد نظام الرئيس السوري بشار الأسد لتلك المناطق، ومنع طيرانه الحربي من التحليق في أجوائها. كما تتضمن نشر آلاف قليلة من الجنود الأميركيين على الأرض بالتنسيق مع القوات التركية والمليشيات الكردية وفصائل المعارضة السورية المعتدلة”.

وأضافت الدراسة أنه يمكن الانطلاق من المواقع التي تنتشر فيها حاليا الوحدات الأميركية الخاصة المؤلفة من 300 عسكري أميركي كانت قد أرسلتها الإدارة الحالية في إطار تنسيق الحرب على تنظيم “داعش”، قبل أن يجري العمل على إقامة شيء من التوازن على ما تسميه الورقة “سورية المفككة”، من خلال مفاوضات بين الأطراف برعاية دولية لتثبيت الأمر الواقع الذي فرضته حرب السنوات الخمس، من خلال إقامة كيانات فدرالية متعددة لها قواتها العسكرية الخاصة.

وتعتبر الدراسة أن هذه الإجراءات كفيلة بأن “تنحسر سيطرة نظام الأسد في مناطق العلويين والمسيحيين، وأن تسيطر فصائل المعارضة المعتدلة على مناطق الغالبية السنية. بينما تدير المليشيات الكردية المناطق التي تسيطر عليها حاليا، مع مراعاة الهواجس التركية بعدم تحول الكيان الكردي الفدرالي إلى دولة كردية تهدد الأمن القومي التركي”.

واعتبرت الخطة أن تنظيم “الدولة الإسلامية” في سورية قد لا يشكل خطرا ملحا على الأمن القومي الأميركي، لكن مخاطره كبيرة على الأمن في العراق وعلى مستقبل سورية نفسها، وكذلك على الاستقرار في لبنان والأردن.

وشددت على أنه “يمكنه أن يهدد أمن الأميركيين من خلال الهجمات الإرهابية التي تنفذها الذئاب المنفردة المتأثرة بدعايته في أوروبا والولايات المتحدة، أو من خلال عودة “الجهاديين” الغربيين من سورية إلى بلدانهم لتنفيذ هجمات هناك، على غرار هجمات أنقرة، وإسطنبول، وباريس، وبروكسل، وسان برناردينو، وأورلاندو”.

وأشارت الخطة إلى مخاوف فعلية من امتلاك “العناصر الإرهابية” أسلحة دمار شامل، وتقول إن وجود “جبهة فتح الشام” (النصرة سابقاً)، إلى جانب الفصائل السورية المعارضة، يضيف مزيدا من القلق.

وبشأن مصير نظام الأسد، قال أوهانلن إنه لا يعتقد أن إلحاق هزيمة متلاحقة بنظام الأسد أمر يساعد على إيجاد حل، وكذلك الأمر بالنسبة لتمكينه من تحقيق انتصار حاسم. وأضاف “مقاربتي تسعى لإيجاد حل للإشكالية التي تواجه الولايات المتحدة حول ما إذا كان من الواجب الإطاحة بنظام الأسد وإخلاء الساحة لداعش وبقية المتشددين، أو القبول بدور له في مستقبل سورية، على الرغم من الجرائم التي ارتكبها، وبالتالي الاختلاف مع حلفاء الولايات المتحدة الإقليميين الذين يسعون للإطاحة به”.

وخلص إلى أنه “من المؤكد أنه لن يكون للأسد والحلقة المحيطة به دور في مستقبل سورية الفدرالية، وسيقتصر نفوذهم على المناطق العلوية والمسيحية”.

ومن الملاحظات المنهجية على خطة “مركز بروكينغز” للحل في سورية أنها كُتبت قبل التدخل العسكري الروسي، وجرى تحديثها، أخيراً، أي أن الاقتراحات التي تقدمها تفترض حدا أدنى من التفاهم الأميركي الروسي في سورية.

وهو ما ناقضته تطورات الأيام الماضية، ومحاولة النظام وحلفائه الروس والإيرانيين تغيير الواقع الميداني شمالي سورية من خلال حرب الإبادة التي تشنها على مدينة حلب. (العربي الجديد)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها