” المغناطيس ” .. جديد العلماء لاستعادة الذاكرة
قد تقرأ رقـم هاتف معيناً، ثم تبادر على الفور إلى الهاتف لطلب ذلك الرقم، ولكن بعـد مرور عشر دقائق هل تظل متذكراً لذلك الرقم؟ ، لا يزال يستعصي على العلماء فهم نوع المعلومات التي يختزنها العقل، والطريقة التي يحفظ بها العقل تلك المعلومات لتكون متاحة للاستخدام.
إلا أن دراسة جديدة قد بدأت تلقي الأضواء على هذا الموضوع، إذ تقول الدراسة إن هناك ذكريات معينة قد يظن الإنسان أنها أصبحت طي النسيان، إلا أنه يـمكن استرجاعها باستخدام المغناطيس.
وقد كان الاعتقاد السائد بالماضي أن “ذاكرتنا النشطة” التي يمكنها أن تحتفظ لفترة قصيرة بمعلومات مهمة، كرقم هاتف مثلا، كانت تحتاج للقيام بنشاط دائم يمكنها من الحفاظ على تلك المعلومات.
خلفية #الذاكرة
ولكن دراسة جديدة، قام بها الباحثون في جامعة ويسكنسون – ماديسون، قد بينت أن المخ يقوم بطي المعلومات الأقل أهمية ليحتفظ بها في خلفية الذاكرة، بعيداً عن متناول الآليات التي تقوم عادة بدور الرقيب على أنشطة المخ. وقد أمكن لهؤلاء الباحثين استرجاع تلك المعلومات إلى الذاكرة الواعية باستخدام المغناطيس.
ويمكن لهذا العمل المساعدة في علاج الأشخاص الذين يعانون من الفصام أو الاكتئاب، وذلك من خلال التوصل إلى طرق جديدة للسيطرة على أفكارهم.
ويقول “براد بوسيل”، أستاذ علم النفس بجامعة ويسكنسون – ماديسون، “إن قدرا كبيرا من المرض النفسي إنما يرتبط بعدم قدرة المرء على اختيار الأمور التي يفكر فيها”.
ويقول بوسيل: “إننا بصدد خطوات أولى تجاه النظر في الميكانيزمات التي تتيح لنا السيطرة على الموضوعات التي تدور بالذهن”.
وصرح إلى موقع “ميل أون لاين” بأن كثيراً من الأمراض النفسية ترتبط باضطرابات في الأفكار”.
الاكتئاب والفصام
وعلى سبيل المثال، فإن الاكتئاب الناتج عن التمسك بأفكار سلبية والفصام المصحوب بهلاوس، والذي يبلغ مبلغ الظن بوجود إشارات لضجيج في المخ، وهي أمور يمكن للأشخاص الأصحاء تجاهلها. ومن ثم فإنه يمكن للمرء أن يتخيل أن تلك الدراسة الحالية قد تسهم في تحسين الفهم لقدرة الناس على السيطرة على أفكارهم، كما أن من المحتمل أن تؤدي لتدخلات تساعد ذوي الفكر المضطرب على السيطرة بطريقة أفضل على أفكارهم.
ووفق ما نقلت قناة العربية ، يضيف البروفيسير بوسيل أن معظم الناس يشعرون بقدرتهم على التركيز على قدر أكبر من المعلومات، التي يمكن بالفعل أن تعيها ذاكرتهم النشطة”.
وفي الحقيقة فإن الرأي القائل بأنك تكون على بينة من كل شيء طوال الوقت إنما هو مجرد وهم يصطنعه وعيك.
الكلمات والوجوه والحركات
وينطبق هذا أيضا على التفكير، فإنه يكون لديك الانطباع بأنك تفكر في قدر كبير من الأمور في وقت واحد، وأنك تحتفظ في ذهنك بكافة تلك الأمور، ولكن الكثير من الأبحاث “تبين لنا أنك من المحتمل ألا تكون محتفظاً بها فعلياً، أو تكون واعياً في أية لحظة إلا بالقدر اليسير من تلك الأمور”.
ولقد أجرى الباحثون سلسلة من التجارب، التي طلبوا فيها من الناس تذكر بندين يمثل كل واحد منهما نوعاً مختلفاً من المعلومات، مستخدمين الكلمات والوجوه واتجاهات الحركة.
وعندما أعطى الباحثون الأشخاص، محل البحث، قرينة عن نمط السؤال الذي كان في طريقه إليهم، فقد اختفى النشاط الكهربي وتدفق الدم في المخ المرتبط بذاكرة الكلمة.
ولكن إذا قدمت قرينة ثانية لتجعل الأشخاص موضع الاختبار يعرفون أنهم سوف يكونون الآن عرضة للسؤال عن تلك الكلمة، فإن نشاط المخ قد يسارع بالعودة إلى مستوى يدل على أن تلك الكلمة كانت في بؤرة الانتباه.
التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة
وتمكن الباحثون أيضا من استعادة الذاكرة لبنود كان قد يظن ظاهرياً أنها مهجورة، وذلك من دون إتاحة قرائن للأشخاص موضع اختبارهم، وذلك باستخدام تقنية تسمى التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة.
قام الباحثون بتطبيق مجال كهرومغناطيسي مركز على جزء محدد من المخ، كان مسئولاً عن تخزين تلك الكلمة، ثم أمكن لهم استثارة نوع من نشاط المخ يمثل الانتباه المركز. ويقول البروفيسير بوسيل: “إن الناس كانوا دائما ما يظنون أن الخلايا العصبية من الممكن أن تظل منطلقة للحفاظ على شيء ما في الذاكرة. وإن معظم نماذج المخ تفترض ذلك”.
وتابع “ولكننا نراقب الناس وهم يتذكرون الأشياء بدقة تامة، دون إظهار أي من الأنشطة التي من شأنها أن تأتي مع إطلاق الخلايا العصبية. وحقيقة أنك قادر على تذكر تلك الأشياء كلها في هذا المثال تثبت أنها لم تكن قد ضاعت، ولكن كل ما في الأمر أننا لم نكن نستطيع رؤية أي دليل على الاحتفاظ بها نشطة في المخ”.
ولكن ليست كل الذكريات مخزنة في هذه المساحة، ولا يزال هناك حاجة لقيام الباحثين بمزيد من التجارب والأبحاث حول ما يحتفظ به المخ وما ينسى.
“أما الشيء الذي ما زلنا نجهله هنا”، كما يقول البروفيسير بوسيل، “فيتمثل في الكيفية التي يحدد بها المخ ما يمكن أن ينسى، وما الذي يمكنك من أن تسترجع الأشياء على المدى القصير، إذا كنت في حاجة إليها، منوهاً إلى أنهم (فريق الباحثين) يحرزون قدراً مثيراً للاهتمام من التقدم في البحوث التي تعتبر أساسية للغاية”.
وأضاف “ولكنك تستطيع أن تضع تصوراً للنقطة التي يمكن لهذا العمل أن يساعد الناس في السيطرة على انتباههم، واختيار ما يفكرون فيه، وإدارة أو التغلب على بعض المشكلات الخطيرة المرتبطة بنقص التحكم”.[ads3]