خطوات خليجية متسارعة نحو تطبيق ضريبة القيمة المضافة
قال خبراء ومحللون اقتصاديون للأناضول، إن دول الخليج بدأت في اتخاذ خطواتها المتسارعة باتجاه ضريبة القيمة المضافة المقرر تطبيقها في مطلع 2018 بنسبة 5%، لا سيما بعد إقرار لوائح الاتفاقية الموحدة للضريبة.
وأقرت دول مجلس التعاون الخليجي الست هذا الأسبوع، لوائح وأنظمة الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة وضريبة السلع الانتقائية.
وتضم الدول الخليجية – التي تعتمد بشكل كبير علي عائدات النفط في تمويل إيرادات موازناتها – كلا من السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان.
وضريبة القيمة المضافة غير مباشرة، يدفعها المستهلك وتفرض على الفارق بين سعر الشراء من المصنع وسعر البيع للمستهلك.
واستثنت اللوائح النفط ومشتقاته، إضافة إلى الغاز من ضريبة القيمة المضافة، وذلك وفقاً للشروط والضوابط التي تحددها كل دولة خليجية.
وبحسب اللوائح التي نشرتها صحيفة أم القرى (الجريدة الرسمية السعودية)، شملت الاتفاقية مجموعة من الاعفاءات، ومنها الإعفاءات الدبلوماسية، والعسكرية، واستيراد الأمتعة الشخصية والأدوات المنزلية المستعملة التي يجلبها المواطنون المقيمون في الخارج والأجانب القادمون للإقامة لأول مرة، ومستلزمات الجمعيات الخيرية.
وتضمنت اللوائح، حق الدول الخليجية في إخضاع أو إعفاء أربعة قطاعات من فرض الضريبة المضافة فيها وهي: التعليم والصحة والقطاع العقاري والنقل المحلي.
وتم تفويض لجنة التعاون المالي والاقتصادي بمجلس التعاون الخليجي في استكمال جميع المتطلبات اللازمة لإقرار الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة.
توجه مهم
قال الخبير الاقتصادي وضاح ألطه (عراقي مقيم في الإمارات)، إن الاستثناءات والإعفاءات التي تضمنتها اللوائح تعتبر توجهاً مهماً، حتى لا تؤثر الضرائب على مستويات الإنفاق الاستهلاكي، ما يؤكد رغبة دول الخليج في الموازنة بين الضريبة والإنفاق الذي يمثل أهمية كبرى لقطاعات مثل التجزئة والبنوك.
وأضاف ألطه، في اتصال هاتفي مع “الأناضول”، إنه تم استخدم الإعفاءات كتوجه اقتصادي واجتماعي، ويظهر ذلك في استثناءات مثل مستلزمات ذوي الاحتياجات الخاصة وإعفاء بعض القطاعات، وتشمل قطاعات التعليم، والصحة، والنقل المحلي.
ورداً على سؤال عن إمكانية تطبيق تلك الضريبة مطلع العام المقبل، قال ألطه، إن هناك تقدماً ملحوظاً وخطوات متسارعة نحو التطبيق وإن كانت تختلف من دولة لأخرى.
وزاد: “ولكن من الصعب تحديد موعد ذلك، لا سيما في ظل عدم الجاهزية الفنية الكاملة وتوافر البينة التحتية حتى الآن”، متوقعا اتضاح الصورة كاملة خلال النصف الثاني من العام الحالي.
وكانت الإمارات أعلنت أن تطبيق الضريبة في جميع الدول الخليجية يتطلب وقتاً قد يصل لعام كامل، إلا أنها قررت تطبيق قانون ضريبة القيمة المضافة بحلول مطلع 2018، فيما أعلنت دول آخرى مثل البحرين أنها ستبدأ التطبيق منتصف العام ذاته.
وقال حميد الطاير وزير الدولة لشؤون المالية الإماراتية العام الماضي، إن الدول الخليجية لديها فترة عام كامل تمتد من يناير/ كانون ثاني 2018 وحتى نفس الشهر 2019 لتبدأ تطبيق ضريبة القيمة المضافة بشكل رسمي.
خطوة جيدة
قال مازن البستاني، الشريك في قطاع البنوك والتمويل في مكتب بيكر أند ماكينزي- حبيب الملا (خاص)، إن قيام دول الخليج بإقرار لوائح وأنظمة الاتفاقية الموحدة لضريبة القيمة المضافة يعتبر خطوة جيدة نحو التطبيق في المنطقة التي تفرض ضرائب لأول مرة.
وأضاف البستاني، لـ “الأناضول”، إن تطبيق الضريبة يحتاج إلى إقامة بنية تحتية إدارية لتحصيل الضريبة، وصعوبة تدريب الشركات على أدائها، علاوة على متطلبات تطوير أنظمة تكنولوجيا المعلومات اللازمة.
وفي تقرير صدر في فبراير/ شباط الماضي، قالت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، إن خطة تطبيق ضريبة القيمة المضافة في الخليج قد تفرض مخاطر تشغيلية على الشركات وضغوطاً على الأرباح قبل الفائدة والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين وكذلك على التدفقات النقدية في بعض القطاعات.
وأظهر استطلاع أجرته شركة ديلويت الشرق الأوسط مؤخراً أن 69% من العملاء في الخليج، تحتاج شركاتهم أكثر من 6 أشهر حتى تتحضر بشكل كافٍ للتعامل مع ضريبة القيمة المضافة.
تخفيف الضغط
من جهته قال طه عبدالغني، الخبير الاقتصادي والمدير العام لشركة نماء للاستشارات المالية (خاصة)، إن استثناء قطاع النفط والغاز من ضريبة القيمة المضافة يخفف الضغط على المستهلكين، خصوصا وأن دول منطقة الخليج تعتبر من أكثر دول العالم استهلاكاً للوقود.
وأضاف عبدالغني، في اتصال هاتفي مع “الأناضول” من الدوحة، إن ضريبة القيمة المُضافة من أكثر أنواع الضرائب الاستهلاكية انتشاراً حول العالم فهي مطبقة في 162 دولة.
وتوقع عبدالغني، أن تساهم العوائد المحققة من ضريبة القيمة المضافة في توفير موارد إضافية للحكومات الخليجية، تساعد على زيادة الإنفاق الرأسمالي في مشروعات البنية التحتية وتحسين جودة ونوعية الخدمات.
ومن المنتظر أن تحقق الضريبة التي تعتبر جزءًا من الضرائب غير المباشرة، إيرادات تتجاوز 25 مليار دولار سنويا، وفق تقدير شركة “إرنست آند يونغ”.
وتأتي ضريبة القيمة المضافة والضرائب الأخرى في الخليج، لتعزيز الإيرادات التي تقلصت جراء هبوط أسعار النفط الذي تعتمد عليه ميزانيات تلك الدول بشكل رئيس. (ANADOLU)[ads3]