رهان روسي – أميركي على ” عملية لوزان ” : مناقشة ملفات إقليمية و سورية بدءاً من حلب
يجري العمل على متابعة اجتماع لوزان بإرسال خبراء وموظفين من الدول المشاركة لبدء تنفيذ الخطوات المتفق عليها بينها سبل تنفيذ مبادرة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بإخراج عناصر «فتح الشام» (جبهة النصرة) من شرق حلب مقابل ادخال مساعدات انسانية على امل الوصول الى وقف شامل للنار في سورية واستئناف مفاوضات السلام في جنيف.
وبين تركيز ادارة الرئيس باراك اوباما في آخر ايامها على تحقيق انجاز ضد «داعش» وطرده من الموصل في العراق وإعطاء أنقرة اولوية لإقامة منطقة آمنة في شمال حلب ومنع ربط الأقاليم الكردية شمال سورية وشمالها الشرقي والانقسام الأوروبي ازاء كيفية التعاطي مع روسيا بسبب مشاركتها في قصف حلب، بدت «عملية لوزان» منصة عملية لإطلاق حوار دولي – اقليمي بأرجحية روسية لمناقشة الملف السوري بدءاً من حلب واحتمال ربطه بملفات اقليمية اخرى، اضافة الى توفير منصة متعددة الأطراف تسمح باستمرار الحوار الأميركي – الروسي بعد اعلان واشنطن تعليقه ثنائياً.
وأطلع وزير الخارجية الأميركي جون كيري عدداً من نظرائه الغربيين والإقليميين ذوي «التفكير المماثل» في لندن اول امس على نتائج اجتماع لوزان، حيث لوحظ مدى تركيز واشنطن على محاربة «داعش» وعدم القيام بأي خطوة تصعيدية في سورية ضد روسيا وفي العراق ضد ايران، ما ترك استمرار «عملية لوزان» خياراً وحيداً للبحث عن مخرج سوري. وشجع كيري نظيره البريطاني بوريس جونسون المدعوم من باريس على بحث معاقبة موسكو ودمشق من الاتحاد الأوروبي واستبعاد الخيار العسكري.
وقوبلت رغبة لندن وباريس بعقدتين: الأولى، قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وتراجع نفوذها داخله ما انعكس ايضاً على صلابة موقف فرنسا. الثانية، وجود انقسام داخلي اوروبي ازاء كيفية التعاطي مع النظام السوري ومع الكرملين بسبب تداخل ملفات اوروبية – روسية عدة. وبعد ظهور هذا الانقسام في اجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين في لوكسمبورغ امس، فإن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند يسعيان الى الحصول على «اجماع اوروبي» لفرض عقوبات على شخصيات روسية وسورية متورطة في قصف حلب.
في المقابل، تدفع موسكو حالياً لاعتبار «عملية لوزان» التي استبعدت لندن وباريس عنها، كي تكون منصة رئيسية. ووفق مشاركين في الاجتماع الوزاري السبت الماضي، فإن وزير الخارجية سيرغي لافروف كان يتحدث بطريقة واثقة من ان المطروح هو اما ان تستمر موسكو في خيارها وهو «نموذج غروزني» لحلب وخيارها السياسي لاحقاً بتوسيع الحكومة السورية او ان تقبل الأطراف الأخرى خياراتها بقبول الدول الإقليمية وأميركا «عزل المتشددين عن المعتدلين» والبدء بتنفيذ خطة دي ميستورا في حلب والعودة الى مفاوضات جنيف لإطلاق «عملية سياسية» بحيث يترك السوريون كي يقرروا ما يريدون من دون اي شروط مسبقة.
ولوحظ في الاجتماع، وفق مشاركين، وجود اجماع شفوي بين معظم المشاركين على اهمية إنقاذ حلب ووقف النار وإدخال مساعدات انسانية واستئناف مفاوضات جنيف، من دون ربط واضح لاستئناف المفاوضات بعد صمود وقف النار، اضافة الى ملاحظة اخرى من ان كيري كان يتحدث وكأن الانتخابات الرئاسية في الشهر المقبل ليست عاملاً او موعداً حاسماً. كما لوحظ دعم وزير الخارجية التركي مولود جاوويش اوغلو دعوات اخراح «فتح الشام» (النصرة) من شرق حلب، ما يعتقد بأنه مرتبط برغبة انقرة ضمان استمرار «الضوء الأخضر» الروسي لعملية «درع الفرات» لتحرير حوالى خمسة آلاف كيلومتر مربع من «داعش» والأكراد شمال سورية.
وأظهرت مناقشات لوزان الوزارية لأربع ساعات وجود تفاهم شفوي حول خمس نقاط ملموسة: تنفيذ خطة دي ميستورا لإخراج «فتح الشام» من حلب، وقف شامل للنار في سورية، تثبيت وجود القوات النظامية والمعارضة على الأرض من دون عمليات هجومية، ادخال مساعدات انسانية الى مناطق محاصرة، بدء فوري للعملية السياسية في جنيف.
وجرى الاتفاق على متابعة تنفيذ هذه المبادئ واختبار ملموس للتعهدات الكلامية عبر ارسال الدول المشاركة خبراء وموظفين كباراً الى جنيف لمناقشة تنفيذ الخطوة الأولى المتعلقة بإخراج «فتح الشام»، ذلك ان المناقشات كشفت وجود خلاف في شأن التقديرات بين قول دي ميستورا ان عددهم 900 وحديث دول اخرى عن 200 عنصر مقابل كلام روسي عن عدد كبير مع عدم التمييز بينهم وبين «احرار الشام» ذلك من اصل ما بين تسعة آلاف و12 الف مقاتل معارض شرق حلب.
وتضغط موسكو ودول اخرى كي تعقد جلسات تصاعدية للخبراء بين الحلفاء ثم بين «اصدقاء سورية» وروسيا للوصول الى الاتفاق على عدد محدد من المقاتلين الذين سيخرجون من شرق حلب مقابل ادخال مساعدات وإعلان وقف للنار يمكن تعميمه على كل سورية وإحياء وقف العمليات القتالية والاتفاق الأميركي – الروسي.
ابراهيم حميدي – الحياة[ads3]