11 ملاحظة لعلماني سوري على الإسلاميين السوريين

ماذا يمكن أن يقول علماني تحرري سوري لإسلاميين حسني النية، في العام السابع من الصراع السوري؟ هنا ملاحظات أولى، ليست كل ما يقال ولا الأهم.

1- ليس العلمانيون ولا الإسلاميون مجموعتين متجانستين. في داخلهما تباينات وخصومات، وكل منهما يتغير مع الزمن، ولا تُشتق مواقف أي منسوبين إلى هذه أو تلك من العنوان العلماني أو الإسلامي. هناك علمانية تسلطية وعلمانية تحررية، هناك علمانية هي قناع للطائفية، وهناك علمانية وطنية ترفض الغش باسم العلمانية (هناك غش طائفي باسم الديموقراطية أيضاً). هناك علمانية هي دين معكوس يتطوع في معارك العقائد، وهناك علمانية نقدية تسائل العقائد المختلفة عن شرعيتها الفكرية والأخلاقية استناداً إلى المعايير نفسها: الحرية والمساواة والكرامة المتكافئة لمعتنقي العقائد المختلفة. هناك علمانية تدخلية وهناك علمانية محايدة… وبالمثل هناك إسلامية سياسية وأخرى حربية أو جهادية، وهناك سلفيون متنوعون وهناك «إخوان»، وهناك «داعش» و «القاعدة» وجيش الإسلام وأحرار الشام… ومنظر «القاعدة» أبو بكر ناجي مثلاً يعتبر «الإخوان المسلمين»… علمانيين!

2- لا لزوم لتصور للعلمانية يفصل الدين عن السياسة. لكن فصل الدين عن السيادة لا بد منه من أجل الحد الأدنى من العدالة والمساواة في مجتمعاتنا. والمقصود بالسيادة الولاية العامة والاختصاص الحصري بالعنف. فلا ولاية عامة لأية سلطة دينية، ولا يجوز أن يمارس العنف باسم الدين. ولاية السلطة الدينية جزئية وطوعية وتقتصر على من يرتضونها من المؤمنين، وهي منفصلة عن العنف ولا إكراه فيها. لا ينبغي أن يحول حائل بين حزب أو أحزاب إسلامية وبين العمل السياسي إن كانت تقبل بميثاق وطني يفصل بين الدين والسيادة.

3- في واقع الأمر، هناك قطيعة بين الإسلامية السياسية، وأكثر منها الإسلامية الحربية، وبين بنى وتنظيمات العالم المعاصر السياسية والحقوقية والمؤسسية، وكذك بينها وبين الإنسانيات والعلوم الاجتماعية المعاصرة. ولا يبدو أن الإسلاميين في سورية، مثلاً، أخذوا علماً جدياً بكونهم تعبيراً عن السنية السياسية، بل تعابير متنوعة، متنازعة في ما بينها. السنيون نسبة من سكان بلداننا، كبيرة، لكنها ليست الكل، ليست «الأمة»، وليست جماعة موحدة. وعدا أن أكثر السنيين ليسوا إسلاميين، فهناك بينهم من هم مثلنا علمانيون، ومن هم غير مؤمنين. ونحن نتاج اجتماعنا وتاريخنا ووجودنا في العالم، ولسنا نبتاً غريباً وافداً واجب الاجتثاث. هذا التصور الذي يُخرج من «الأمة» أمثالنا يؤسس لإبادة غير الإسلاميين على يد الإسلاميين. ثم إن في مجتمعاتنا من ليسوا مسلمين وليسوا سنيين، وهم مكون أصلي لمجتمعنا مثل غيرهم، ليسوا غرباء وليسوا ضيوفاً. هذا أيضاً واقع لا يبدو أن الفكر السياسي الإسلامي يستطيع أن يقول كلاماً واضحاً في شأنه. والمسألة ليست نظرية مجردة، إذ يترتب عليها في الممارسة نتائج سياسية خطيرة، تتراوح بين مكانة ثانوية للجماعات غير المسلمة المعترف بها إسلامياً («الكتابيّون») وبين احتمال إبادة غير المعرف بهم إسلامياً من علويين ودروز وإسماعيليين وغيرهم، فضلاً عن العلمانيين وغير المؤمنين.

4- من أكبر المفارقات في التفكير السياسي الإسلامي المعاصر أنه لا يقبل المساواة الحقوقية والسياسية، ولا يكافح من أجل المساواة الحقوقية والسياسية، حتى وهو يعترض على الظلم. ما يريده الإسلاميون هو أن تكون السلطة لهم، أو تكون لهم أفضلية كبيرة سياسية ورمزية وحقوقية في السلطة العامة والمجال العام. هذا غير عادل، وهو أحد الأسباب المهمة لعدم قبول كثيرين مظلومية الإسلاميين. كيف أتضامن معك وأنت، بينما لا تزال مظلوماً، لا تعدني إلا بأن أكون في «ذمّتـ» ـك في أحسن الأحوال؟ ولا يحترم الإسلاميون في عمومهم ألم غيرهم، إن في مجتمعات أخرى، أو قبلها في مجتمعاتنا ذاتها. وهم بذلك يضعون أنفسهم خارج ثقافة مشتركة وخارج مصير مشترك مع الغير.

5- الدولة الحديثة ليس لها دين، ولا ينبغي. إنها مؤسسة حكم عامة، يفترض أن توفر حقوقاً متساوية للمختلفين. ولا تمارس العنف باسم الدين، ولا تُكره الناس على دين أو على ترك دين. والمانع دون ذلك منطقي ومفهومي، وليس تفضيلاً أيديولوجياً. فبما أن كل المجتمعات المعاصرة مكوّنة من أكثر من جماعة دينية، ومن متدينين ولا متدينين، ومن مؤمنين وغير مؤمنين، وبما أن جوهر الدولة «احتكار العنف الشرعي» وضمان السلم والمساواة بين السكان، وجب ألا يكون دين البعض، مهما كثروا، دولة للجميع. تديين الدولة يمكن أن يتحقق في واقع الأمر، إلا أنه يقتضي عنفاً هائلاً، يناقض مفهوم الدولة ذاته. ونعرف أن عنفاً هائلاً لزم من أجل أن يكون الطارئ أبدياً في سورية، والجمهورية مملكة عائلية، والطائفية وحدة وطنية. تناقض هذه المشاريع: الجمهورية العائلية، الدولة الدينية وغيرها، لا ينحل بغير استعداد دائم لممارسة العنف الساحق، أي بالانحلال المستمر للدولة.

6- ظهور «داعش» إذلال كبير جداً للإسلام والمسلمين، لكن شروط هذا الإذلال متوافرة في مزيج المظلومية المنتشر جداً بين الإسلاميين والمخيلة الإمبراطورية المنتشرة جداً بدورها، حتى صار أي متبطّلٍ جاهل يريد فتح روما! ليس الإسلاميون وحدهم من تعرضوا للإقصاء السياسي، وللتمييز والاضطهاد، وإن نالوا في السجون معاملة أكثر توحشاً من غيرهم في الواقع. وليست المظلومية الشائعة بينهم احتجاجاً على الظلم والاستبعاد وطلباً للعدالة، بل هي خطاب يعطي جماعة الإسلاميين شعوراً بالعدل الذاتي، فيغلقها على نفسها ويغنيها عن الإحساس بغيرها والتضامن مع غيرها. وليس إلا عادلاً واقع أن من لا يتضامن مع غيره لن يتضامن معه غيره، ومن لا يحترم الغير لن ينال احترام الغير. أما المخيلة الإمبراطورية فلا بد من طيّ صفحتها نهائياً، لأننا لا نستطيع أن نعترض على الإمبريالية في العالم بينما لا نريد غير أن نحل نحن محل المسيطرين، فنفتح أراضي ونُخضع بلداناً ونتحكم بشعوب. هذا النزوع الإمبريالي يجرد الإسلامية المعاصرة من أي بعد تحرري، وهو السبب، جزئياً على الأقل، في قلة ما نحظى به من تضامن في مصائبنا السياسية.

7- لا تقتصر الإهانة على «داعش». «الهيئات الشرعية» هي أجهزة أمنية دينية لا تختلف في شيء عن أجهزة المخابرات الأسدية، ولا عن محاكم التفتيش في تاريخ المسيحية. ومثل هذه الأجهزة الإجرامية هي من اختطف زوجتي وأخي وأصدقائي، وأسهم في تحطيم الجذع الوطني الشعبي للثورة، إلى جانب النظام. وهي مثل أجهزة المخابرات الأسدية معابد للقوة، يسودها الخوف والكراهية واليأس.

8- هناك تخاذل فكري وأخلاقي وحقوقي كبير من طرف الإسلاميين: لا أحد يقول جهاراً إن أحكام الرق والسبي وملك اليمين… لاغية. هذا ترك ثغرة تشريعية كبيرة مفتوحة دخل منها «داعش». ولا أحد يتجاسر على الكلام على التمييز في الحقوق والمكانة ضد المرأة. ولا يجرؤ أحد من الإسلاميين على أن يقول إن هذه الأحكام تاريخية ولاغية اليوم، وأن هناك اليوم ما هو أعدل منها وأكثر إنسانية، وأن مستقبل الإسلام مرهون بأن يتخفف من أعباء أخلاقية وحقوقية كهذه، وأن تجرى إعادة هيكلته حول نواته العقدية الأساسية: التوحيد والعدل واللاإكراه وكرامة الإنسان وإعمار الأرض. الإصلاح الإسلامي هو إعادة هيكلة الإسلام حول تلك النواة.

9- من وجهة نظر تاريخية، قد تكون الثورة السورية نقطة الذروة في مسار الإسلاميين، وليس بعدها غير الانحدار. هناك جرائم كبيرة ودماء كثيرة على يد إسلاميين، وهناك نفور متزايد حيال الإسلاميين من طرف من كانوا يتفهمونهم حتى عامي الثورة الأولين، وهو نفور يطال دين الإسلام نفسه في حالات تتكاثر. الإسلاميون مدعوون إلى مواجهة هذا الواقع والتصرف بتواضع وانفتاح وتحمل للمسؤولية، وإعادة هيكلة تفكيرهم على أسس تجمع بين الإخلاص لمعتقدهم الديني بين احترام المختلفين عنهم ومعهم والقبول الواضح بالمساواة وبحرية الاعتقاد الديني، بما فيها حرية عدم الاعتقاد وحرية تغيير الاعتقاد.

10- السلفيون الجهاديون من بين الإسلاميين لا يقولون إن كل ما لدينا هو حق، بل يقولون إن كل ما هو حق لدينا. هذا يصلح تعريفاً للظلامية. والإسلاميون الآخرون لا يكادون يقرون بوجود حق خارج موروثهم، إلا في مجال الإجراءات والتكنولوجيا. وهم في الحالين مخطئون كلياً. في العالم الكثير مما نتعلمه، حقوقياً وأخلاقياً وسياسياً وفكرياً وروحياً وجمالياً، والكثير مما يُحيي موروثنا ذاته ويغنيه.

11- ليس العلمانيون منبع مشكلات الإسلاميين في سورية اليوم. وليس لاختفاء سحري للعلمانيين أن يوقف كيد الإسلاميين لبعضهم وقتلهم لبعضهم. منبع مشكلات الإسلاميين وصراعاتهم هو أنه لا حل لديهم لأي من مشكلاتنا المعاصرة غير العنف، والعنف يبحث دوماً عن أعداء، ويجدهم. قبل نحو قرنين قال داهية فرنسي عبارة ينفع الإسلاميون أنفسهم إن فكروا فيها: يمكن أن نفعل كل شيء بالحراب، إلا الجلوس عليها!

النصّ أعلاه متن ورقة كتبت من أجل «الحوار بين الإسلاميين والعلمانيين في سورية» الذي نظمه مركز «جسور» في اسطنبول، يومي 17 و18 أيار (مايو) الجاري.

ياسين الحاج صالح – الحياة[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها

11 Comments

  1. المقال مليء بالمغالطات التي لا مجال لحصرها.

    أولا: اخترع الكاتب مصطلحات خاصة به، الإسلامية الحربية و غيرها. و هذا لا يعدو كونه هذيانا بكلمات منمقة. فالإسلام واحد إما أن تفبله أو تكون لديك،على الاقل، الجرأة لرفضه بشجاعة.
    أما التدليس بهذه الطريقة فهي جبن مقنع بثقافة ضحلة.

    ثانيا: لا ينفك بعض المتفيقهين عن محاولة اقناعنا يوهم اسمه العلمانية.
    باسم العلمانية تحرم النساء و الرجال المسلمون في الغرب من ممارسة بعض حقوقهم كارتداء النقاب مثلا بحجة الأمن المدني.
    أليس لنا الحق بنفس المبدأ أن نفترض على المواطنين احترام العادات الإسلامية للمجتمع و المنطقة. كمثال: بعدم الأكل علانية فرضا في رمضان، أو بعدم ارتداء الملابس (الفاضحة) احتراما للمجتمع.

    لم تكن لدينا الظروف التي دفعت الغرب لاعتناق العلمانية (ظاهريا) دينا. بل لدينا ديننا و ثقافتنا التي تميزنا و بها نرتقي.
    بإمكاننا التحرك ضمن مربع الاسلام أما أن تتقمص شخصية مجتمعات أخرى تحولت لمسوخ مجتمعية.
    مرفوض مرفوض مرفوض.

    1. هذا الكاتب وامثاله لم نكن لنراهم لولا نظام البعث الطائفي المجرم .. البيئة الفاسدة التي سعى البعث الحقير في سورية أنتجت أمثال هذا الجاهل ..
      فقط أقول لهذا المدعي أن سورية في العهد الوطني بعد الاستقلال نعمت ببرلمان وطني ضم كل أطياف الشعب السوري .. وللعلم .. فإن جماعة الاخوان المسلمين كانوا ممثلين بالبرلمان وكان النائب الاخواني يجلس ربما بجوار النائب العلماني او المسيحي او العلوي وحتى المرشدي .. ولم نسمع وقتها بأن أحد مكونات المجتمع السوري كان في خطر أو أن أحدا طالب بطرد أو قتل من هو غير مسلم … ولم يمانع أحد بأن يكون فارس الخوري رئيس وزراء بمرتبة رئيس وقائد وطني .. ولم يكن أحد يعرف أن الرئيس الزعيم كردي واول رئيس بسورية محمد علي العابد كردي.. ولم يكن احد (للأسف) يهتم لكون الوزير خافظ اسد او صلاح جديد علويين..! فهل برأي الكويتب الجاهل أن الاسلام تغير؟! أم أن حزب البعث المحرم هو من غير المجتمع السوري وأفسده وخلق مفاهيم غريبة عن المجتمع السوري كالطوائف والملل وووو …
      عندما يكتب أحدهم مقالا مثل هذا المقال وفي موقع مثل هذا الموقع فهذا دليل على نجاح حزب البعث الحقير في مهمته التي وصل لأجلها لحكم سورية بمساعدة كل أعداء سورية بدءا بفرنسا واسرائيل وصولا لعبد الناصر وأمثاله من القوميين المزيفين العملاء.

  2. من هو العلماني؟
    – من يقدس الحكام و يكتب بهم المعلقات شعراً و نثراً.
    – من يكره جميع المسلمين السنة حصراً.
    – من يلقي محاضرات عن حقوق المثليين ولا يرى مقتل الملايين و تهجيرهم من بيوتهم على يدي علماني مثله.
    – من يذهب الى اوربا و يعيش سنوات بنعيم ديمقراطيتها و يخرج بصور المجرم النافق و ابنه في ساحاتها و يدافع عن ديمقراطية العلمانيين حصراً.
    – من يكره ارهاب ابو بكر و يطبل لارهاب او عزائيل.
    هو من انشاء حزب البعث و أعاد سورية الجميلة الى حضيرة العفن العلوي البعثي المقيت،
    هو ذاك اللذي يكتب ٥٠ سنة من عمره عن حقوق الأقليات ولا يرى مآت الالاف من المساجين و المسحوقين و الجثث المغيبة بسجون صديقه و ابن جلدته العلماني اللطيف.
    ١٠٠ سنة و علمانيي تركيا يكذبوا على الشعب التركي مثل هذا الكاتب الى ان استلم حزب اسلامي بلاد آل عثمان و عرف الجميع ان الله حق و انهم كاذبون منافقون لصوص مخادعون.

  3. الأديان: جمع دين، والدين في اللغة بمعنى: الطاعة والانقياد.والدين في الاصطلاح العام: ما يعتنقه الإنسان ويعتقده ويدين به من أمور الغيب والشهادة (1) .
    وفي الاصطلاح الإسلامي: التسليم لله تعالى والانقياد له.
    والدين هو ملة الإسلام وعقيدة التوحيد التي هي دين جميع المرسلين من لدن آدم ونوح إلى خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم.
    قال الله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ [آل عمران: 19] وبعد أن جاء الإسلام فلا يقبل الله من الناس دينا غيره، قال الله تعالى: وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [ آل عمران: 85].

    يعني ببساطة الدين هو طريقة الحياة من الالف الى الياء. فكيف تطلب منا “نحن المسلمين” أن ننتقص ديننا في واحد من أهم الأمور التي تصلح بها البلاد والعباد “أمر السلطة”؟!

    ف بإسمي وباسم كل الاسلاميين السوريين وغير السوريين أقول لك “لن نرضى بغير تحكيم الشريعة سلطة تحكمنا أبدا” :)

  4. نقاط مهمة لا يجب مناقشتها بعصبية ونزق حال كثير من مناقشات مدعيّ التدين الغافلين عن قوله تعالى ( وجادلهم بالتي هي أحسن ) . نعم لا توجد لدى كثير من المسلمين الجرأة للتبرؤ من ممارسات مقيتة ربما كانت مقبولة في التاريخ بحكم شيوعها ( كالرقيق والسبي ) ولَم تعد مقبولة الان بأي حال . ونعم لدى الإسلاميين الكثير الكثير من الفرقة وحتى التناقض الذين قد يوصلان إلى حد القتال وسفك الدماء بينهم كما أرتنا الأيام في هذه ” الثورة ” التاريخية، ولكن بالمقابل ماذا عن العلمانيين ؟ ألم يتخلى قسم منهم عن علمانيته ومبادئه عندما لاح له أن ركوب موجة الدين قد يساهم في التخلص من ظلم الطغاة واستبدادهم فأصبحو منظرين للحراك الثوري ومبشرين به وشهود زور على ما انتابه وطغى عليه من نفس طائفي رائحته تزكم الأنوف ( صادق جلال العظم مثالا ) ، وماذا عن رأي العلمانيين المنظرين للديمقراطية وحق الشعب في اختيار حاكمه وطريقة حكمه إذا ما أراد هذا الشعب ( في غالبيته على الأقل ) أن يختار نظام حكم إسلامي تسود فيه أحكام الشريعة ؟ هل سيرضخ العلمانيون لهذا الاختيار ويقبلون به على مبدأ احترام رأي الشعب وتغليب خياراته أم سيحاولون اللف والدوران للتملص من تلك الخيارات ووضع ” الملاحظات ” عليها؟ الموضوع صعب والنقاش فيه يحتاج وقتا طويلا واحتراما متبادلا.

  5. الأخ الكاتب الذي أحترمه بالفعل يقع في نفس أخطاء الذين يدّعون الحيادية لكنهم لا يستطيعون الخروج من قميص أيديولوجيتهم وحزبيتهم أو فكرتهم المسبقة… وهو “التعميم”!
    صحيح أن الكاتب بدأ بأمراض العلمانيين وأشار إلى اختلافهم واختلافاتهم وتعدد اتجاهاتهم وتنوع مآربهم..وكان صادقاً مع النقس بهذه الحيادية… لكنه وعندما أتى الحدبث عن الإسلاميين وقع في التعميم المناقض للموضوعية.. وقرّر أن “هناك فطيعة بين الإسلامية السياسية وبين بُنى العالم المعاصر”!!!… وأن “التفكير الإسلامي السياسي المعاصر لا يقبل المساواة الحقوقية والسياسية”!!! وأنه “لا أحد يقول جهاراً إن أحكام الرق لاغية”!!…
    هل هذه واقعية وحيادية؟ هل هذا منطق علمي جادّ في النقد والتحليل؟!!!
    هل الطيف الإسلامي _ لا الإسلام _ على درجة واحدة بحق من مثل هذه القضايا؟!!!
    نعم.. ممارسات بعض وربما كثير من التنظيمات والاتجاهات الإسلامية غير مقبولة.. بل ومرفوضة حتى وفق معايير الإسلام نفسه… لكن مواقف ورؤى الإسلاميين الوسطيين والعلماء الراسخين والمتكيفة مع التطور الإنساني والحضاري… ليست غائبة أو خافية.. والباحث المنصف لا يستطيع أن يتجاوزها إلى شظايا الطيف الإسلامي المتطرف والمتعنت والمخترق من قبل أجهزة القمع والتضليل المعروفة… والحديث يطول!

  6. العلمانية هي أكبر منتج روج له الصهاينة و اخترعوه و لوا نظرنا لمؤسسي هذا الفكر لنجد أغلبهم إما صهاينة أو ماسونيين, هذا لا يعني أن العلمانية سيئة و إنما يعني أن ثوبها قد لا يناسبنا, فللإسلام حضارة و تجربة تاريخية عريقة بينما العلمانيين الذين نجحوا في بعض دول العالم ما زالوا يسرقون جهد الآخرين و تعبهم و ينسبوه لهم.
    و ما يدعيه الكاتب و ينسبه لنا و للإسلاميين قام العلمانيين أضعافاً مضاعفه دونما حق فقد قتلوا و شردوا الملايين من البشر منذ توليهم مناطق نفوذهم ليس في بلاد المسلمين فقط و كل من يخرج عن طوعهم و ضلالهم ينكل به و يصور بأسوأ الصور, الإسلاميين في بلاد المسلمين لم يأتوا بثوب بني صهيون و الماسونية لتلبسونه بل خرجوا من الجحيم الذي زرعه العلمانيين و إخوانهم القومجيين بين الناس, يبدو أن الكاتب نسي أن النظام البعثي هو علماني الثوب تلبس بشعارات كثيرة منها القومية و منها الاشتراكية و اليوم استمسك بأصله الطائفي بعد أن خلعت الثورة السورية أفنعته الواحد تلو الأخرى.