دراسة : الإفراط في استعمال مزيل العرق خطر على الصحة

أظهرت دراسة جديدة قام بها مجموعة من الباحثين في مدينة إنسبروك النمساوية، ونشرتها صحيفة Welt الألمانية، أن الاستعمال المكثف لمزيل العرق في سن مبكرة يزيد من خطر الإصابة بسرطان الثدي.

وعلى الرغم من أن السبب المباشر لهذه الحالة ليس مفهوماً بعد، فإن الحذر بات ضرورياً، وفقاً لهافينغتون بوست عربي، ومنذ سنوات طويلة، يدور جدال حول حقيقة أضرار أملاح الألمنيوم الموجودة في أغلب أنواع مزيل العرق، ومدى تسببها في مشاكل صحية.

وخلال سنة 2001، كان الباحثون قد لاحظوا أن سرطان الثدي يظهر غالباً قرب منطقة الإبطين في جسم الإنسان. أما خلال سنة 2007، فاكتشفوا وجود نسبة تركيز عالية لمادة الألمنيوم داخل نسيج هذه الأورام السرطانية.

وكان من المنطقي افتراض أن استعمال مزيل لرائحة العرق يحتوي على أملاح الألمنيوم في منطقة الإبطين قد يزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي.

ولا تزال هذه الفرضية محل اختلاف وجدل كبيرين بين العلماء؛ إذ إن التفسير العلمي ليس مؤكداً، ولكن في هذه الحالات الغامضة، يفضل أن يلتزم الإنسان بالحذر، وهو ما نصح به المعهد الفيدرالي لتقييم الأخطار في ألمانيا.

وينصح المعهد باستخدام مزيل لرائحة العرق لا يحتوي على مادة الألمنيوم، خاصة عند استعماله على البشرة بعد الحلاقة، بما أن هذه العملية تترك جروحاً صغيرة قد تتسرب منها المواد السامة إلى داخل الجسم.

دراسة أُجريت على 209 مصابين بسرطان الثدي

ظهرت معلومات جديدة، خاصة بعدما نشر الباحثون بالكلية الطبية في إنسبروك النمساوية دراسة سريرية بمجلة البيولوجيا الطبية، تظهر أن الاستعمال المكثف واليومي لمُزيل لرائحة العرق يحتوي على الألمنيوم، في سن مبكرة، قد يزيد من احتمالات تكوين أورام سرطانية بمنطقة الثدي.

هذا الفريق من العلماء، الذي يقوده البروفيسور هانو إيلمان مدير قسم الإحصائيات الطبية وعلوم الكمبيوتر في الجامعة، قام بتحليل بيانات متعلقة بنحو 209 أشخاص مصابين بسرطان الثدي، بالإضافة إلى عدد مماثل من النساء غير المصابات بالمرض.

وقد تم التركيز على سؤال هؤلاء الخاضعين للدراسة حول كيفية استعمالهم مُزيل العرق.

وقال نيكول كونسان، الذي شارك في إعداد هذه الدراسة، إنه “خلال هذا البحث، تم فحص عينات من نسيج جسم أشخاص مصابين بسرطان الثدي، وقياس مدى تركيز مادة الألمنيوم في هذه الأورام”.

وقد تم أخذ عينات من أجسام 100 شخص من الخاضعين لهذه الدراسة في أثناء إجراء عمليات جراحية عليهم، كما تم أيضاً أخذ عينات من صدور 52 شخصاً غير مصابين بالمرض وتحليلها للقيام بالمقارنة.

الخطر يزداد مع كثرة استخدام مزيل العرق

أظهر تقييم البيانات ونتائج الفحص أن النساء اللاتي يستخدمن مزيل العرق عدة مرات في اليوم يكنّ أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي.

حيث تقول كارولين لينهارت التي شاركت في هذا العمل، إنه “على الرغم من أن 6 في المائة فقط من النساء الخاضعات للدراسة كنّ يستعملن مزيل العرق بصفة مكثفة، فإن نتائج التقييم أظهرت علاقة لا يمكن تجاهلها”.

ومن النتائج الأخرى لهذا البحث، هو أن النساء المصابات بسرطان الثدي تكون لديهن نسبة تركيز أعلى من الألمنيوم في نسيج منطقة الصدر، بشكل يفوق هذه النسبة لدى النساء غير المصابات. وقد لوحظت هذه الظاهرة بشكل خاص في الأورام القريبة من منطقة الإبطين.

ومع ذلك، لا يريد العلماء في مدينة إنسبروك إصدار استنتاجات نهائية حول تسبب أملاح الألمنيوم في تكوّن الأورام السرطانية.

وفي هذا الصدد، صرحت نيكول كونسان بأنه “يجب القيام بالمزيد من الأبحاث؛ حيث إن النتائج التي توصلنا إليها مبنية بالأساس على الإحصائيات والمقارنة، ولم تركز على العلاقة السببية المباشرة بين هذه المادة والمرض”.

