علاج جديد يمنح الأمل لمرضى فقر الدم المنجلي
يولد ما يقرب من 300 ألف طفل وهو يحمل شكلاً من أشكال مرض فقر الدم المنجلي كل عام، معظمهم في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ولكن أيضاً في أجزاء أخرى من العالم مثل منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط وجزر الهند الغربية ومنطقة الكاريبي.
وهو مرض ينتقل وراثياً، وتعجز أجسام المصابين بالفقر المنجلي عن إنتاج كريات دم حمراء طبيعية، وتنتج بدلاً من ذلك كريات حمراء مشوَّهة لا تعيش نفسَ المدة التي تعيشها الكريات الحمراء الطبيعية، وتعجز عن نقل الأوكسجين بكميات كافية، وهو ما قد يؤدي إلى التصاقها بالأوعية الدموية وظهور الأعراض الخطيرة.
ويمكن لفقر الدم المنجلي ان يهدد حياة المصاب به، لكن العلاج الطويل الأمد قد يعين المريض على التأقلم مع أعراض المرض. ويمكن أن يظهر المرض في الطفولة أو بشكل متأخر، ونوباته الشديدة، التي قد تستمر اسبوعاً، تعرض المريض إلى التهابات خطيرة. وأن تكسر الخلايا المنجلية بسرعة يسبب فقر الدم وضيق التنفس والآلام المبرحة وضعف المناعة وتأخر النمو والتهابات الجهاز التنفسي والسكتات الدماغية.
وبعد استخدام طريقة المقص الجيني في اعانة بعض المصابين بالزهايمر، ومصابين بضعف العضلات الوراثي، نجح فريق من العلماء الاميركيين في استخدام المقص الجيني لاصلاح الخلل في الحمض الخلوي الذي يسبب مرض فقر الدم المنجلي.
وكتب الباحث الاميركي مارك ديويت، من جامعة كاليفورنيا في بركلي، في مجلة “ساينس – ترانسيشونال ميديسن” انهم استخدموا المقص الجيني CRISPR/Cas9 بنجاح في ترميم الخلايا المنجلية. ونجحوا في ترميم العطب الجيني في الحمض النووي عن طريق استبداله بجزء آخر سليم.
والمهم في هذا المقص الجيني هو ان ديويت وفريق عمله نجحوا في جعل الجسم ينتج الكثير من الخلايا الحمراء السليمة التي تكفل للمريض حياة طويلة وصحة أكبر. وتسمى الطريقة بالمقص الجيني لأنها تقطع الأجزاء المعطوبة من الجينات وتلصق محلها أجزاء سليمة، فهي عملية ترميم معقدة وطويلة ودقيقة.
يحدث الخلل المؤدي إلى فقر الدم المنجلي في الخلايا الجذعية الأصلية المنتجة لكريات الدم الحمراء، ولذلك عمل ديويت وزملاؤه في المختبر، على إصلاح الخلايا الأصلية بواسطة المقص الجيني CRISPR/Cas9 وفعلاً نجح المقص في اقتطاع الأجزاء الجينية المعطوبة وإحلال أجزاء سليمة محلها.
وبعدها تمكن العلماء مختبرياً من تنفيذ طريقة المقص الجيني المذكورة على الخلايا الجذعية الأصلية المنتجة لكريات الدم الحمراء في جسم الإنسان. وكي يتمكنوا من ذلك عزلوا الخلايا الأصلية من نوع CD34+ من دماء المصابين بالفقر المنجلي، وهي الخلايا التي تحمل العطب الجيني المؤدي إلى منجلية الدم وتتوارثه. وعندما أضافوا جزيئات المقص الجيني إليها مختبرياً، قص CRISPR/Cas9 الأجزاء المعطوبة وأحل الأجزاء السليمة محلها في سلاسل الحمض النووي.
وذكر الباحثون الاميركيون انهم نجحوا، باستخدام المقص، في ترميم 25% من الجينات المعطوبة. لم تحدث أخطاء كثيرة في عملية القص واللصق، وانتجت الخلايا المرمّمة كريات دم حمراء بدلاً من خلايا الدم الشبيهة بالمنجل.
واعتبر مارك والترز، الذي شارك في فريق العمل من جامعة كاليفورنيا، نجاح الطريقة انجازاً مهماً في علاج فقر الدم المنجلي. وقال إن الطريقة تضمن، في الأقل، حياة أفضل وأطول بفضل المزيد من كريات الدم الحمراء السليمة.
وتبقى خطوة أخرى مهمة، برأي فالترز، إذ من الضروري أن يتقبل جسم المريض الخلايا الجذعية المرممة وأن تتكاثر هذه الخلايا هناك. ومن المهم جداً أن تستقر الخلايا المرممة في مكانها المخصص لها، وأن تواصل إنتاج الكريات الحمراء بدلاً من المناجل شبه الزرقاء(بسبب نقص الاوكسجين).
للتأكد من هذه النتائج، وقبل تجربتها على البشر، جرب العلماء الاميركيون مقص CRISPR/Cas9 على الفئران. وزرق ديويت الخلايا الجذعية البشرية المرممة والمولدة للكريات الحمراء في الفئران بعد تخفيفها بمحلول. وعملوا قبلها على خفض مناعة الفئران كي لاترفض الخلايا البشرية. وكانت النتيجة ان الخلايا الجذعية المرممة صمدت وواصلت إنتاج الكريات الحمراء طوال 16 أسبوعاً. كما كانت نسبة الكريات الحمراء في دمائها أكثر 5 مرات من المعتاد.
وبحسب ما اوردت صحيفة إيلاف ، يعتقد ديويت أن التجارب على البشر مازالت مبكرة، وانه لا مجال للمجازفة الآن. ويخطط لإجراء تجارب على عدد كبير من الفئران يجري خلالها تحسين تقنية المقص الجيني ورفع نسبة ترميمها عن 25%.
ويقدر الباحث الحاجة إلى خمس سنوات أخرى كي يبدأ التجارب السريرية على البشر. والمهم أيضاً، من وجهة نظر علماء كاليفورنيا، هو ان طريقة المقص الجيني يمكن أن تنجح مستقبلاً في معالجة أمراض الدم الوراثية الأخرى.
علماً أن المرض ينتشر أيضاً في السعودية، ويشير الموقع الصحي الإلكتروني في وزارة الحرس الوطني في المملكة إلى ما يلي: يكثر إنتشار هذا المرض في بعض مناطق المملكة العربية السعودية وخاصة المنطقتين الشرقية والجنوبية؛ إذ يحمل فرد واحد من بين خمسة أفراد العامل المورّث لهذا المرض، أي نسبة حاملي المرض قد تصل إلى نحو 20%”.[ads3]