منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية : نهج ألمانيا صائب في أزمة اللاجئين
أوضحت دراسة اقتصادية أن ألمانيا تعلمت الكثير من أخطاء الماضي في ما يتعلق بدمج اللاجئين في سوق العمل. وقال الخبير الألماني البارز في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا، توماس ليبيغ، خلال تقديمه خلاصة دراسة في هذا الشأن في برلين إن ألمانيا «انتهجت الطريق الصائب»، وتمكنت من الاستفادة من أزمة اللجوء «كفرصة لتحسين نظام دمج اللاجئين في شكل كبير». ولفت إلى أن «كل المساعي المبذولة لتوظيف اللاجئين في وقت مبكر قدر الإمكان، تمثل عاملاً مساعداً أيضاً لدمجهم في المجتمع الألماني».
واستندت الدراسة التي أُعدّت على المستوى الأوروبي من جانب المنظمة والمفوضية الأوروبيتين، إلى بيانات صدرت عام 2014. وذكر ليبيغ أن «إشارات كثيرة مسجلة يمكن عكسها على الوضع الحالي، بعد تدفق نحو مليون لاجئ إلى ألمانيا العام الماضي». وتابع أن ألمانيا «حققت أوجه تقدم كبيرة في تعليم اللغة التي تعد أمراً حاسماً في الاندماج بسوق العمل».
وفي مقارنة أجراها لفت إلى أن قبل سنتين «كان 40 في المئة فقط من اللاجئين يتحدثون الألمانية بعد عشرة أعوام على وصولهم إلى ألمانيا، وفقاً للمستوى اللغوي المتقدم «بي 1»، أما الآن فيجري بذل جهود منهجية لتقصير هذه المدة الزمنية نحو 60 في المئة خلال فترة وجيزة.
في المقابل، حذر وزير الداخلية الألماني توماس دو ميزيير من النظر إلى اللاجئين كـ «حلّ للتحديات الديموغرافية التـــي تواجهها ألمانيا». وقال في مؤتمر عن التطور السكاني عقد في برلين أخيـــراً إن استقبال لاجئين «لا يعد جزءاً أســـاسياً من تحقيق سياسة ديموغرافية ناشطــــة»، مضيفاً «نحن لا نستقبل لاجئين بهدف حلّ مشكلتنا السكانية، ولا توجد سياسة ديموغرافية تنشأ خلال الحروب أو اللجوء أو النزوح». ومع ذلك أكد «أن التطور المستقبلي للمجتمع يرتبط بمدى تحقيق نجاح في دمج اللاجئين الذين يبقون في بلادنا، لذا تُعد سياسة الدمج من دون شك سياسة سكانية أيضاً».
واعتبر دو ميزيير أن «من لديه استعداد للاندماج واهتمام بألمانيا واستعداد للعمل، لديه أيضاً كل الفرص المتاحة للاستفادة منها، على عكس الذين لا استعداد لديهم لذلك».
ورأى رئيس وكالة العمل الاتحادية في ألمانيا فرانك يورغن فايزه، استناداً إلى خبرته الطويلة في هذا المجال، أن دمج اللاجئين في سوق العمل «لن يكون مهمة سهلة، وتختلف وجهات النظر أيضاً حول القيمة المضافة التي يمكن توقعها بالنسبة إلى الاقتصاد الألماني بعد دمج اللاجئين». ويرأس فايزه منذ نصف سنة المكتب الاتحادي للهجرة وشؤون اللاجئين. وذكر نهاية الشهر الماضي أن «أمر الدمج سيستغرق فترة طويلة، وسيكلّف كثيراً أيضاً» بسبب الفترة الطويلة التي تتطلبها العملية المعقدة.
ولاحظ المسؤول الألماني أن «على رغم قدرة 70 في المئة من اللاجئين الذين وصلوا إلى ألمانيا على العمل، فإن الغالبية منهم ستُدرج على لائحة تأمين المعيشة لها أولاً، قبل إلحاق القسم الأكبر منها بسوق العمل حين تصبح قادرة على ذلك». وقال «أتى أيضاً أكاديميون لكن نسبتهم قليلة، وأنا أقدرهم بنحو 10 في المئة، كما لم يتلقَ نحو 40 في المئة من الوافدين تدريباً مهنياً، إلا أن لديهم خبرة عملية». وأكد «بذل قصارى جهدنا لإلحاق هؤلاء الأشخاص بسوق العمل بأقصى سرعة ممكنة».
أما رئيس معهد بحوث الاقتصاد «إيفو» في ميونيخ كليمنس فوست، فاعتبر في تصريحات، أن «لا معجزة اقتصادية ثانية من خلال اللاجئين، وثمة ضرورة لحذف التوقعات الكثيرة المتفائلة التي تم التداول بها العام الماضي». وشدد على ضرورة «عدم توقع الكثير من الوافدين حديثاً إلى ألمانيا، نظراً إلى النقص في التأهيل المهني والتعليم المدرسي لديهم».
وتشير دراسات منها واحدة للمعهد الألماني لبحوث الاقتصاد «دي إي في» في برلين، وأخرى لمعهد الاقتصاد الألماني في كولونيا وثالثة لمركز بحوث الاقتصاد الأوروبي «زد أي في» في مانهايم، إلى أن «تكاليف كل لاجئ ستتراوح بين 12 ألف يورو و20 ألفاً سنوياً، ويتفاوت هذا الرقم تبعاً لطريقة احتساب التكاليف».
وتوقع رئيس وكالة العمل فايزه «وصول 300 ألف شخص حداً أقصى من اللاجئين إلى ألمانيا هذه السنة، في حين أُعلن رسمياً عن وصول 260 ألفاً حتى نهاية الشهر الماضي». وأوضح أن «في حال وصول عدد أكبر، فسيشكل ذلك ضغطاً شديداً على مكتبي»، لكن استدرك قائلاً إنه «لا يشعر بقلق من سيناريو كهذا». (صحيفة الحياة)[ads3]