عدم وجود دليل إدانة لا يعني بالضرورة البراءة

مزيلات الروائح ومضادات التعرق هي على الأرجح آمنة مثل المواد الكيميائية الأخرى التي نستخدمها على أجسادنا: الصابون، وجيل الاستحمام والعطور والكريم المرطب. هنا لا يبدو أن هناك سبباً وجيهاً للتحذير من مجموعة واحدة من المواد الكيميائية دون أخرى. فمن المنطقي عدم استخدام أي منتجات على الجلد، ووقف استخدامها إذا كنت تتطور الحساسية.

لكن عدم وجود دليل إدانة لا يعني بالضرورة البراءة، فقد لخص الباحث هانو أورمر نتائج هذه الدراسة بالقول إنه “لا يمكننا تبرئة أملاح الألمنيوم من فرضية التسبب في تكوّن الأمراض السرطانية”.

وإلى حين الانتهاء من الأبحاث المعمقة وتوضيح مدى خطورة أملاح الألمنيوم كسبب مفترض للسرطان، ينصح العلماء بالتعامل بحذر مع مستحضرات التجميل والعطورات التي تحتوي على هذه المادة. ويحذر العلماء بشكل خاص من استخدام مواد تحتوي على أملاح الألمنيوم في سن مبكرة.

في الواقع، يجب إيلاء أهمية خاصة للجلد عندما يكون مصاباً بالجروح.

ففي سنة 2012، كان العالم الفرنسي آلان بينو قد أجرى تجارب على عينات من جلد الإنسان مصابة بجروح أو كدمات، رش عليها مزيل العرق. وقد لاحظ أن احتمالات تسرب الألمنيوم داخل الجسم ترتفع بما يربو على 6 أضعاف بسبب وجود ثغرات في الجلد تسمح بمرورها.

ومنذ وقت طويل، كان العلماء ينصحون بتنظيف الإبطين في المساء حتى نترُك وقتاً كافياً للجلد للتعافي وانْدمال الجروح الصغيرة، قبل استخدام مزيل العرق في اليوم الموالي. وفي الوقت الحاضر، أصبح يشار بشكل واضح إلى ضرورة استخدام بعض المنتجات على البشرة الجافة وغير المجروحة.

الجسم يمتص الألومنيوم مع الغذاء

عند التطرق إلى الأخطار الصحية التي يمثلها الألمنيوم، يجب علينا أن نتذكر أن هذا المعدن الخفيف يمكنه الدخول إلى جسم الإنسان، ليس فقط عبر الجلد؛ بل أيضاً عبر الطعام.

مؤخراً، أثبت الباحثون أن الأطعمة التي تبقى ساخنة عدة ساعات، من خلال تعليبها في أوعية مصنوعة من مادة الألومنيوم، مثل تلك التي يتم عرضها في المطاعم، تحتوي على نسبة تركيز أعلى بكثير من مادة الألومنيوم.

وينطبق هذا بشكل خاص على الأطعمة الحمضية؛ إذ إن الألمنيوم يتحلل بشكل أسرع في وجود الأحماض على غرار عصير الليمون.

بالإضافة إلى ارتفاع احتمالات الإصابة بسرطان الثدي، هناك نقاش يدور حول أن ترسب هذه المادة في الدماغ قد يؤدي إلى الإصابة بمرض ألزهايمر، فضلاً عن عدد من المشاكل الأخرى المتعلقة بالذاكرة.

والجدير بالذكر أن فحص عينات من أجسام أشخاص مصابين بفقدان الذاكرة، أظهر ارتفاعاً في نسبة تركيز هذا المعدن الخفيف.

تكدس الجزيئات في الدماغ

أظهرت أبحاث أُجريت على الحيوانات، حسب صحيفة Welt، أن مادة الألمنيوم قد تؤدي إلى تجمع كثيف لبروتينات “تاو”، وهي الجزيئات التي تلعب دوراً أساسياً في إصابة الدماغ بمرض فقدان الذاكرة.

ولكن إلى حد الآن، لم تتضح العلاقة بين امتصاص جسم الإنسان مادة الألمنيوم وإصابته بأمراض الذاكرة.

ويحتمل أن يكون سبب هذه الظاهرة هو أن ارتفاع نسبة تركيز الألمنيوم في دماغ المصابين بفقدان الذاكرة هو في الحقيقة نتيجة لهذه الحالة وليس سببها، ولكن يجب القيام بالمزيد من الأبحاث حول هذا الأمر.

وعلى الرغم من عدم وجود أدلة قاطعة، فإن كل هذه المؤشرات والتحذيرات تؤكد أنه يجب علينا التزام الحذر عند استخدام الألمنيوم.

وقد طرحت الكثير من شركات مواد التجميل مستحضرات خالية من الألمنيوم. فضلاً عن ذلك، يُنصح كذلك بتقليل استخدام هذه المادة في المطبخ.[ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها