تطوير ” رغوة حية ” لترميم أنسجة الإنسان و عظامه

تتعرّض بعض أنسجة الجسم، ولاسيما العظام والجلد، إلى أضرار يصعب ترميمها، وتترك ندوبًا، كما هي الحال في الكسور المعقدة والحروق ، لذلك يعمل العلماء الألمان على تطوير”رغوة حية” يمكن أن ترمّم الأنسجة المتضررة، بل وأن تحلّ محلها إن أمكن، في محاولة لتجنيب البشر ما يلحق بهم من تلف نسيجي يصعب ترميمه.

ويفترض أن تكون هذه الرغوة الحية عبارة عن محلول من الخلايا الشبيهة تمامًا بالخلايا الحية المتضررة وتأخذ مكانها، ولديها القدرة على الالتحام مع بقية الأنسجة الحية غير المتضررة.

ووفق ما اوردت صحيفة إيلاف ، ذكر البروفيسور أندرياس يانزهوف، المنسّق العام لمشروع “الرغوة الحية” (LivingFoams)، أن الغرض من المشروع هو تطوير رغوة حية تنسجم مع بنية الأنسجة التالفة، بل وتعوّض عنها ، وأضاف يانزهوغ، وهو رئيس معهد الكيمياء الفيزيائية في جامعة غوتنغن الألمانية، أن الرغوة عبارة عن “حجرات” شبيهة جدًا بالخلايا يمكنها أن تؤدّي وظائف عدة، تمتد بين تعويض الأنسجة المتضررة والمساعدة على ترميمها.

ومن ضمن خطط العلماء في مشروع الرغوة الحية، بحسب البروفيسور إيبرهارد بودنشاتس، إنتاج رغوة حية من “ليبوسومات كبيرة” جدًا، تحل محل المادة العظمية المهشمة، وتساعد على تسريع عملية اندمال الجروح وترميم العظام، كما تقلل خطر الالتهابات بالجراثيم. أضاف بودنشاتس، وهو رئيس معهد ماكس بلانك الألماني للديناميكيا والتنظيم الذاتي، إنهم يعتمدون على تقنية الرغوة الحية مستقبلًا في التخلص من استخدام البراغي والحديد في ترميم كسور العظام المعقدة.

اما الليبوسومات فهي عبارة عن جسيمات دهنية ناقلة للمواد تستخدم في الصيدلة منذ سنوات في نقل العقاقير المختلفة إلى داخل العضو المريض. وسبق لجامعة زيورخ أن طوّرت ليبوسومات كروية تعمل العكس، بمعنى أنها تصطاد الأجسام الغريبة في الجسم وتفرزها إلى الخارج. كما استخدمت الليبوسوموات في الأعوام السابقة بنجاح في صيد الجراثيم من الدم، وفي تخليص الجسم من جزيئات المخدرات القاتلة.

ويأتي مشروع “الرغوة الحية” ضمن مبادرة “الحياة” التي أطلقها معهد فولكس واغن في العام 2015، ويرمي إلى إيجاد صلة وظيفية بين المادة الحية والمواد الصناعية شبه الحية. تشارك في المشروع جامعتا غوتنغن وهايدلبيرغ، إضافة إلى معد ماكس بلانك. انطلق المشروع في الأول من يناير 2017، وخصصت له شركة فولكس فاغن مبلغ 1.5 مليون يورو، تغطي فترة خمس سنوات.

وبعد نجاح العلماء الأميركيين في إنتاج صمغ خارق للأشياء من بكتيريا كولوباكتر كريسنتس، جاء دور الباحثين الألمان ليعلنوا عن استخلاص صمغ للصق الأنسجة البشرية والعظام من الأصداف الشوكية البحرية. وكتب العلماء في النسخة الألمانية من مجلة “جيو” أن الصمغ الجديد سيحدث ثورة في عالم الطب والجراحة، وأن عصر الإبر والخيوط الجراحية يقترب من نهايته.

وقضى العلماء من جامعتي روستوك وغرايفسفالد (كلاهما شرق) 20 سنة في البحث عن لاصق مدهش يمكن استخلاصه من الكائنات البحرية الصغيرة. ووجدوا ضالتهم في مادة تستخدمها القواقع الشوكية للالتصاق على السطوح الصخرية في الأعماق. وتتكون المادة من نوعين من البروتين، يكوّنان معًا سر اللاصق الخارق.

كما كتبت الباحثة أولريكة لينكويست أيضًا أنه تم تجريب المادة بنجاح على الحيوانات، وأثبتت قدرتها على لصق أعمق الجروح. وينتظر، في المرحلة الثانية من التجارب، أن تجري تجربتها على الإنسان.

ويقدر الباحثون وجود نحو 6000 مادة مستخلصة من الكائنات البحرية الصغيرة تستخدم في الطب على المستوى العالمي، وتم اكتشاف 300 منها في الجامعتين الألمانيتين من ولاية ميكلنبورغ-فوربومرن الشرقية. وتحدثت لينكويستن عن اعتقادها بوجود نصف مليون كائن بحري صغير يعيش في الأعماق، ولم يستكشف بعد.

وكانت ليندكويست وزملاؤها قد استخلصوا مادة لاصقة من الأشنات البحرية تتمتع بمقاومة فريدة للفطريات والسوسة التي تصيب الخشب. وفي حين أبدت شركة هايتلاند الألمانية اهتمامها بحيازة براءة اختراع الصمغ المستخلص من الأشنات، عبّرت شركة بارخم الألمانية عن رغبتها في استخدام لاصق الأنسجة البشرية لإنتاج مواد جميلية ضد تقدم سنّ البشرة ولمعالجة القروح.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها