رويترز : دبلوماسية الباندا .. ألمانيا و الصين في عناق على مضض قبل قمة العشرين ( فيديو )

عندما خطف الرئيس الصيني شي جين بينغ الأضواء في دافوس خلال يناير كانون الثاني ورسم صورة لبلاده أظهرتها وكأنها نصيرة الأسواق الحرة المستعدة لأداء دور زعامة العالم الذي تخلت عنه الولايات المتحدة لم يتمالك المسؤولون الألمان أنفسهم من الضحك.

كانت توقعاتهم أن دونالد ترامب، الذي كان سينصب بعد أيام رئيسا للولايات المتحدة، سيخفف من غلواء تصريحاته الحمائية خلال الحملة الانتخابية ويصلح العلاقات مع حلفائه الغربيين بما لا يترك مجالا يذكر للحركة أمام بكين.

وبعد مرور ستة أشهر تنتفي صفة العبثية عما بدا مضحكا خلال اجتماعات دافوس في جبال الألب حين يصل الرئيس شي إلى برلين في زيارة رمزية إلى حد كبير للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قبل قمة مجموعة العشرين التي تعقد في هامبورج.

ورغم الهواجس المتعلقة بحقوق الإنسان في الصين ومشاعر الإحباط بسبب الاختلاف على فتح الأسواق والمخاوف من موجة تشتري فيها شركات تابعة للدولة في الصين شركات أخرى في أوروبا فإن ألمانيا تجد نفسها مدفوعة إلى عناق على مضض مع بكين في وقت يشدد فيه ترامب على وعده بأن يضع المصالح الأمريكية فوق غيرها من مصالح.

وبالنسبة لميركل التي تستضيف قمة العشرين يمثل شي حليفا وترامب المنافس المشاغب في بعض من أهم القضايا المطروحة على جدول الأعمال في هامبورج من التجارة والتغير المناخي إلى التنمية الاقتصادية في أفريقيا.

ولذلك ستتناول ميركل العشاء مع شي يوم الثلاثاء وتخطط معه استراتيجية مجموعة العشرين على الغداء يوم الأربعاء.

وبعد ذلك سينخرط الزعيمان في جولة تقليدية من “دبلوماسية الباندا” بافتتاح مجمع صيني بلغت تكلفته عشرة ملايين دولار في حديقة حيوان برلين ليقيم فيه مينج مينج وجياو تشينج دبا الباندا العملاقان اللذان ستعيرهما الصين إلى ألمانيا رمزا للصداقة.

قال سيباستيان هايلمان مدير معهد ميركاتور للدراسات الصينية في برلين “بالنسبة لبكين الهدف هو تقديم نفسها كقوة سخية متعاونة وصديقة في الداخل والخارج. كما أن هذا يخدم هدف صرف الانتباه عن الموضوعات الخلافية على الصعيد السياسي”.

تأتي الزيارة بعد شهر من سفر رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ إلى برلين للقاء ميركل في وقت شديد الحساسية للعلاقات بين القوى الكبرى.

فترامب يزيد من ضغوطه على بكين لتحجيم كوريا الشمالية التي أعلنت يوم الثلاثاء نجاحها في اختبار صاروخ عابر للقارات أظهر قدرتها على ضرب أي مكان في العالم على حد قولها.

وتهدد إدارته بفرض عقوبات تجارية على الصين في تجارة الصلب في خطوة قد تضر أيضا بالمصدرين الألمان. وفي الوقت نفسه أبحرت سفينة حربية أمريكية في بحر الصين الجنوبي يوم الأحد الأمر الذي حدا ببكين للشكوى من “استفزاز سياسي وعسكري خطير”.

وفي ضوء ذلك يحتاج شي لحلفاء وتأتي ألمانيا على رأس القائمة.

وقد دعا شي في تعليق بصحيفة دي فيلت اليومية الألمانية يوم الثلاثاء لتكثيف العلاقات قائلا إن على البلدين أن يتحملا مسؤوليتهما فيما يتعلق بالسلام والاستقرار والرخاء.

ورغم الترحيب بتوثيق الحوار فإن الحكومة الألمانية قد يكون لها أهداف أقل نبلا.

فقد قال إيبرهارد زاندشنايدر خبير الشؤون الصينية في جامعة برلين الحرة إن الهدف الرئيسي لميركل هو تجميع أكبر عدد ممكن من الحلفاء في قضايا المناخ والتجارة وأفريقيا قبل قمة العشرين ووصف لقاء الزعيمين بأنه “اجتماع تنسيقي” بحت.

ولم يخجل المسؤولون الألمان من انتقاد الصين في عدد من القضايا في الأسابيع الأخيرة بما في ذلك التجسس الالكتروني ومعاملة بكين للناشط ليو شياوبو الحائز على جائزة نوبل والمصاب بالسرطان.

وفي مقابلة مع مجلة فيرتشافت فوخه الأسبوع الماضي أبدت ميركل قلقها من المعاملة التي تلقتها شركات ألمانية في الصين ومن محاولات بكين تأليب دول أوروبية على بعضها بعضا.

وقالت “بكين تعتبر أوروبا شبه جزيرة آسيوية. ونحن نراها بشكل مختلف. ومع ذلك فمن الحقائق أن قطاعات من الصناعة الألمانية تعتمد على الصين. ولذلك نحتاج للتعامل مع المطالب الصينية بطريقة تجلب التوافق والمزايا للجانبين”.

والهدف من حيواني الباندا ومن زيارة تقوم بها ميركل وشي إلى استاد برلين الاولمبي للحديث عن التعاون بين البلدين في مجال كرة القدم هو ضمان بقاء التركيز في هذه الزيارة على ذلك الأمر. (REUTERS)

 [ads3]

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي عكس السير وإنما عن رأي أصحابها