” أبو الغربان ” .. تركي يتفاءل برعاية يتامى طائر الشؤم !

“أبو الغربان”، لقب أطلقه زملاء التركي “شرف يامان” عليه لولعه وشغفه بتربية طيور الغراب اليتامى، وغيرهم ممن يحتاجون إلى الرعاية.

يامان، البالغ من العمر 58 عاماً، يعمل في إصلاح وبيع الأدوات الكهربائية في منطقة أوسكودار بمدينة إسطنبول التركية، ويتميز بعشقه لطائر الغراب الذي يعتبره السواد الأعظم من الشعب التركي رمزاً لـ “الشؤم والسوداوية”.

وعلى خلاف الغالبية، فإن يمان لا يهتم بتربية طيور الكناري أو الببغاء أو الحمام، بل يولي اهتمامه لتربية الغراب، وذلك لذكائه الحاد.

وبحسب ما اوردت وكالة الأناضول ، يقوم “يامان” برعاية الغربان اليتامى، ويقدم لهم كافة احتياجاتهم ويداويهم إن كانوا مجروحين، ثمّ يتركهم ليكملوا حياتهم في الطبيعة بعد أن يؤهّلهم ويمكّنهم من الاعتماد على أنفسهم في تأمين مستلزمات حياتهم.

يقول يامان إنه يعمل في إصلاح الأدوات الكهربائية منذ أكثر من 45 عاماً، وعشقه للغراب بدأ عندما صادف يوماً شخصاً كان يشتري قطعاً من اللحم ليضع السم فيه لغراب أكل بيض حماماته.

ويضيف: “بعد أن صادفت ذلك الرجل الذي اشترى قطعاً من اللحم بهدف تسميم الغراب وقتله، رأيت صغير ذلك الغراب، وهو يحوم حول جثّة أمه، فأخذته ووضعته على سطح دكاني آملاً في أن يجده أبوه ويتبنّاه ويرعى شؤونه”.

وتابع “يامان” قائلاً: “وعند المساء رأيت الغراب الصغير في المكان الذي تركته صباحاً وهو يعاني من الجوع والعطش، وعندما رآني رفرف بجناحيه وبدأ يتقدّم نحوي، ولم أتمكن أمام هذا الوضع سوى وضعه داخل الدكان وبدأت بالاهتمام به”.

ويمضي قائلاً: ومع مرور الأيام اعتاد هذا الطير مصاحبتي وبدأ يفعل ما أقول، وعندما أقول له تعال يأتيني وعندما أطلب منه الذهاب يبتعد عني، وهكذا بدأ حبي لطائر الغراب.

وأوضح يامان أنّه كان يكره الغربان في صغره، وأنّ مشاعره تجاه هذا النوع من الطيور تغيرت عقب الحادثة التي ذكرها، معرباً عن استعداده للعناية بكافة الغربان، ومن هنا أطلق عليه الزملاء لقب “أبو الغربان” لشدة اهتمامه وحبه لهم.

ولفت “يامان” أنّ الغراب الصغير اليتيم ظلّ يرافقه لمدة 3 أعوام متتالية وأنّ شهرة الغراب زادت مع استمرار الأيام، إلى أن تقدّمت إحدى شركات الانتاج السينمائي بعرض لاستئجار الغراب للاستفادة منه في تصوير فلم سينمائي.

وأوضح “يامان” أنّ مسؤولي شركة الإنتاج أبلغوه بأنّ المقاطع، التي سيظهر فيها الغراب، سيتم تصويرها في ولايات وان و دياربكر وتتوان التركية، وأنه قدّم لهم الغراب بشرط إعادته بعد انتهاء التصوير.

واستطرد قائلاً: “بعد مضي 25 يوماً على ذهابهم إلى ولاية دياربكر اتصلت بهم لاطمئن على حال الغراب، وأخبروني بأنّه فارق الحياة، عندها طلبت منهم تصويره وإرسال صورته عن طريق الهاتف، فلم يرسلوا لي الصورة، وبكيت مع زوجتي لأيام عدّة على رحيل غرابنا، وكنا نربّي طير القعقع مع الغراب، وعندما رحل الغراب تخلّى طير القعقع عنّا وهاجرنا”.

وعقب نفوق غرابه بوقت قصير، أصيب “يامان” بمرض سرطان الرئة، مشيراً إلى أن زملائه بدؤوا بجلب طيور الغراب المحتاجة للرعاية والعناية إليه طوال فترة علاجه، وتابع عمله في تربية الغراب فور تماثله للشفاء من مرض السرطان.

وقال “يامان”، في هذا الخصوص،: “فور انتهائي من مرحلة العلاج واستعادة عافيتي بدأت بالبحث عن طيور الغراب اليتيمة، وصادفت صغيراً وقع من عشه، فأتيت به إلى الدكان وأطلقت عليه اسم “بونجوق – يعني خرزة بالتركية”.

وأكّد يامان أنّ الصغير أصيب بشلل في قدميه نتيجة سقوطه من العش، فأخذه إلى طبيب بيطري لعلاجه، آملاً أن يستعيد قدرة الحركة والوقوف على قدميه.

وأفاد أنه سيترك بونجوق إلى عالمه الطبيعي عقب تماثله للشفاء، مبيناً أنّ كافة أنواع الطيور لا تحب البقاء في الأقفاص وترغب في أن تطير بطلاقة ودون قيود.

وفي ختام حديثه قال يامان: “دخلت في سجال كلامي مع أحد جيراننا لأنه نعت طائر الغراب بالشؤم، فقلت له بأنّ الشؤم في وجهك أنت، فهذا طائر خلقه الله وما من كائن خلقه الله يمكن أن يُنعت بالشؤم”، فالله لم يخلق ما يدعو للتشاؤم، وكلها مخلوقات تدعو للتفاؤل.

ويعود أصل التشاؤم من طائر الغراب إلى قصة الشقيقين قابيل وهابيل، فحينما قتل قابيل هابيل، ظهر الغراب ليعلمه كيف يواري سَوءة أخيه حيث كان الغراب يدفن غرابًا آخر فارقته الروح، لهذا كان الغراب رمزًا للموت والدفن.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها