مع غياب قانون للانتخابات في لبنان .. تحذيرات من ” نظام سياسي جديد “

قال مصدر سياسي لبناني رفيع المستوى إن لبنان يعيش أزمة جراء عدم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات، وحذر من إن بعض القوى في لبنان تريد الذهاب إلى “مؤتمر تأسيسي” يعيد صياغة الواقع السياسي، مستبعدا صدور قانون قبل منتصف الشهر الجاري، على خلاف ما صرح به رئيس مجلس النواب، نبيه بري، بشأن إمكانية صدور قانون في هذا التوقيت.

وحتى الآن تعجز القوى السياسية عن الاتفاق على قانون جديد تُجري على أساسه الانتخابات البرلمانية، المفترضة في ربيع ٢٠١٧ (مايو/ أيار)، بعد تأجيلها مرتين متتاليتين منذ ٢٠١٣، لا سيما وأن الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، يرفض أي تمديد جديد للمجلس.

وقال المصدر السياسي المطلع، الذي طلب عدم نشر اسمه، للأناضول: “نحن في أزمة مستمرة، وحتى الآن ليس هناك أي قانون انتخابي يرضي الجميع، وإصرار البعض (لم يرغب في تسميتهم) على قانون انتخابي قائم على النسبية ولبنان دائرة واحدة هدفه هو حصول فراغ في المجلس النيابي، ثم الذهاب إلى مؤتمر تأسيسي” تبحث فيه القوى السياسية عن نظام جديد لحكم البلد.

وينص اتفاق الطائف، الموقع بين الفرقاء اللبنانيين عام 1989، والذي أنهى حربا أهلية امتدت 15 عاما، على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية وفق قانون يراعي قواعد العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين ويؤمن صحة التمثيل لجميع فئات الشعب اللبناني. ولم يحدد الاتفاق طبيعة هذا القانون.

وختم المصدر اللبناني بأن “الكل يعتقد أن ظروفه ستتحسن بناء على معطيات قادمة، وهذه مرحلة انتظار، فكل الأطراف بانتظار ظروف جديدة تؤدي إلى تسويات أفضل بالنسبة لكل طرف”.

** تأجيل لشهور

من جهته، أعرب النائب البرلماني، الخبير الدستوري، روبير غانم، عن أمله أن “يتم الاتفاق قريبا على قانون جديد للانتخابات”.

لكن غانم، وفي تصريح للأناضول، استبعد ذلك “خصوصا إذا كان القانون الجديد قائما على النظام النسبي.. لا يجوز وضع قانون انتخابي يقصي أي مكون من مكونات البلد، وهذا أمر صعب التوصل إليه في الوقت المحدد”.

وتوقع أن “يتم التأجيل أشهر قليلة ريثما يتم التوصل إلى قانون جديد، وهنا أتمنى أن يكون التأجيل، في حال حصل، تأجيلا تقنيا وليس تأجيلا للبحث عن قانون جديد، خصوصا وأن النظام النسبي يحتاج إلى وقت لتنفيذه وليفهمه الناس.. يعين (تأجيل لـ) قرابة ثلاثة أو أربعة أشهر، وبالتالي تكون الانتخابات بحلول سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/ تشرين أول ٢٠١٧، بدلا من ربيع ٢٠١٧”.

واعتبر النائب غانم أنه “لا يمكن الآن الحسم بموضوع نتائج الانتخابات النيابية، وما يمكن أن تفرزه صناديق الاقتراع من تغير في البرلمان أو حجم الكتل النيابية بعد الانتخابات؛ فذلك مرتبط بشكل الدوائر”.

ومضى قائلا: “لكن إذا اعتُمدت الدوائر الوسطى (أكبر من قضاء وأصغر من محافظة.. والمحافظة تتألف من أقضية) فالتغيير لن يكون سوى بنسبة 30% لصالح مرشحين غير حزبيين، باستثناء حزبين هما حزب الله وحركة أمل، والذين لن يتأثرا بهذا التغيير بسبب حجم التأييد لهما، أمّا في حال تمّ اعتماد لبنان كدائرة واحدة وفق القانون النسبي، فعندها يفوز حزب الله وحلفائه بالأكثرية النيابية”.

ووفق النائب والخبير الدستوري اللبناني فإن “القانون الانتخابي الأمثل في هذا الظرف هو القانون المختلط (نسبي وأكثري).. هو الخطوة الأولى في الطريق إلى إصدار قانون يعكس التمثيل الأفضل في المستقبل”.

وفيما ترتفع الأصوات المطالبة بتغيير قانون “الستين” الحالي، الذي يعود إلى 1960، يتحدث البعض عن اعتماد النسبية، ويصر آخرون على الإبقاء على القانون الأكثري.

وفي قانون النسبية يتم توزيع المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية على القوائم المختلفة بحسب نسبة الأصوات التي حصلت عليها في الانتخابات، بينما في قانون الأكثرية يحصل الفائز بأغلبية الأصوات في دائرة انتخابية ما على كل مقاعد تلك الدائرة.

** قانون بسيط

وبحسب الخبير الدستوري، الدكتور بول مرقص، “لم يعد هناك من مجال للقوانين المعقدة أو المركبة، لكن المطلوب أن نذهب إلى قانون بسيط، يعني الأكثري وفق الدوائر الصغرى (كل دائرة مؤلفة من قضاء)، أو دائرة فردية (one person one vote)؛ فخلاف ذلك، مثل القوانين المختلطة أو المركبة، لم تعد تأتلف مع المدة القصيرة المتبقية لموعد الانتخابات أو حتى للتأجيل التقني الطفيف”.

واعتبر مرقص، في حديث مع الأناضول، أن “هذا القانون البسيط هو الأقرب إلى العدالة التمثيلية والأسرع تطبيقا”.

ومضى الخبير الدستوري اللبناني قائلا: “لكن القانون المثالي، لو كان هناك متسع من الوقت، هو بنظري القانون الذي يعتمد النظام النسبي، لكن المدروس على الواقع اللبناني وليس المُسقط على لبنان إسقاطا، وغير المؤتلف مع الواقع، كالنظام النسبي على أساس لبنان دائرة واحدة، أو النظام النسبي مع معايير مختلفة بين دائرة ودائرة، وبالتالي المطلوب اعتماد النظام النسبي وارساؤه على الواقع اللبناني وعلى نحو دستوري”.

وكان لبنان عانى فراغا رئاسيا دام 29 شهرا؛ جراء خلافات بين الفرقاء السياسيين المنتمين إما إلى فريق “14 آذار”، بزعامة “تيار المستقبل”، المدعوم من السعودية، أو فريق “8 آذار”، بقيادة “”حزب الله”، المدعوم من إيران.

وانتهى هذا الفراغ بانتخاب مجلس النواب عون، المدعوم من فريق “8 آذار”، رئيسا للجمهورية، يوم 31 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، ضمن صفقة برلمانية قادت إلى تكليف زعيم “تيار المستقبل”، سعد الحريري، بتشكيل الحكومة الحالية. (ANADOLU)[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها