لقاء مع البروفيسور السوري الألماني المثير للجدل ” بسام طيبي ” : معظم السوريين معادون للسامية .. و لديهم نظام قيم يتنافى مع الحداثة

التقت صحيفة “بالسر تسايتونغ” السويسرية مع البروفيسور السوري في مجال العلوم السياسية “بسام طيبي” الذي يعيش في ألمانيا منذ 54 عاماً.

فيما يلي نص الحوار الذي قام عكس السير بترجمته :

المحاور: سيد طيبي، أنت من سوريا ووطنك الثاني ألمانيا استقبل مئات الآلاف من بلدك (سوريا) ألا يعطيك هذا شعوراً بالسعادة؟

بسام طيبي: أنا أستقل سيارة أجرة لأنني لا أملك سيارة، أجمل شيء عندما يستقل المرء سيارات الأجرة أنه يلتقي ألماناً من أصول تركية وألماناً من أصول إيرانية، وهم يفكرون مثلي تماماً، لقد نجحنا هنا في البحث عن العمل والحرية والسلام، الـ 1.5 مليون لاجئ يحدثون اضطرابات وقلاقل في هذا المجتمع، نحن الألمان من أصل أجنبي خائفون على اندماجنا الذي عملنا عليه، المجتمع الألماني يصنف دائماً بالنازي أو بالناس اللطفاء، وهما جانبين لعملة واحدة، أخشى أن يتحول الناس الطيبون إلى نازيين غداً.

المحاور: لماذا يتحولون إلى نازيين ؟ لأنهم يتحملون أكثر من طاقتهم ؟

بسام طيبي : نعم

المحاور: كنت معادياً للسامية عندما جئت إلى ألمانيا، أليس كذلك ؟

بسام طيبي : لقد ولدت في دمشق وعشت هناك حتى سن 18، في المدرسة وفي وسائل الإعلام سمعت كل يوم أن اليهود هم المتآمرين وهم أعداء العرب، ثم جلبت هذا الحقد الذي تعلمته معي إلى ألمانيا ليس لأنني بسام طيبي، ولكن لأنني نشأت في هذه الثقافة العربية المعادية للسامية، معظم السوريين معادون للسامية.

المحاور: كيف تغلبت على معاداة السامية؟

بسام طيبي : كنت محظوظاً بما فيه الكفاية انني تعلمت من اثنين من الفلاسفة اليهود الكبار في فرانكفورت وهم ماكس هوركهايمر وتيودور أدورنو، غير أدورنو حياتي و شفاني من معاداتي للسامية، بعد قرائتي لأدورنو تغيرت نظرتي عن اليهود وكنت أول السوريين الذين سافروا إلى إسرائيل وأعلن علناً حق الشعب اليهودي في إسرائيل، وبالتالي اعتبروني في سوريا خائناً.

المحاور: هل تتحدث العربية مع اللاجئين السوريين والعرب وتلتقيهم في الشارع ؟

بسام طيبي : نعم أتحدث معهم وأحصل على معلومات لا يحصل عليها الألمان لأن السوريين يتحدثون معي من دون تكلف وهو أمر مختلف عندما يتحدثون مع السلطات.

المحاور: ماذا تعرف عن أفكارهم و توقعاتهم حول ألمانيا؟

بسام طيبي : سأعطيك مثالين لتعرف كيف يفكرون، لقد التقيت فلسطينياً عاش في دمشق وهو الآن يعيش في مدينة غوتنغن، طلب لجوئه يسير ببطء شديد والسبب كما يعرف الجميع هو أن السلطات الألمانية مثقلة بطلبات اللجوء.

قال لي: “إن اليهود هم السبب في تأخير طلب لجوئي”، ثم سألته: “وما علاقة اليهود بإجراءات اللجوء الألمانية”، فقال لي: ” ألا ترى، هنا في غوتنغن يوجد شارع لليهود يعيشون هناك ويحكمون المدينة”، لقد حاولت التحدث بعقلانية معه ولكن بلا فائدة، مثال آخر : أعرف لاجئاً سورياً لديه أربعة أطفال ولا يتكلم اللغة الألمانية، أراد أن يحصل على سيارة من الدولة و لكن طلبه رفض، قال لي: ” اليهود هم السبب في ذلك”.

المحاور: الألماني المولود هنا لا يمكنه تحدث العربية مثلك، لماذا تريد أن يتذمر الألمان أكثر حول آلية ثقافتك (السورية). كيف يكون هذا ممكناً ؟

بسام طيبي : لقد عشت لفترة في أمريكا، كان يعيش هناك شبان مسلمون في بوسطن ونيويورك وواشنطن ولديهم خليط من الخوف والاحترام عندما يرون شرطياً، يعرف المرء هناك أنه قد يذهب إلى السجن عندما يتواقح مع الشرطي، على السلطات الألمانية أن تضع حداً للأجانب الذين يتصرفون بازدراء ضد الدولة، ولكن هذا لا يحدث لأن الدول يتملكها الخوف من الاتهام بالعنصرية.

المحاور: لقد ساعدت وسائل الإعلام في إبراز امتنان اللاجئين للضيافة الألمانية، ما رأيك ؟

بسام طيبي : نحن نعيش في عالم تسوده العولمة، يرى الناس بالفعل في بلدانهم كيف أن ألمانيا لديها شقق كبيرة ونساء شقراوات، كنت في القاهرة وهناك من لديه شقة مؤلفة من غرفتين يعد غنياً، هناك التقيت رجلا يريد الزواج في هذه الشقة ولكن والد الفتاة يريد إثباتاً من الرجل أن لديه بالفعل شقة مؤلفة من غرفتين، هنا في غوتنغن أعرف شاباً عربياً يبلغ من العمر 16 عاماً ولديه أيضاً شقة مؤلفة من غرفتين، وهذا الشاب يريد الحصول على سيارة عندما يبلغ الـ 18، وعلى الرغم من كل هذا يشتكي أن المساعدات الاجتماعية في ألمانيا غير كافية.

المحاور: لهذا السبب لديك خيبة الأمل من القادمين الجدد ؟

بسام طيبي : نعم، حتى السوري الذي حصل على صورة سيلفي مع ميركل منذ فترة وأصبحت صورته مشهورة، ظهر منذ أسابيع قليلة على شاشة التلفزيون وأعلن عن خيبته بسبب ميركل، يريد الحصول على عمل ويريد دخلاً مضموناً وشقة، سوف نرى صراعات اجتماعية كبيرة هنا.

المحاور: كيف يمكنك أن تكون متأكداً لهذه الدرجة؟

بسام طيبي : لأن هؤلاء اللاجئين لديهم نظام قيم يتنافى مع الحداثة، قال لي كثير من السوريين: “إن الألمان ليس لديهم شرف، لأن زوجاتهم تنام مع الجميع”، وقال أحدهم لي: “لا أسمح لأحد أن ينام مع زوجتي وابنتي وابنة عمي لأنهم شرفي”.

المحاور: ماذا يعني ذلك عندما يتعامل اللاجئون مع النساء الألمانيات؟

بسام طيبي : لقد شهدنا ليلة رأس السنة الجديدة ما حدث في مدينة كولونيا، مئات من الشباب المسلمين تعاملوا مع المرأة على أنها صيد حلال.

المحاور: هؤلاء الرجال يعرفون أنهم يرتكبون جريمة عندما يتحرشون بالنساء، هل يعتقدون أن المرأة الألمانية ليست سوى عاهرة يمكن التحرش بها ؟

بسام طيبي : نعم يعرفون أن هذا أمر يحظره القانون و لكنهم يعتقدون أيضا أن النساء الألمانيات فاسقات، الشرطة الألمانية تتعامل بخوف مع اللاجئين لأنهم يخشون أن يتهموا بالعنصرية ولذلك فإن العديد من الوافدين الجدد لا يأخذون الألمان على محمل الجد.

