العقاب ينتظر المسؤولين عن الهجوم الكيماوي في سورية

إنّ الرعب والموت هما مصير الأطفال السوريين في ظل نظام بشار الأسد. ففي 4 نيسان (أبريل) الجاري، أقلعت طائرتان من قاعدة الشعيرات الجوية التابعة للنظام الذي تدعمه روسيا. ومن المرجّح أنهما قصفتا بالغازات المميتة عدداً كبيراً من المدنيين في مدينة خان شيخون. أما نتيجة هذا القصف ففظيعة، لدرجة يصعب وصفها. عذاب طويل ومؤلم عاناه الأطفال الرضّع والنساء وكبار السن. قتلى بالعشرات. مئات الجرحى سيحملون إلى الأبد جروح هذا الهجوم. إنه لأمر مخزٍ للنظام السوري والجهات المساندة له. إنه لأمر مخزٍ للعالم. حتى متى سنتمكّن من تحمّل كلّ هذه الفظائع؟

نحن نأسف بشدة لعدم تمكّن مجلس الأمن في 12 الشهر الجاري من إظهار وحدته. فقد اقترحنا مع الولايات المتحدة قراراً يدين هذا الهجوم الكيماوي ويؤكد الدعم المحايد لفريق التحقيق الميداني التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وكان هذا القرار بسيطاً ومتوازناً، غير أن روسيا استخدمت حق النقض للمرة الثامنة منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011. وأرفقت هذا النقض بسلسلة من الادعاءات الكاذبة سعت من خلالها إلى إثارة الشكوك حول مسؤولية النظام.

بالفعل، لقد شهدنا سابقاً على هذه السلسلة من الأكاذيب المشينة. لم نعد نستطيع القبول بها. عندما يتم قتل الأطفال بالغازات السامة، لا يمكننا أن نقبل الأكاذيب الدنيئة. دعونا نوضّح الأمور.

لقد حلل علماء بريطانيون عينات أخذت من ضحايا الهجوم وأظهرت نتيجة التحاليل وجود مادة السارين أو مادة مشتقة منها فيها. واستناداً إلى تحليلنا، فقد كانت طائرتان سوريتان سريعتان على مقربة من مدينة خان شيخون والمناطق المتأثرة المحيطة بها. إننا نعتقد أن النظام السوري وحده قادر على القيام بهجوم مماثل. ومن المرجح أن يكون نظام بشار الأسد هو من نفذ هذا الهجوم. أمّا ادعاءات روسيا القائلة أنه تم استهداف مخزونات المعارضة فلا تتناسب مع الوقائع.

للنظام السوري تاريخ طويل من الرعب. وقد وثقت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة وجميع المنظمات غير الحكومية الرئيسة أدلة كثيرة عن استخدام النظام القصف والتعذيب والإعدامات الجماعية بصورة منتظمة.
ولاستخدام النظام السوري الأسلحة الكيماوية تاريخ طويل. فقد وثقت آلية التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية وتحديد المسؤولين الخاصة بالأمم المتحدة في التقريرين الصادرين في آب (أغسطس) وتشرين الأول (أكتوبر) 2016 حالات عدة استخدم فيها النظام السوري المواد الكيماوية ضد المدنيين بعد الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية في عام 2013. ونسبت آلية التحقيق ثلاثة من هذه الاعتداءات إلى النظام السوري استناداً إلى أدلة «كافية» واعتداءً واحداً إلى تنظيم «داعش».

ولا يجوز أن يثير إنكار النظام الإعجاب، إذ صرّح بشار الأسد بأنّ الإرهابيين هم من نفذوا هذا الاعتداء، ولكنّه يزعم في الوقت نفسه عدم امتلاكه براميل متفجرّة وعدم قيامه بأي هجمات ضد المدنيين أو بأعمال التعذيب «لأن ذلك غير منطقيّ». كيف يدّعي النظام أنه لا يمتلك براميل متفجّرة، وصور هذه البراميل منشورة في كلّ مكان؟ وكيف يدّعي عدم قيامه بهجمات ضد المدنيين، ومخيّمات اللاجئين في تركيا مليئة بضحايا هذه الهجمات؟ وكيف يدّعي عدم قيامه بأعمال التعذيب، وقد وجدت منظمة العفو الدولية أنّه تمّ ذبح 13 ألف شخص في سجن صيدنايا وحده؟

أجل، يا سيادة الأسد. إنّ ذلك غير منطقي. وإنما هو القياس المنطقي القاتل الخاص بكم. إنّكم تؤكدون أن مخزوناتكم قد دمرت تماماً، تحت إشراف منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. ولكن، من أين تأتي بعد ذلك الأسلحة الكيماوية التي استخدمت مؤخراً؟ وقد أثبتت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في شكل واضح أن تصريحات سورية في شأن مخزونات الأسلحة الكيماوية قد اتسمت بأوجه قصور وتناقضات خطيرة. ينبغي لنا أن نجري مزيداً من التحقيق في هذا الشأن.

وقد سعت كل من روسيا وإيران باستمرار إلى توفير الغطاء للنظام السوري. وقد رحبت الدولتان بآلية التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية وتحديد المسؤولين، وهي آلية مشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة، عندما بيّنت استخدام تنظيم «داعش» الأسلحة الكيماوية، ولكن روسيا وإيران تنصلتا من آلية التحقيق عندما قدمت أدلة دامغة ضد النظام السوري. وفي عام 2014، أعاقت روسيا مثول سورية أمام المحكمة الجنائية الدولية.

إنّ على المجتمع الدولي واجباً أخلاقياً يتمثل في المضي قدماً. فمن مسؤوليتنا دعم نظام عدم الانتشار والحظر الصارم للأسلحة الكيماوية. ومن مسؤوليتنا ضمان محاسبة منفذي هذه الاعتداءات الكيماوية. إنه أمر ضروري من أجل تحقيق السلام والأمن الدوليين.

وباسم المجتمع الدولي، ستجري بعثة تقصي الحقائق التابعة لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية تحقيقاً في شأن هذا الهجوم. وبعد ذلك، ستقوم آلية التحقيق في استخدام الأسلحة الكيماوية وتحديد المسؤولين، المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة، بتحديد الجهة المسؤولة عن هذا الهجوم. إننا نثق تماماً في هذه العملية ونقدم لها دعمنا التام. لن يكون هناك أيّ إفلات من العقاب.

وما هي الخطوة التالية؟ إنّ السوريين يعانون ومجلس الأمن منقسم، وعليه، فهو غير قادر على وضع حدّ لمعاناتهم. ينبغي لنا أن نتّحد من جديد. ينبغي لنا أن نواجه هذه الأزمة الرهيبة التي تقوّض القيم الأساسية الإنسانية. ولا بدّ لنا أن نبدأ بوقف إطلاق النار الذي يجب تنفيذه ومراقبته دولياً وتعزيزه. وهكذا، سنضمن عدم حدوث أي هجوم مماثل آخر. وبموازاة ذلك، علينا إعادة تنشيط العملية السياسية من طريق إشراك جميع الجهات الفاعلة الرئيسة من أجل تنفيذ عملية الانتقال السياسي بموجب القرار 2254، وهي عملية من شأنها المساعدة على تجنّب المجازر والمضي قدماً نحو الاستقرار الإقليمي الضروري إذا أردنا أن نهزم الإرهاب على المدى الطويل.

مقال لوزيري خارجية بريطانيا و فرنسا (بوريس جونسون وجان مارك إرو) – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. إذا الرد على جرائم النظام سيكون بوقف إطلاق النار وإعادة تنشيط العملية السياسية مع انشاء لجان تحقيق كسابقاتها ، هذا ما يختتم به مقال وزيري حارجية فرنسا وبريطانيا
    إنه لرد قوي مجلجل سيدفع بشار الأسد وأعوانه على الهروب أو الإنتحار ، يا له من رد مرعب بالفعل ، أبشركم يا أيها الثكالي واليتامي وأهالي الضحايا فالرد المجلجل قد اقترب

  2. لا يخفى على وزيري خارجية بريطانيا و فرنسا أن الرئيس الحيوان هو محرد حذاء أمريكي . لديه و لدى جيشه الخائب و مخابراته الدنيئة و حثالات المليشيات التي أتت لدعمه سجلات حافلة بالجرائم الفظيعة ، و لكن هؤلاء كانوا و لا يزالون تحت دعم قائدة الإرهاب في العالم . الوزيران ليس لديهم الجرأة لقول ذلك ، و بالتالي لا يوجد قيمة لطرحهما.
    الخروج من النفق المظلم في سوريا لن يكون عن طريق ما يسمى مجلس الأمن ، الذي من الواضح أن فيه لعبة تقاسم الأدوار و بطريقة المراهقة السياسية : “نتقدم بقرار يدين و يشجب و يطلب التحقيق و تحميل المسؤولية ثم المعاقبة و أنتم تضعون الفيتو و كأن شيئاً لم يكن” . كانت و لا تزال القوى الاستعمارية تهدف إلى قهر الشعوب و استعبادها ، و المجلس أحد أدوات هذا القهر فهو لم يمنح أمناً و لا أماناً لأي شعب ضد جلاديه.