هل ذاكرة ” الكلاب ” أقوى مما نتخيل ؟

تمكن العلماء أخيراً من التوصل إلى إجابة عن تساؤل يساور كل هواة تربية الكلاب وهو: هل تتذكر الحيوانات الأليفة الأشياء التي نقوم بها معاً؟

فيما يخص الإنسان فهناك اعتقاد بأن قدرة الاستدعاء بوعي لذكريات شخصية ما أو أحداث بعينها هو أمر مرتبط بالوعي الذاتي، الذي يرسم شكلاً للماضي وكيف نتخيل المستقبل.

واليوم رجحت دراسة علمية أن الكلاب تتمتع بنفس النمط من الذاكرة بما يشير إلى أن المواهب لدى الحيوانات الأخرى يمكن أن تكون أكثر شيوعاً مما هو معروف سابقاً.

ونقل موقع “ساينس ايه ايه ايه اس” الأميركي عن العالمة المتخصصة في دراسات الإدراك لدى الكلاب بكلية “بارنارد” بنيويورك، ألكسندرا هورويتز، والتي لم تشارك في البحث العلمي، قولها إن الدراسة “هي نهج إبداعي لمحاولة التقاط ما يدور في ذهن الكلب”.

ولعل تصور أن الحيوانات يمكنها عن وعي أن تتذكر الأشياء التي قامت أو مرت في الماضي مسألة مثيرة للجدل إلى حد كبير، لأنه يعتقد أن هذه الحيوانات ليست على وعي بنفسها.

ولكن العلماء تبينوا أن هناك أنواعاً من الطيور والحيوانات مثل طائر أبو زريق (المتواجد بالشمال الأميركي) وطائر الطنان والجرذان والغوريلا، تلك التي عليها أن تتذكر تسلسلاً للمعلومات المعقدة حفاظاً على بقائها على قيد الحياة، تتمتع بذاكرة تسلسلية. فطيور أبو زريق، على سبيل المثال، تتذكر ما هو الطعام الذي قامت بإخفائه، والمكان المخبأ به هذا الطعام، ومن ذا الذي كان يراقبها عندما فعلت ذلك.

ويعد هذا أمراً فطرياً يرتبط بغريزة البقاء في الحياة، ولكن ماذا بشأن الأمور التي لا تعد حتمية من أجل البقاء، أو الأفعال التي يقوم بها آخرون؟

للإجابة عن هذا السؤال ولاستكشاف ما إذا كانت الكلاب تستطيع أن تتذكر مثل هذه التفاصيل، فقد طلب العلماء من 17 من أصحاب الحيوانات الأليفة تعليمهم حيلة تسمى “افعل مثلما أفعل”. وبالفعل تعلمت الكلاب، على سبيل المثال، أنه بعد مشاهدة قفزة صاحبها في الهواء، أنها ينبغي أن تفعل الشيء نفسه عندما تؤمر أن “تفعل ذلك”.

وتوضح كلوديا فوغازا، اختصاصية السلوكيات في جامعة “ايوتفوز لوران “ببودابست والمؤلفة الرئيسية للدراسة، قائلة: “لكن هذا وحده لا يعد إثباتاً أنها تتمتع بذاكرة تسلسلية. إذ لابد من اختبارهم عندما لا يكون لديهم توقع لصدور تلك الأوامر”.

هذا وفي الجولة التالية من التدريب، قام أصحاب الكلاب بتدريب كلابهم على كيفية الاستلقاء على الأرض بعد مشاهدتهم يفعلون تصرفاً ما، مثل لمس مظلة مفتوحة أو الصعود على كرسي ولا يكون مطلوبا من الكلاب التقليد في نفس جلسة التدريب.

وبحسب قناة العربية ، تقول فوغازا “وبعد ذلك نفاجئهم” مرة أخرى، بعد قيام المربي بهذا التصرف، ولكن هذه المرة بعد أداء الكلب للمطلوب منه بالاستلقاء على الأرض، إذ يفاجأ بصاحبه يقول: “افعل مثلما أفعل”، فإذا بالكلب يجد أن عليه أن يتذكر ما كان المربي يقوم به، وعلى الرغم من أنه لم يكن يتوقع أنه في حاجة إلى تذكر ذلك الفعل.

وقد تم إجراء الاختبار على الكلاب بهذا الأسلوب مرة بعد دقيقة واحدة ومرة أخرى بعد ساعة واحدة من مشاهدة قيام أصحابها بتلك الأفعال.

ونجحت الكلاب في 33 من أصل 35 محاولة. ويشير ذلك إلى أن الكلاب لديها شيء من قبيل الذاكرة التسلسلية، وفقاً لتقرير نشرته فوغازا وفريقها، وهو المنشور بدورية “كارانت بيولوجي”. ولكن كلما طالت فترة انتظار الكلاب، زاد الجهد المبذول لتذكر الحدث.

ويقول الباحثون إنهم يتشابهون في هذه الحالة مع الذاكرة العرضية للإنسان، والتي تتلاشى بمعدل أسرع عندما لا تكون هناك نية لحفظ حدث ما. فعلى سبيل المثال، تتذكر الزوجة تفاصيل المرة الأولى التي التقت فيها زوجها أكثر من أحد الأحاديث التي جرت مع زوجها منذ أسبوع مضى.

ويتفق براين هير، وهو خبير الإدراك لدى الكلاب في جامعة “ديوك” في درهام بولاية نورث كارولينا، والذي لم يشارك في الدراسة مع ما جاء بها معقباً: “إنها تثبت أن لدينا كلابا تتذكر الأحداث مثلما نقوم بها، و(إنهم) بهذا الكشف يضربون عرض الحائط بالنظريات القديمة التي توصل لها معظم العلماء بشأن تشخيص ذاكرة الحيوانات”، فقد ثبت بالبرهان أن “ذاكرة الكلاب بكل بساطة لا تعتمد على التكرار والمكافأة فقط”.

اكتشاف أن هذا النوع من الذاكرة لا يقتصر على البشر فقط يعني أنه “لم يتطور في القرود فحسب، بل إنها مهارة أكثر انتشارا في المملكة الحيوانية”، على حد قول فوغازا.

وختاما، من المتوقع أن تشمل نتائج الدراسة كلا من الببغاوات والدلافين والحيتان القاتلة التي أصابها الدور بالفعل، حيث بدأ باحثون آخرون في تطبيق حيلة “افعل مثلما أفعل” على بعض منها على الأرجح، فإنها تتذكر أكثر مما نعتقد.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها