ابتكار يحفظ أعضاء الإنسان الحيوية سنة كاملة
تولت شركة “ترانس مديسن” الأميركية إنتاج صندوق لحفظ القلب صممه خبراء مركز القلب الألماني في باد اوينهاوزن، حيث حقق رقمًا قياسيًا في فترة حفظ الاعضاء الحيوية المتبرع بها في صندوق، يضمن حياتها فترة 12 ساعة قبل زرعها.
ومن المتعارف عليه أنه قبل هذه التقنية، لم تكن مدة حفظ الأعضاء الحيوية تزيد على 4 ساعات. والسبب هو أن خلايا العضو المتبرع به تضعف وظيفيًا بمرور الوقت ، وتزيد تطوير تقنيات حفظ الأعضاء الحيوية حظوظ المحتاجين إلى زراعة الأعضاء، خصوصًا حينما يكون المتبرع على مسافة بعيدة.
وتثير تقنية حفظ الأعضاء الحيوية فترة سنة، الكثير من الاسئلة حول إمكانية استخدامها لتجميد بشر كاملين فترات طويلة، ثم ايقاظهم مجددًا كما في أفلام الخيال العلمي.
وكتب علماء من جامعة مينيسوتا الأميركية في مجلة “ترانسيشونال ميديسن” انهم أجروا تجاربهم المخبرية على أنسجة حيوانية حيوية ونجحوا في تجميدها بتقنية خاصة فترة طويلة، ثم تذويبها واستخدامها في أنسجة حيوية أخرى. وأكدوا أن الطريقة لم تؤثر سلبًا في حيوية النسيج المجمد ولم تكشف عن مضاعفات. ومن الواضح أن العلماء ما زالوا في طور التجارب الأولى على أنسجة حيوانية، وربما سيحتاجون إلى سنوات أخرى لبلوغ مرحلة التطبيق على أعضاء البشر الحيوية.
وذكر نافيد مانوشهربادي، من جامعة مينيسوتا، أن تقنيات حفظ وتجميد الأعضاء الحيوية تعاني مشكلتين أساسيتين ونجح فريق عمله في تجاوزهما. الأولى هي في عملية التجميد (التزجيج) المستخدمة منذ سنوات والتي تعتمد على سحب الماء من الخلايا واستبداله بمادة تحفظ من الصقيع بهدف منع الماء من التحول إلى بلوريات تضرّ بالنسيج الحيوي. وهذه الطريقة تستخدم أيضًا في تجميد البويضات لأغراض الحمل. الثانية، وهي الأهم، هي مشكلة تذويب النسيج أو العضو الحيوي بعد تجميده، إذ ينبغي أن يتم ذلك بسرعة كبيرة كي لا يلحق أي ضرر بالنسيج، وهنا حقق علماء مينسوتا نجاحًا محدودًا.
كما استخدم مانوشهربادي وزملاؤه طريقة الزجيج في عملية التجميد ثم استخدموا كريات منمنمة من أوكسيد الحديد في عملية التذويب، إذ تمكنوا من تدفئة كريات الحديد بسرعة عالية وبشكل متساو بواسطة حقل كهرومغناطيسي خارجي، من دون أن يلحقوا أضرارًا بالنسيج.
وتمكن فريق العلماء الاميركيين من تسخين الكريات من 100إلى 200 درجة مئوية خلال دقيقة واحدة باستخدام حقل الحث المغناطيسي، وقالوا إن الطريقة اذابت النسيج الحيوي المجمد في فترة قياسية أسرع من 10 إلى 100 مرة من طرق التذويب المستخدمة حتى الآن.
وأجرى الباحثون تجاربهم على أنسجة من مساحة 1-50 ملم من جلد، وشرائح من شرايين، ومن صمام قلب خنزير. وكتبوا انهم لم يرصدوا أي تغييرات حيوية على الأنسجة بعد عمليتي التجميد والتذويب. والمهم انهم تمكنوا بعد ذلك من “غسل” الأنسجة المستخدمة في التجارب من الكريات الحديدية المنمنة بالكامل، ولم تتخلف أية كريات في النسيج.
وذكر جون بيشوب، أحد أعضاء فريق العمل، أن عليهم الآن “الإرتقاء إلى مستوى أعلى”، ويقصد إجراء التجارب على أعضاء حيوية كاملة. فحجم هذه الاعضاء الحيوية يتطلب تطوير تقنيات تسخين الكريات المنمنمة بشكل متساو على مساحة واسعة، وتحسين طريقة غسل أنسجة العضو من الكريات، بعد التذويب، بما يضمن عدم بقاء كريات يمكن أن تضر العضو المعني.
وقدر كيلفن بروكبانك، من فريق العمل، الحاجة من 7 إلى 10 سنوات لتطوير التقنية بما يخدم حفظ وتجميد أعضاء حيوية كاملة. وأشار إلى أن فترة حفظ القلوب لا تزيد على أربع ساعات، وفترة حفظ الكبد والبنكرياس لا تزيد على 12 ساعة، وفترة حفظ الكلى لا تزيد على 36 ساعة بحسب ما نقلت صحيفة إيلاف ، وتشير دراسة أميركية إلى أن نسبة 60 في المئة من القلوب والرئات المتبرع بها تذهب إلى القمامة بسبب عدم القدرة على ايصالها إلى المتلقي في الوقت المناسب.
قدر فريق العمل إمكانية استخدام هذه الكريات الحديدية المنمنمة في قتل الخلايا السرطانية بعد تسخينها من الخارج إلى درجة حرارة تزيد على 100 درجة مئوية. لكنهم قدروا أيضًا الحاجة إلى وقت طويل لتطوير التقنية وجعل الكريات تتخلل الأنسجة السرطانية فقط، من دون أن تتخلل إلى الأنسجة السليمة.
البروفيسور يان غومرت، المختص في زراعة القلب من جامعة بوخوم الألمانية، قال لمجلة “الطبيب الألماني” إن ألمانيا تعاني مشكلة أخرى: قلة المتبرعين. يقع على المريض أن ينتظر سنوات إلى أن يحل دوره في الحصول على قلب للزراعة، على الرغم من وجود بنك للأعضاء الحيوية. وأضاف أن التجميد بطريقة جامعة مينيسوتا سينفع البشرية حينما يكون هناك فائض من الأعضاء الحيوية المتبرع بها.
قدر غوميرت الحاجة إلى 10 سنوات أخرى من البحث لحين استكمال طريقة التذويب عن طريق تسخين الكريات المنمنمة، لكنه امتدح الطريقة وقال إنه يتوقع لتقنية الكريات النانوية أن تدخل في فروع الطب الأخرى بقوة.
الجدير بالذكر أن مركز القلب الألماني في باد أوينهاوزن نجح في زراعة قلب تم نقله أول مرة في العالم بواسطة صندوق جديد يحافظ على القلب وهو ينبض طوال 12 ساعة.
ويمكن بواسطة الصندوق الجديد هذا زيادة فرصة نقل القلب المستأصل من المتبرع وزرعه في صدر المتلقي خلال 12 ساعة. وتتيح تقنية الزرع الجديدة – يطلق عليها اسم نظام حفظ الأعضاء الحيوية Organ Care System – إمكانية كبيرة للاستفادة من الحوادث وزيادة فرص زراعة القلب للمحتاجين.
وينتظر أن يضاعف صندوق الحفظ عدد عمليات زراعة القلب في ألمانيا حيث من المعروف أنه تتم سنويًا زراعة 400 قلب جديد فقط بسبب محدودية فترة الحفظ في الصناديق التقليدية. ويموت تقريبا العدد نفسه سنويًا بسبب قصور عدد المتبرعين أو عدم كفاية وقت الحفظ لإيصال القلب إلى المتلقي.[ads3]