لا مشكلة في من يخلف الحاكم السوري

خلافة بشار الأسد ليست عقدة، بل مقدمة لحلّ ربما لن يكون واعداً بالقدر المطلوب، أمّا العقدة فهي في عقول المكلّفين بإيجاد هذا الحل. والبداية تكون من الإقرار بأنّ مسألة بقاء الأسد مرتبطة ارتباطاً مباشراً بمسألة الأقليات في البلاد، وهذا بدوره ما يصعّب مهمّة البحث في إقصائه وإقصاء عائلته عن الحكم، نظراً إلى تلاعبه بورقة الأقليات وادّعائه حمايتها، وهكذا، انتشرت فكرة الإبقاء على الأسد في الأوساط الغربية.

بيد أنّ هذا الأمر لا يعدو أن يكون هروباً من مواجهـة التخلص من حكم آل الأسد، وهو هروب يعزّزه الهذر عن فراغ في السلطة وانهيار مؤسسات الدولـــة في حال رحيلهم، إضافة إلى رواج السيناريو التــرهيبـــي القائل بأن الإسلاميين هُم الذين سيحلّون محلـــهم. وما يغيب عن البال هنا هو أنّ على سورية، كياـــناً وجماعات، أن تستأنف ما انقطع من تجربتها السياسية القصيرة إبّان حقبتَي الانتداب الفرنسي والاستقلال، وذلك في سعيها نحو الاستقرار من جديـــد، وهـــذا ما لا يتحقق من دون التخلص من الأسد. وفي هذا كلّه، لا يفيد التأجيل والمراوغة، ذاك أنّ هذه المواجهة هي أمر محتوم، سواء اليوم أو غداً.

هكذا يتبدّى أنّ حلّ مشكلة الأسد يكمن في فكّ ارتباطه بمسألة الأقليات، وهذا أمر ممكن في حال اقتناع الغرب بأنّ الأسد هو خطر على الأقليات، وفي حال نضوج وعي سوري بمسألة الأقليات أيضاً. وفي هذا السياق هناك اقتراحات عدّة تفيد في تحقيق هذا الهدف، يمكن تضمينها في دستور البلاد الجديد، كالتشديد على حقوق الجماعات وتمثيلها السياسي، والتخلي عن الدولة المركزية لمصلحة صيغة أقرب إلى الفيديرالية. لكن في كلّ ذلك يبقى لمنصب الرئاسة حساسيته الخاصة. من هنا، يمكن التفكير باعتماد صيغة توافقــــية تشبه الصيغة اللبنانية التي كان رائدها رياض الصلح، بما يعني أن تعتمد سورية نظام حكم برلماني بدلاً من الرئاسي، وهذا ما يسمح بإنشاء عُرف يُبقي منصب الرئاسة للأقليات في سورية، بعد أن تتم إعادة رسم العلاقة ما بين منصب الرئاسة وبين مؤسسة الجيش، عــــبر الدستور. وهذا ما يفرض بالتالي ضرورة التخلّص من عقدة الأقليات في الجيش، باعتبار أنّ نواة الجيش الوطني قامت على ضباط من الأقليات لعبوا أدواراً وطنية قبل أن تخرج الأمور عن مسارها في مرحلة الانقلابات ومن ثمّ البعث.

والأرجح أنّ أغلب تشكيلات المعارضة لن ترضى بذلك، وهنا عقدة جديدة، فهناك شكل من أشكال الثأرية الطائفية في البحث عن بديل الأسد. بيد أنّ تاريخ سورية القصير ما قبل البعث يفيد بأنّ منصب رئيس الحكومة كان موازياً لمنصب الرئيس، وفي أحيان كثيرة أكثر فاعلية وأهمية، وفي تجارب كلّ من جميل مردم بك وخالد العظم دلالات على ذلك، فعدا عن أنهما كانا منافسين دائمين لرئيس قوي هو شكري القوتلي، لم يتمكن هذا الأخير من تحجيمهما ومن عدم الاتكال على خبرتهما.

أخيراً، يمكن منصب الرئيس – الأقلية أن يساهم في تطوير شخصية البلاد السياسية إذا صحّ التعبير، فانطلاقاً من تاريخها السياسي، يمكن القول إنّ سورية في حاجة إلى صيغة تحدّ من اندفاعها التاريخي نحو عروبة متطرفة، فضلاً عن حاجتها اليوم إلى ما يُوازن علاقتها بالإسلام السياسي.

نافل القول، أنّ عودة سورية لتكون مصنعاً لرجالات دولة، يضمنون استقرارها وعودة الحياة إليها يتوقف على رحيل آل الأسد.

حسان القالش – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

‫2 تعليقات

  1. ما رح يتغير شي بتغيير الرئيس .. العلة من الشعب . غالبية جاهلة غير مستعدة للتطور بأوامر الهية “كل بدعة ضلالة ” الرئيس مو اكتر من احد عوارض المرض .. المرض هو التقاليد والعادات والافكار المنتشرة عند غالبية الشعب الجردونية ..

  2. مقال لايحتوي سوى المغالطات التي لا تحصى…
    اولا المعارضة الموجودة هي جميعها إسلامية متطرفة(حتى الفصائل التي لاتنتمي شكليا لداعش والقاعدة) وهي ليست ديمقراطية بأي شكل من الأشكال وهي فعلا في حال وصولها للحكم سوف تقوم بإضهاد الأقليات.
    يقرر الكاتب هكذا وببساطة” سوريا ستعود إلى إستئناف الحقبة الديمقراطية التي سادت بعد الإستقلال….” أولا من قال لك أنها كانت حقبة ديمقراطية؟ هي لم تكن كذلك ولا بأي شكل من الأشكال بل كان البرلمان المنتخب يمثل الإقطاع والرأسماليين السوريين وكل مايمثلونه من إضطهاد للطبقة المسحوقة من الشعب. ثم كيف للمعارضة الحالية أن تعود بسوريا إلى الحكم الديموقراطي المنشود وهي ذات أجندة متأسلمة ومرتهنة للدول الإقليمية وتأتمر بأوامرها وتقبض منها وهذه المعارضة هي نفسها التي قامت بعسكرة الثورة وماجلبه ذلك من دمار للبلد وأعطى النظام العذر والمبرر كي ييرد عسكريا ,أيضا فكر هذه المعارضة المتأسلم هو نتاج عشرات السنوات من تغلغل الفكر الوهابي والمال الوهابي لنشر التطرف في سوريا والذي كان النظام يتقاضى بلايين الدولارات إلى جيوبه ويغض النظر .
    يلمح الكاتب ويدعو -ويبدوا انه من إخواننا الأكراد -إلى المشروع الإنفصالي وتفتيت سوريا بحديثه عن منظومة فدرالية وليس دولة مركزية.إن لم تكن هذه الدعوة وهذا الطرح هو تمهيد لتفتيت سوريا فنحن مع الإعتراف بحقوق القوميات التي تشكل نسيج المجتمع السوري ومنها العربية والكردية والأرمنية وقبلها السريانية وهذه الحقوق هي موجودة حاليا فلا احد أعترض ويعترض على هوؤلاء ان يتحدثو بلغاتهم ويعيشون تراثهم وثقافتهم. أما ان نقول اننا سوف ننفصل عن الجسد السوري ونقوم بتشكيل دويلة كردية ردا على دكتاتورية النظام فهذا في منتهى الغدر والتآمر ولن يسمح الشعب السوري بذلك قطعا. يصدق الكاتب في نقطة وحيدة وهي أن سورية يجب أن تعود إلى هويتها التاريخية غير العربية .سوريا التاريخية هي ذات جذور آرامية سريانية آشورية (لاحظ الأسم) وليست عربية.