المحاور: هل يمكننا القول ببساطة أن اللاجئين الذين لا يحصلون على سيارة وشقة ينتقمون من الألمان عبر التحرش بزوجاتهم ؟

بسام طيبي : اغتصاب النساء يعد سلاحاً في الحرب في سوريا وهذا ما تفعله كل الأطراف المتحاربة هناك، ليس كل اللاجئين الذين يأتون إلى هنا ضحايا، إذا لم يحصل مثل هؤلاء الرجال على ما يتوقعون، فيصبحون غاضبين، في الثقافة السورية يريد المرء إذلال الناس لأنهم أثاروا جنونه، في المشرق، يذل الرجل زوجته عبر الاغتصاب، تخميني هو أن ما قام به هؤلاء الرجال المسلمين في كولونيا أرادوا به إذلال النساء، الأمر الذي يعني إذلال الرجال الألمان ولهذا المرأة هي الأداة اللازمة لذلك.

المحاور: قلت سابقاً أن أحداث كولونيا هي فقط البداية، لماذا تنظر بسلبية إلى المستقبل؟

بسام طيبي : إذا نجحت الدولة الألمانية في إدماج اللاجئين، فلن يكون هناك أية مشاكل، ولكن لا أرى أي مفهوم للاندماج ولا حتى سياسة هجرة، إني أرى الفوضى فقط.

المحاور: لماذا لدى الألمان مشكلة في إيصال قيمهم؟

بسام طيبي : أحييك على هذا السؤال! أثناء زيارتي إلى أمريكا كان كل المهاجرين المسلمين يقولون باعتزاز: أنا أميركي، حتى كل أصدقائي الأتراك في الولايات المتحدة قالوا ذلك! في أحد المرات عقدت محاضرة في قاعدة عسكرية أمريكية حول الإسلام ورأيت الضباط الأمريكيين الذين ولدوا في السودان وتركيا وسوريا كيف غنوا النشيد الوطني مفعمين بالحب لبلدهم وكيف كانت الدموع تنهمر تحت العلم الامريكي، “إن الاندماج يعني الشعور بالانتماء” مرة قال لي أحد المذيعين : “ألا تخجل أنك سوري؟”، قلت له “لا أخجل، ولكن أريد أن أكون ألمانياً”.

المحاور: لكنك ألماني!

بسام طيبي : أنا أحمل الجنسية الألمانية ولكني لست ألمانياً، أنا سوري يحمل جواز سفر ألماني، في ألمانيا يوجد تمييز بين مواطن يحمل الجنسية الألمانية وبين الألمان.

المحاور: أنت أتيت من سوريا والآن تحمل الجنسية الألمانية وتقدم إنجازات مهمة لألمانيا، أليس وجود أشخاص مثلك يعطي الأمل بنجاح اندماج اللاجئين الجدد ؟

بسام طيبي : أنت تقول أني قدمت انجازات مهمة و هذا ليس صحيحاً ! أصبحت أستاذاً جامعياً في غوتنغن في سن الـ 28، وكان هذا نهاية مسيرتي في ألمانيا، انجازاتي بنيتها في أمريكا، لم أشهد أبداً ثقافة الترحيب في ألمانيا والسبب الوحيد الذي جعلني أبقى هنا هو عائلتي الألمانية وهي لا تريد الانتقال إلى أمريكا.

المحاور : هل تظن ان اندماج المسلمين في ألمانيا صعب للغاية؟

بسام طيبي : دعونا نواجه الأمر، إن اندماج الأشخاص الهندوسيين أو البوذيين أسهل من إدماج المسلمين، إن الحديث أن الاندماج السيء للمسلمين ليس لا علاقة لها بالإسلام هو كلام هراء، ما لم يتم إصلاح الإسلام سوف يجد المسلمون صعوبات في الاندماج.

“بسام طيبي : بروفيسور سوري (مواليد دمشق 1944) في مجال العلوم السياسية مقيم في ألمانيا منذ عام 1962، وأصبح مواطناً ألمانياً في عام 1976”.[ads3]